محمود ياسين's Blog, page 4
March 19, 2015
لليمن كلمته الأخيرة
محمود ياسين
بتاريخ 8 يوليو 2014 حسناً: ننتظر حتى يتبلور موقف وطني متكامل لردع الحوثي متى؟ وهل يملك يمننا ترف الوقت بينما يحاول الحوثيون باستماتة دخول عمران؟
اشتراطات الحداثيين مكلفة في وضع كهذا، وكأنه علينا التواطؤ فقط مع حركة عمياء تسعى للانتقام من كل يمني عقاباً للشعب الذي ظن نفسه منذ سبتمبر مساوياً لهم مظلمتهم، هذه هي المساواة، والآن تسمع القهقهات المستعجلة وقد توهمت نصراً وشيكاً يقدمه لهم الخونة.
سفير النوايا الحسنة يكتب: لا بد من صنعاء، وهناك من يقول سنفطر على مدفع جبل ضين وآخر يقهقه انه أخيراً عاد الحق لأهله، أقول لهؤلاء: تعجلتم في إظهار هذا الفرح بالوهم وأفصحتم عن المضمر وفجرتم المنازل والمساجد ولم تتوخوا الحذر، اذ أيقظتم في نفوس اليمنيين ردة فعل لن تبقى كثيراً في النفوس.
دفعتم الوجدان اليمني لملامسة الطائفية ولن تعطيكم اليمن مصيرها فقط لأن هناك من يكره الاصلاح وبيت الأحمر وعلي محسن. لن نمنحكم الجيش تنتقون منه الوحدات التي تتعامل معكم، وأقول لكل يمني: هذه بلادنا وبيتنا ندافع عنه ونردم تصدعاته بما تبقى لدينا من إرادة حياة.
اليمن: القطار الذي سيدهس في طريقه أي تهديد وأي خيانة وأي خيار اقليمي أو أمريكي يسعى لتشتيته والزج به في صراع الجماعات، ندافع عن بلادنا دون حرج من وجود جماعة ودون عبء قبلي ودون انصياع للعبة هي أقرب للخيانة منها للسياسة.
ما يحدث لن يفضي لتمكينهم من عنق اليمن لكنه سيخدش وجدانها بعد ان يقوم الجيش بمعاقبة الخونة وسيفعل، وستترك هذه الحرب جرحا ًعميقاً لكنها لن تفضي لانتصار الوهم، ذلك ان اليمن حقيقة جوهرية وستعاقب ذات يوم أجهزة الاستخبارات الإيرانية والسعودية التي تستثمر فائض أسعار النفط في ترخيص الدم اليمني. يوماً ما ستندم العمائم والعقالات المقدسة عندما يلتفت لهم اليمنيون وقد فرغوا من تنظيف البيت من القوارض.أربعة آلاف عام من الحضارة لن تقع هكذا تحت تصرف المغامرين.
***يراهنون على الموجة وأخبار الانتصارات الوهمية التي يمكن اختصارها في تسلل مجموعة حوثيين لحارة في عمران. اليأس هو ما سيمكنهم من عنق اليمن والتصرف بمصير هذا الشعب. وأياً يكن ما يقدم عليه هادي يمكنكم إدراك النواة الصلبة الممثلة بإرادة اليمنيين الرافضة للوقوع بقبضة جماعة بدائية مسلحة تتفوق رموزها على بقية رموز الفساد والقوى التقليدية باحتكارها للصلف السلالي، ذلك أن أسوأ سيئ في رمزيات القوى التقليدية لم يدعِ يوماً انه كان حيواناً منوياً مقدساً.
لا شأن لنا بغير القادم الذي يتوهم أن بوسعه دوس هويتنا الوطنية واستبدالها بصفوية الحق الإلهي، وبذريعة أننا لم نتمكن من التخلص من رموز أمراضنا القديمة فجاءت تتهددنا بالمرض الأقدم والأكثر فداحة وكلفة. هادي وكأنه (كما يقول هائل سلام) يكرس هويات مشروع الأقاليم بحروب طائفية وكأنه يفصل لكل إقليم هوية واقعية محسوسة عن طريق الحرب الطائفية او المناطقية كنوع من استخدام الحرب في نقل ما هو «نظري»في مشروع الأقاليم إلى «واقعي» تجعله الحرب متحققاً تماماً.
