يزن
يزن
منذ أن بدأت التردد على الحلاقين، أي منذ أن نبت شعر في رأسي، و أنا أبحث عن حلاق بمواصفات نادرة، أو الأصح مواصفة نادرة وحيدة، لربما جربت عدد يتعذر إدراكه من أصحاب هذه الحرفة، أو إن شئتم الفن، بحثاً عن من أجد به هذه المواصفة، الحلاق الصامت، أعلم استحالة ذلك أو أنني أدركت استحالة ذلك، لكن، و بالصدفة، عثرت على ضالتي بيزن، يزن حلاق صامت، مرحباً نعيماً، باختصار أو باسهاب هذا جل ما قد تسمعه من يزن، كان ذلك بالنسبة لي، و أنا كاره للفضول اللزج في أسئلة الناس، كان ذلك ذروة مناي، حلاق مبتسم قليل الكلام.
تموضع محل الحلاق يزن على شارع رئيسي خلف بيتي، على ما يبدو أنه كان يُستعمل كموقف لسيارة صاحب البيت المحاذي، ربما استغنى صاحب البيت عن السيارة أو أنها بلغت من العمر عتياً، أقصد السيارة، فما عادت جديرة بموقف خصوصي يقيها شمس الصيف و برد الشتاء، و لم يستبدلها بأحسن منها و لم يحفل بجلب ضرّة لها، نعود إلى يزن، لم يبتدع يزن أساليب قص خاصة أو إضافات لم أعهدها، لم يتابع صرعات الزمان و كأنه تجمّد معي، و هذه صفة ترفع أسهمه لدي، على أي حال و قبيل بداية شهر رمضان الفائت، أغلقت الطريق الرئيسية المارة أمام محل يزن، تحوّل السير عنها فما عاد يطرقها أي سابل أو راكب، يحاذي محل يزن محطة وقود و بعد مسافة قصيرة محطة أخرى، كنت أظن أن القانون يحتّم مسافة معيّنة بين محطة و أخرى، لكن يبدو أن هناك من بقدرته أطال المسافات و بهواتفه أضاف بضع أمتار، لن أدخل في نقاش القدرات الذي قد يطول، و كذلك أغلقت تلك المحطات مضخاتها، ليسوا كيزن فتلك المحطات قادرة على الاحتمال، أغلقت تلك الطريق لانشاء مسرب الباص السريع، رغم أنني أكره كلمة باص و أحب استبدالها بحافلة لكن هذا ما استعمله فطاحل اللغة من بين المسؤولين، انقضى رمضان و جاء العيد، جاء العيد على الجميع إلا يزن و كأنه المتنبي عائد من مصر الاخشيدي، لكن يا يزن كان ذاك عيد الأضحى، لم ينته المشروع العجيب و بقي الشارع ملعباً للأتربة و أصوات الآليات، تلك الآليات التي يبدو أن يزن كان يأمل أن ينزل منها أحد ليحلق عنده، سائقها أو ذاك الذي يقود المركبة التي تزودها بالوقود أو حتى ذاك المهندس الذي يمتطي صهوة سيارة تحتوي لوحة أرقامها لطخة حمراء، ما من أحد دخل محل يزن، و انقضى العيد و مازال يزن ينتظر العتق، حتى الحافلة أو الباص سيكون سريعاً جداً بحيث أن أي من راكبيه لن يرى محل يزن أو يزن نفسه لسرعته لن يراه.
يزن التزم طوال سنوات بترخيص محله و دفع الرسوم، و التزم كذلك بدفع ما عليه من ضريبة إن وجدت كونه يسعى وراء تحصيل خبزه كفاف يومه، و لم يتأخر بدفع فاتورة المياه كونه لن يعمل من دونها، أقصد المياه، لكن الآن يزن يعاتب نفسه على كل قرش دفعه و كأنّه غرر به، لن يحميك شيء سواء عليك إن التزمت أم لم تلتزم، يزن لا يفكر بانقلاب عسكري، يأتي كعرض مسرحية هزلية في مساء يوم العطلة لسويعات و ينتهي مضيفاً مبررات لفرض شيء ما نسج في الليال الحالكات و بالتأكيد ليس علم و ما نسجته الأمهات، يزن لا يفكر بعصيان و لا مظاهرة و لا لقاء على فضائية، يزن يفكر بخبز غد.
