ملك .. لا تنامي !!
تلك الصغيرة لا أحتاج أخبرها أني بها معجب.
ملك : أيتها الصغيرة . معك تصدُق كليشيهات الطفولة البريئة . فات وقت التعارف ، لكن لنبدأ من جديد .. أنا خالك . ستحكي لكِ أمك يوما – إن لم تكن فعلت – عن وقائع زواجها من أبيكِ، و ستذكرني رغما عنها. و على حسب مزاجها وقتها ، لتظهر لك في صورة الضحية ، أو بطلة الفيلم الرومانسي . هكذا هي أمك ، و كذا جدتك ، يعشقون الميلودراما و التراجيديا و النواح .. اعتادي على الأمر . ان كانت حكت يا صغيرة ، ماذا قالت ؟!عجيب مني استنطاقك يا صغيرة ، و أنت بعد لم تتعلمي ميكانيكا الكلام .فقط أرادت الأقدار ان ألعب دورا ، أجني به عليكِ ، أن أكون سببا في وجودك . لنرضى بهذا
ملك : لا أملك خلاصة الحكمة لأمررها إليك . أو حتى ان أنسج لكِ حكاية ما قبل ما النوم . لكن لسنِّك الصغير و جهلك ، ربما تعجبك هرتلتي ، يمكنني تمويع الكلمات و تحريك يداي، و رسم تعبيرات ساذجة بوجهي : ألعّب حاجباي و أمط بوزي لأكسب ضحكتك .. سأقول كلاما موهما عن النهر القريب من بيتنا و قصر جزيرة المنتصف ، و الأميرة فيه تنتظرني أنا خالك / الشاطر جمعة .. يمكنني أخذ نصيحتك: كيف أعبر المخاطر لأصل لها ؟! سأعطيك الخيارات : ( تمساح مجنح عليّ تدريبه بموسيقى تشيللو أو بيانو – زرافة عنقها في السحاب ، و خالك يخاف المرتفعات – صقر مرقط تلزمني تعويذة تجعلني في حجم عقلة الإصبع لأمتطيه – فيل صخم لا يبقى و لا يذر، و أخاف أن يهشم قصر الأميرة - أو يمكنني أن أزرع فوق السطوح عريشة تعبر النهر القريب منا ، كل ما عليّ أن أخسر كيلوجرامات من وزني لتحملني باتزان و لا تنكسر ) .. ملك : بما تشورين عليّ ، أفيض عليّ من قاموس كلماتك الصغيرة ( بس : تنهرني و تهبر جزء" من وجهي – ماما : تستدعين امك لتخلصك من صحبتي ) سأصحبك لمن تريدي وقتما تشائي .. لست حمل مسئوليتك . سأحايلك قليلا بعشم في الخروج وشراء ( البو و المم) و ستصدقين ، أناديك: (يا بقرة ) فترددينها بغنة فيها جمال الدنيا ، أطلب بوسة فتوهبيني ثلاثا . تدّعي أمك ان صحبتي لا تعلمك إلا الفساد ، الألفاظالخارجة (بقرة) و قلة الأدب ( البوس ) .. و أنا من علّمك الأثنين.. و البقية تأتي .
ملك : خالك يا صغيرة لا يجيد فنون الحياة ، لم تعد لي موهبة مميزة ، صوتي ضائع لازلت أبحث عنه .. لست ذلك الفتىالقديم .. لم أعد اكتب الأشعار و أردد الأبيات .. لم أعد أردد أسماء الكتاب و أستعرض سيرهم و آرائهم.. لم يعد هناك جدوى يا صغيرة ، في النهاية لاشيء : العبث هو الحاكم بأمره . كُرت بكرة الخيط ، و ظهرت كرتونة القلب ، تكفي قطرة ماء أو دمعة لتتداعى .. النهاية: استسلام ، سأصبح فردا ضمن القطيع ، و ليس على أن أختار أي قطيع سأنتمي إليه .. قبعة التصنيف حملت عني العبء و اختارت من سنين .. قوانينه محددة سلفا ، سألتزم بها ، و بجهد ما – قد لا أبذله – سأخرج معطيات تخصني في هذا العالم الجديد ، أشارك بها من سبقوني على ذلك الدرب .. و بنفس القوانين المتأصلة سلفا سأصل لبرهان أو حل لمعادلتي .. لا يعنيني التفكير فيما فكر فيه غيري من قبل لأصل لنفس النتيجة ، مادامت الآليات واحدة .. كأني أنتهيت يا صغيرتي ، و وزني زاد .. في الظاهر أهتم و دائما لا أعقب و فقط أقول ( خير خير ) .
ملك : ماذا يخيفك مني ؟! روح غرفتي الجامدة .. منظر الكتب المتراصة في كل مكان ؟! يوما ما يا صغيرة كانت أبسط من ذلك . كانت تحوي مصحفا و كتبا أقل ، و ملصقات نزعتها جدتك / أمي بغل ، غضبا من الله الذي (أوردنا المهالك) ، أو غضبا من نفسها لأنها لم تلجمني كما ينبغي .. ماذا يخفك مني الآن ؟ّ لحيتي ؟! لمعات شعري الفضية ؟ شكوى أمك و جدتك و جدك مني ؟! أم أنك ورثتي كراهية أبيك لي ؟! ربما تعايرني مثله في المستقبل بأنه هو من أخرجني من السجن ( رد السجون خالك ) ، و ربما وقتها ستحقق نبؤته عني و أصبح فاشلا كما أدعى .. ربما لن تشتري لكِ أمك / أختي فستان أبيض ، تقفين به وصيفة – بعد عام أو عشرة – في فرحي . ربما لن يحدث ذلك كله لكذب النبوءة .. أو ربما لن تكوني وصيفة لأنني وقتها لن أحتاج أميرة .ملك .. لا تنامي .. هناك آخر يشبهني .. ما داموا لن يشكّوا بأمره، سيحمل عني كل شيء و يقوم بالخطوات نفسها .. في العالم متسع لجمعة آخر .. في العالم بقايا من حنين ..
ملك هذا النص ليس محاولة لتبرير شيء.. أو وسيلة للتعاطف أو رثاء للذات .. أو ادعاء اني لي حق فيكِ . لن أدعي حق فيك .و سيبقى هذا الكلام لن يقرأوه/ يهتم به أحد .
Published on August 19, 2012 19:29
No comments have been added yet.