لليمن على كل حال كلمته الأخيرة المتجانسة مع هوية وطنية جامعة تشكلت بفعل الوجود السوي وستفصح عن نفسها مبقية على هذا كله في الذاكرة ينبهها كم أنها كانت قريبة من الخطر.
Published on March 19, 2015 03:17
ما فات شيء بعد
محمود ياسين
بتاريخ 9 يوليو 2014عندما يكتب المؤرخون العسكريون عن حرب عمران سيقولون ان الجيش انتصر او هزم هناك وليس حميد الأحمر او الإصلاح او حتى حميد القشيبي. وعندما يراقب العالم قوافل اللاجئين من همدان وعمران سيفكر هذا العالم انك الرئيس الذي تخلى عن مسئوليته تجاه مواطنيه وليس المشترك من تخلى.
صمت الدكتور ياسين يفصح عن اضمحلال النخبة السياسية والتاريخ الحزبي قد يعاتب الدكتور، لكن صمتك يشي باضمحلال الدولة وسيحاكمك التاريخ بقسوة. حكم التاريخ على الزعماء يعتمد القسوة وليس العدالة، وأي عدالة أصلاً قد تعفيك من رائحة الجثث والأطراف في أفواه كلاب شوارع عمران؟
وصلنا معك لمرحلة الكراهية، ولم نعد نقوم بما هو أكثر من الندم لكننا لا نملك الآن ترف معاداتك والمطالبة برحيلك، ليس لأنك جيد ولكن لأن وضعنا سيئ.
على كل الذي حدث ورغم خيبة الأمل فيك يمكنك التصرف وفقاً لمبدأ انه ما فات شئ بعد. لا يزال الجيش قادراً على إعادة الأمر لأصله ولا تزال اليمن قادرة على البقاء واقفة بوجه العواصف، والناس سيدافعون عن هذا البيت فكن حيث ينبغي لك أن تكون.
ثمة قادة كريهون استيقظوا آخر المطاف واستعادوا أهليتهم وشرفهم العسكري والسياسي.
ما فات شيء بعد.
Published on March 19, 2015 03:15
القاهرة
محمود ياسين
(صحيفة الأولى 7 مايو 2014)اشتقت للقاهرة. مرة واحدة ولم تكن كافية تلك المرة، وكنا مجموعة صحفيين أنزلونا فندق دار المدرعات (وكأننا في دورة صاعقة).
تذكرت شوقي للقاهرة الآن، بسبب رسالة من نائف حسان يقول من القاهرة:
يا محمود، هل وجدت ما وعدك ربك حقا؟
لا أدري ما الذي يرمي إليه صاحبي، لكن الملفت أن الأماكن ترسل إلينا تساؤلا مرحا من صاحب ربما يتجول الآن في الحسين، ويجهد نفسه في التحديق إلى المقتنيات الأثرية هناك، وكأنه سائح من الدرجة الثانية.
كنا نتجول بين دار المدرعات ومبنى "الأهرام"، نتثاءب كأي موالعة يفكرون في الرازم الذي سيأتيهم في ليل المدرعات الطويل، كان أحدهم يترجل من الباص بباب "الأهرام"، ويغازل الفتيات هكذا: تدرسي؟
وفي المساء، بين شارع عدلي والهرم ومدينة نصر، حيث مقر الفرقة، وقريبا من قصر البارون، وهو يوحي في المساء بالغموض الفاتن من واجهته القوطية التي تنبعث منها تلك الانطباعات المكونة لديك من قراءاتك عن قصور أباطرة الشر الأوروبيين، وللدرجة التي تكاد تلمح في العتمة رداء درايكيولا معلقا في إحدى الشرفات.
في شارع الهرم قام أحدهم يرقص مع الراقصة، ففضحنا، وكأنه يلاحق "عردان"، وجاءت الراقصة وإلى جوارها الصوت المحمس، يهتف: اليمن، الجدعان، بلقيس، صنعاء.. رقصني يا جدع.
وإحنا مبزمين، ولا رجمنا بفلس، بينما كانت ذات العملية تمت قبلنا في الجهة الأخرى، حيث يقبع السعوديون بعقالاتهم ودولاراتهم المتطايرة. قلنا لأنفسنا: مسألة نفط.