منذ أن بدأت التردد على الحلاقين، أي منذ أن نبت شعر في رأسي، و أنا أبحث عن حلاق بمواصفات نادرة، أو الأصح مواصفة نادرة وحيدة، لربما جربت عدد يتعذر إدراكه من أصحاب هذه الحرفة، أو إن شئتم الفن، بحثاً عن من أجد به هذه المواصفة، الحلاق الصامت، أعلم استحالة ذلك أو أنني أدركت استحالة ذلك، لكن، و بالصدفة، عثرت على ضالتي بيزن، يزن حلاق صامت، مرحباً نعيماً، باختصار أو باسهاب هذا جل ما قد تسمعه من يزن، كان ذلك بالنسبة لي، و أنا كاره للفضول اللزج في أسئلة الناس، كان ذلك ذروة مناي، حلاق مبتسم قليل الكلام.
تموضع محل الحلاق يزن على شارع رئيسي خلف بيتي، على ما يبدو أنه كان يُستعمل كموقف لسيارة صاحب البيت المحاذي، ربما استغنى صاحب البيت عن السيارة أو أنها بلغت من العمر عتياً، أقصد السيارة، فما عادت جديرة بموقف خصوصي يقيها شمس الصيف و برد الشتاء، و لم يستبدلها بأحسن منها و لم يحفل بجلب ضرّة لها، نعود إلى يزن، لم يبتدع يزن أساليب قص خاصة أو إضافات لم أعهدها، لم يتابع صرعات الزمان و كأنه تجمّد معي، و هذه صفة ترفع أسهمه لدي، على أي حال و قبيل بداية شهر رمضان الفائت، أغلقت الطريق الرئيسية المارة أمام محل يزن، تحوّل السير عنها فما عاد يطرقها أي سابل أو راكب، يحاذي محل يزن محطة وقود و بعد مسافة قصيرة محطة أخرى، كنت أظن أن القانون يحتّم مسافة معيّنة بين محطة و أخرى، لكن يبدو أن هناك من بقدرته أطال المسافات و بهواتفه أضاف بضع أمتار، لن أدخل في نقاش القدرات الذي قد يطول، و كذلك أغلقت تلك المحطات مضخاتها، ليسوا كيزن فتلك المحطات قادرة على الاحتمال، أغلقت تلك الطريق لانشاء مسرب الباص السريع، رغم أنني أكره كلمة باص و أحب استبدالها بحافلة لكن هذا ما استعمله فطاحل اللغة من بين المسؤولين، انقضى رمضان و جاء العيد، جاء العيد على الجميع إلا يزن و كأنه المتنبي عائد من مصر الاخشيدي، لكن يا يزن كان ذاك عيد الأضحى، لم ينته المشروع العجيب و بقي الشارع ملعباً للأتربة و أصوات الآليات، تلك الآليات التي يبدو أن يزن كان يأمل أن ينزل منها أحد ليحلق عنده، سائقها أو ذاك الذي يقود المركبة التي تزودها بالوقود أو حتى ذاك المهندس الذي يمتطي صهوة سيارة تحتوي لوحة أرقامها لطخة حمراء، ما من أحد دخل محل يزن، و انقضى العيد و مازال يزن ينتظر العتق، حتى الحافلة أو الباص سيكون سريعاً جداً بحيث أن أي من راكبيه لن يرى محل يزن أو يزن نفسه لسرعته لن يراه.
يزن التزم طوال سنوات بترخيص محله و دفع الرسوم، و التزم كذلك بدفع ما عليه من ضريبة إن وجدت كونه يسعى وراء تحصيل خبزه كفاف يومه، و لم يتأخر بدفع فاتورة المياه كونه لن يعمل من دونها، أقصد المياه، لكن الآن يزن يعاتب نفسه على كل قرش دفعه و كأنّه غرر به، لن يحميك شيء سواء عليك إن التزمت أم لم تلتزم، يزن لا يفكر بانقلاب عسكري، يأتي كعرض مسرحية هزلية في مساء يوم العطلة لسويعات و ينتهي مضيفاً مبررات لفرض شيء ما نسج في الليال الحالكات و بالتأكيد ليس علم و ما نسجته الأمهات، يزن لا يفكر بعصيان و لا مظاهرة و لا لقاء على فضائية، يزن يفكر بخبز غد.
Published on July 21, 2016 07:31
No comments have been added yet.