يعلم الله كيف تكون القاهرة الآن؟
أتمنى فقط لو أجد المصريين في حال زرتها، وقد تخففوا قليلا من ولعهم التاريخي بتسمين المؤخرات، إذ كان ضابط الجمارك في المطار لا يكف -وأنا جالس أنتظر الجواز- عن التقاط شيء يسقط منه على الدوام، ومؤخرته كأنها تتعمد استعراض وجودها المتعسف أمامي مباشرة، فيثقل علي الانتظار أكثر.
هذه المرة، لن أعلق في القاهرة، إذ إنه من الباعث للشغف حقا زيارة أستاذك في صف ثاني ابتدائي طه أحمد محمد حسب النبي، المنصورة، جديلة.
المدرس الذي أخبرني خلسة أن أصل الحضارة المصرية يمني، وربما لم يكن ذلك دقيقا تماما، غير أن الأستاذ طه كان اشترى لنا من إب مجموعة القصص الأثيرة، ومنحني أول قصة، والتقط لي صورة بأول بنطلون في حياتي، ولم تكن مؤخرته ملفتة بأي حال.
Published on March 19, 2015 03:06
جيشنا
محمود ياسين
(صحيفة الأولى 3 مايو 2014)
كان الحرس الجمهوري زهرة الجيش اليمني. وكان حظي بالرعاية والإنفاق الجيد، بوصفه القوة الضاربة التي انتخبت من جسد القوات المسلحة اليمنية، باعتبارها قوة مفارقة لقوى الدولة المتشعبة. وكان الحرس هو الحرس الحديدي لمشروع عائلي مفارق.
ما ضرهم لو اكتفوا بتبديل القائد، وإبقاء القوة الضاربة، وقد تبدل ولاؤها، وانتقل من حماية مشروع نخبوي داخل النظام السابق، إلى ولاء وطني بقيادة وطنية غير متورطة مع أي طرف؟!
لكن القائد الأعلى الجديد والإصلاح وعلي محسن، وبمباركة بقية القوى، راحوا يفككون زهرة الجيش اليمني، تحت حمى هاجس حرب الاسترداد.
يبرر بعض المتحمسين لتلك العملية الفادحة، بأن قادة فصائل الحرس أو بعضهم ظل يحمل على صدر بدلته العسكرية صورة أحمد علي، دون أن يدرك أي من حاملي المفكات أن مشاعر العرفان تبقى بعد رحيل القائد، لكن الولاء إن لم يجد طريقا للانتقال إلى حضن الوطن، فإنه سيتفكك هو الآخر مع تفكك الكتلة العسكرية تلك، ويضمحل هذا الولاء أثناء محاولة المفككين اقتسامه، أو تحويل موارد تلك القوة لوحدات أخرى مضمونة الولاء الشخصي أو لمجموعة، أما الولاء الوطني فقد قايضه الجميع في سوق الزمن الجديد.
الآن، لدينا بلد هو بيتنا الذي يتصدع، وعلينا ردم تصدعاته بما تبقى لدينا من رجال شرفاء في نواة الجيش المهلهل.
كنا وصلنا لمرحلة حماية الجيش. وكانت مرحلة مقلوبة المهام، إذ أمسى علينا البحث عن جيش يحمي الجيش.
كان الميري تحول في الذهن الجمعي، من صورة الحارس، إلى صورة الضحية.. ومن الظهر الحامي إلى المطارد الذي يستحق الشفقة الشعبية.
الآن، يخوض جيشنا معركة استرداد كرامة الكاكي ومهابته، وهو يقوم بمهمته الأساسية بوصفه حارسا لاستقرار وسيادة البلد.
لقد تخثرت مؤخرا تلك الصورة الرومانسية لفكرة القائد، وكنا مررنا بتجربة إنكار ثقافي مدني لحضور البيادة ووطأتها على الحياة، ولم نكن نتوخى الحذر لندرك الفارق بين بيادة القمع وبين الجيش الوطني.
كنا نقرأ باستلهام منتشٍ، حكايا أباطرة المحاربين، في مرويات الشرف العسكري الياباني تحديدا، أو أنه الأكثر قدرة على انتزاع التقدير الرومانسي لنهاية الرجال الشجعان، وأصابعهم على الزناد، حيث القائد الذي يحمي الجند أثناء حماية الفيلق لرمزية الوطن، لكننا خسرنا تلك المآثر أثناء تعاون الجميع بعد الثورة، على تبديد كتلة ورمزية جيشنا.. الإصلاح والرئيس والقادة أنفسهم الذين ليس من بينهم واحد قرأ واستلهم مرويات القادة العظام.
لكن الآن، جيشنا يجابه القاعدة، ويستعيد شيئا من الذي فقدناه.
Published on March 19, 2015 03:01
May 8, 2014
صوت مزعج يسبق العربة
محمود ياسين
ليس الأمر جدلاً ولا فرد عضلات لغوية، إذ يتخطى الأمر إفحام مبشر بمدنية عربة ديناميت، ناهيك عن أنه لم يعد هناك من رغبة ولا أمل في لفت أحد المسوقين للمليشيا بوصفها البديل الأمثل للتردي الذي نعيشه، ذلك أن وسيط العنف، وإن تحلى ببعض اللباقة، يبقى اختباراً لأخلاقنا العامة، ويمسي التعاطي معه كأنه محاور في ندوة، وكأنه إقرار لوضعيته الطامحة والتخلي الطوعي له عن الحق الأخلاقي، ليستخدمه هو كغطاء لافتقاره للضمير، لا ننتظر وسيطاً يخفف لنا الهواجس، وما يقال عنه المخاوف من الحوثية، فكلمة مخاوف هذه تصلح كتعريف للقلق من نزعة مرشح رئاسي ينتمي لحزب متطرف قد يفضي وصوله شخصياً، أو وصول حزبه للحكم عن طريق الانتخابات، إلى تورط البلد في سياسات، ونظم وتحالفات دولية متطرفة، وتلك الحالة هي التي يمكن تعريفها بكلمة مخاوف، على غرار مؤشرات صعود بعض أحزاب ورموز اليمين في بعض الدول الأوروبية، عن طريق الانتخابات. أما أن يتقدم أحدهم مليشيا مسلحة بلا رغبة تذكر في ممارسة السياسة، ممسكاً بميكرفون، ومناغماً صوته التبشيري بين صوت منادي فتوح المدن، وقد سبق خيل سيده إلى الأزقة، مبشراً ومحذراً، ليجرب بعد قليل صوت منشد، ثم صوت حداثة، ليطمئننا أن مخاوفنا ليست كما نحسها تماماً، وأن تلك المخاوف قيد البحث باعتبارها حالة تفهم من المنتصر لهواجس بعض المهزومين المتعلمين، يهجس الحقوقي الليبرالي الأوروبي بالثمن الذي قد تدفعه الحياة المتحررة لصعود جماعة ذات نزعة يمينية، أو يشتبه بتورط بعض رموزها في ممارسات عنصرية، وتحدث الانتخابات متزامنة مع تلك المخاوف. أما أن يتحدث أحدهم عن مخاوف متفهمة، وخلفه رتل مجنزرات وجحافل بوازيك، وهدف حكم معلن، فهذه ليست مخاوف، بقدر ما هي حقائق مروعة غير قابلة للتخفيف، أياً تكن حذلقة المنادي.
عوضاً عن العربة والديناميت والحق الإلهي، هناك نمط الأمن المليشاوي في إدارة صعدة، تصلنا التفاصيل تباعاً حد تفتيش التلفونات بحثاً عن أغانٍ، وما شابه من أنشطة قمع مرتجلة، وصل بها الأمر حد القبض على شاب بتهمة أنه يتجول مستثاراً في حالة انتصاب عضوي، وعندما تدخل البعض طلب حراس الكبت ضمانة بعدم تكرار هذه الجريمة. ومن غير القمع يضمن الانكفاء لأشكال الحياة الفطرية؟
لا أحد يجرؤ على رفض عدالة السيد علانية، حتى وهو يتذوق مرارة كرامته المهدورة، ونكهة الرهبة والفولاذ، الإذلال حماية قوة عمياء ترنو للكرسي بمذهب الإمام زيد، وتقمع الحياة بمزاج محمد بن عبدالوهاب.
لا أظنني أملك فائض الوقت لتبديده في مجادلة فتى متقافز يعتقد مؤخراً أن تقدم المليشيا الحوثية تعني أنه يتقدم ككاتب.
بروز الحركات يصاحبه ظهور مسوقين محظوظين أمثال البخيتي الذي سمعت مؤخراً أنه اشترى كتاباً كاملاً لمحمد حسنين هيكل، وراح يذاكره بنهم، ليرد على نائف حسان بأسلوبه المتمرس في إدراك مؤلفات ماركس، ملفتاً عناية الدكاك إلى أن الماركسية شيء آخر غير إعلان الموت لأمريكا. البخيتي انتهى من كتاب هيكل بكتابة رد يدور حول جملة مخاوف قال إنها مخاوف مثقفين، وقد بدت له مشروعة بعض الشيء بوصفه حوثياً متنوراً، لاسيما وقد قرأ كتاب هيكل.
ذكر منها الغناء الذي تحرمه الحركة، ومخاوف بخيتية أخرى من ذلك النوع الذي يجيد الوسطاء حصره بين السلاح والحداثة. المنادي لا يقرأ، وهذا ليس عيباً. وكون البخيتي يتعالم في الحرب، وتعرض البلاد لاختبار العنف، فهذا مزعج نوعاً ما، قد نبتسم للبخيتي بوصفه المهزلة وقد كرست نفسها لدور تاريخي.
أصبح يعاملنا كزملاء، ومن حق أي كاتب أن يمنحنا زمالته بقدرته على الكتابة، فالناس سواسية، لكن هناك كتاباً، وهناك بخيتي قرأ كتاباً لهيكل، اجترح بعده مقالة تاريخية وكأنه فرغ للتو من قراءة "بغية المستفيد".
علي شجاع جداً، إذ يكتب بدأب، ويتعالم، ويرتدي كرافتة، ويطمئننا أن السيد سيسمح لنا بالأغاني. شجاع تلك الشجاعة التي تتفاقم أحياناً بسبب من انشغال الناس، وتصل إلى درجة المفراغة، وإحداث جلبة في غير وقتها.
يتحدث في صدفة جمعتني به في مقيل، عن "نحن المثقفين"، يمزج حذاقة ابن المهرة بتسامح آخر المقيل تجاه الترهات، ويقدم ترهة فيها "علم"، وفيها أيضاً قلة عقل، ويضع عليها ملصق "السيد"، ومن طلب الله ما رجع فاضي. أصادف أصواتاً منحازة قليلاً أو كثيراً للحوثية، ويجادلونك ببراعة من أمضى وقتاً برفقة الكتب، ويظل منطقهم متماسكاً بجهد الخبرة والمعرفة، وليس بصواب ما يدافعون عنه، وذلك يتطلب من أحدنا جهداً صادقاً واحتراماً لهذا الجدل الذكي بعض الشيء.
أما علي، فيتقنفز حد أنه مؤخراً، وبنبرة لا تخلو من سيئة، أشار إلى أنني أخاف من الحوثيين على حياتي. اهدأ يا علي، البلد يختبر تحديد مصير ووجود، ولا وقت لعروض الفتى الحاذق. البقية أكاذيب يصبح الرد عليها مكافأة صوت مزعج بأخذه على محمل الجد. أما تاريخ مغادرة الدكتور ياسين لليمن، والذي قال عنه البخيتي إنه غلطة تاريخية أوردتها أنا على أن المغادرة ليست في 94 تحديدا، فلربما يذكرني هذا بالمثل الصيني: "عندما تشير للقمر يحدق الغبي في إصبعك".
Published on May 08, 2014 09:10
عبدالكريم
محمود ياسين
فاض كيل عبدالكريم الخيواني من تصبره على التواجد بشخصية الصحفي الحقوقي، والتي كانت مؤخرا تحولت لعبء يضغط على مضمر هويته وجوهرها، فأعلن البارحة بلهجة "شل قرشك تعبت"، أنه هاشمي يناضل لاسترداد حقوق عائلية بضمانة سلاح الحوثي، هكذا صراحة قالها "لكل ضمانته". ولقد تبين من إعلان البارحة أن الخيواني لا يمكنه تعريف نفسه بوصفه يمنيا ينشط في مجال الصحافة والحقوق، ولكن بوصفه هاشميا. تحدث هكذا صراحة عن مظلمة الهاشميين، في سياق متعجل يحصر هذه المظلمة في "استبعادهم عن حكم اليمن".
نحن كنا نظنك زميلنا، وكتبنا حتى وقت متأخر عنك، وفقا لهذا الظن، ولم نكن ندرك أنك من أيام "الشورى"، تضمر هذا الذي أعلنته البارحة من كونك هاشمياً يعلن بلا حذر اصطفافا عائليا لا يريد اليمنيون أن يكونوا بمواجهته سلاليا ولا طائفيا، بقدر ما هم ملزمون بالدفاع عن هويتهم بوصفهم يمنيين، وليسوا سنة يقدمون وطنهم هبة اعتذار لعائلة أقصيت عن الحكم.
يتساءل عبدالكريم: "ماذا لو رشحت نفسي للانتخابات؟"، ويضيف: "أو أي هاشمي آخر؟". يجيب على نفسه أننا سنحرمه من ذاك الحق بتهمة نية عودة الإمامة. كان لدي إجابة ما، وهي أننا سنناديه لو فاز في الانتخابات "سيدي الرئيس"، كما ينادى أي رئيس حظي بثقة الشعب، بوصف اللقب بروتوكولا مستحقا، وشكلاً من التهذيب مع ممثل إرادة شعبية يعطى هذا لأنه اتكأ على حق المساواة، وليس الميراث.
هو قد أسهب في حديثه عن الظلم الذي تعرضت له "الزيدية "و"الهاشميون"، دون أن يجد الحس الحقوقي والوطني الكافي لأن يخطر له ما الذي سيقوله المسكين في تهامة إزاء هذا النوع من التظلم الأرستقراطي الذي يفصح عن مفهومه للعدالة باعتبارها منحه الحق والتفهم الكامل لأية طريقة ينتهجها لاستعادة الكرسي، وليس لاستعادة إنسانيته المهدورة.
مناقشة تعرض الزيدية للظلم، تبعث على الدهشة من حيث المبدأ، وكيف تشرح لعبدالكريم أن الزيدية القبلية هي من أقصت الزيدية الأصولية العائلية عن الحكم، وليست الحركة الوطنية من قام بذلك، وليس هذا رجاء وطنيا أن يعفينا عبدالكريم من ثأريته المندفعة الآن بوهم الظفر والتمكين الوشيك، ولكنها حقيقة ما جرى في هذه البلاد التعيسة، وربما عليه أيضا إدراك أن ما تقوم به حركته من تمدد في المنطقة المركزية، هو استراتيجية من يحاول إعادة موضعة المنطقة المركزية بوصفها مركز الغلبة والحكم بهذه الغلبة، وليس بالصناديق.
لا أدري، إضافة لكوني مفجوعا بكل الأيام التي قضيناها أمام زنزانة عبدالكريم، يخبط أحدنا رأسه على القضبان، استياءً من اعتقال زميل نتلمس في خفقات قلبه وجيب القلب الإنساني الحقوقي، والذي فيه من روح غاندي ومارتن لوثر كنج، ولم نكن ندري أننا نبكي مظلوما هاشميا يرى في كل منا أبا مسلم الخرساني.
حتى إنني كنت أمازحه أحيانا في حال اتصلت من رقم تلفون لا يعرفه، قائلا:
معك الأشتر النخعي..
ونضحك مما نظنه تحويل تهم علي عبدالله صالح، إلى مفارقات. ولم نكن نعرف أن المفارقة كانت حقيقة أفصحت عن نفسها الآن بهذه القسوة. هل لهذا الإفصاح علاقة، إضافة لراحة "كن أنت"، هل له علاقة بحمى منافستك للبخيتي مثلا؟
في لهجته بالمنشور الأخير عتاب، امتلك عبدالكريم الانفعال الكافي ليعاتب، وكأننا نحن الكتاب الذين قاسمناه التشكيك في دوافع حروب صعدة، بدافع من رؤيتنا لعلي عبدالله على أنه شر محض، وكأننا نحن من خان شخصية المثقف الحقوقي المنحاز أصلا للإنسان المحروم من حقه في المواطنة، وليس هو الذي حدد مؤخرا انحيازه لإنسانية الهاشمي ومظلوميته الأرستقراطية، بوصفه استبعد عن الحكم، وأصبح من حقه الآن استعادته بضمانة سلاح الحوثي.
من خان الآخر يا عبدالكريم؟
نحن نكتب بضمانة من التزامنا كيمنيين، وبشجاعة قلوبنا التي تتعرف الخطر، لكنها لا تخافه، ولا أدري من أين أتيت بالإشارة إلى أننا بصدد خوف شخصي.
أما أنت، فتسوق بمنشورات متعافية عائليا، تسوق لأمراض، وبضمانة من وهم التمكين الذي يضللك، ويدفعك أخيرا لأن ترتاح من عناء احتمال شخصيتك الحقوقية التي أرهقتك طويلا، مثل من يرتدي بنطلوناً ضيقاً، لتظهر الآن مستريحا في قميص التمكين العائلي.
لسنا سنة يا عبدالكريم، وإذ نستشهد بإقصاء الزيدية القبلية للزيدية الأصولية العائلية، فتلك شهادتنا كيمنيين نرجو وطناً تحكمه الديمقراطية، وليس محصلات الغلبة بين فئات منطقة الغلبة.
نحن يمنيون.
واليمن الجمهوري لم يحصركم كعائلة منفية، فلا تبشر بهذا الفرز البغيض.
سؤال يا صديقنا الذي كان:
ما الذي تعنيه عندما قلت: وعندما رشحنا مقبل في انتخابات 99، قالوا بطنين.
من قال هذا؟ ومن رشح مقبل؟
ما يتبقى من المنشور أكثر، هو رسالة تقول فيها: نحن الهاشميون، وحقنا استعادة الحكم، ولدينا ضمانة الآن.
من يجد الآن الاكتمال الأخلاقي وحس العدالة الكافي وتسمية ما حدث العام ١٩٦٢ على أنه مظلومية الهاشميين بعد ثورة سبتمبر؟
كيف يمكن لأحد الآن، وهو يرى اندفاعة مسلحة تتظلم بتجاوزات ما بعد ثورة سبتمبر، ومصادرة أراضٍ، لكنها لم تكن مذابح ضد الهاشميين، عقب ثورة وجد الناس فيها هويتهم، وارتجلوا أهازيج متهكمة ضد السيد اللقب، بما يمثله من علاقة طازجة بحكم لم يكن اليمنيون يجدون فيه كرامتهم؟
هل سيقول أحد هنا: أنت إذن كنت تريد مذابح ومشانق ضد الهاشميين؟
لا، وما حدث من تجاوزات السنوات الأولى عقب سبتمبر وأثناءها، لا يمكنه التحول الآن لمعضلة سياسية لا تجد اليمن كيف تصنفه أو تحكم فيه.
والآن أيضا، ليس بوسعنا تثمين تلك التجاوزات التي لم تتحول لاحقا لحالة نفي أو اضطهاد مستمر لعقود، ليتحدث بعضهم الآن عن عدالة فادحة تحددها بنادق الحوثي وتضمنها.
حتى إنه من غير الحكيم فرز الأمر الآن هكذا، وترديد مصطلح وتعريف "هاشمي" كاستحقاق مسلح ينبغي البناء عليه للوصول لتسوية.
لدينا حركة مسلحة اسمها أنصار الله، وهي تهدد المتبقي من فكرة الدولة، وسلاحها أمسى الآن قيد الاستخدام كضمانة لمن يحاولون تعريف المظلومية بوصفها استبعاداً عن الحكم، وتعريف السلاح بوصفه ضمانة.
ثمة من وجد في الحوثية تعريفا لهوية مظلومة بالإقصاء، ويريد منا الآن الاعتراف أن ثورة سبتمبر بمجرد قيامها كانت ظلما.
ويريد وضعنا في جانب آخر مقابل لعائلة ومناقض لها، ونحن يمنيون، ولا نريد مقاومة الحوثية بوصفها مجموعة هاشميين كانوا سادة، ولكن بوصف الحوثية حركة مسلحة تريد الوصول للحكم بقوة السلاح.
عندما يواجه الدكتور المتوكل، الزنداني في انتخابات رئاسية، قد أقترع لصالح الدكتور، ليس إظهارا للنوايا الحسنة، ولكن لأنه الأجدر، دون أن يخطر لي أن في فوزه تجاوزاً لمظلمة، بينما أنا اليمني المظلوم من حكم العسكر القبليين، بعد أن ظلم أبي من حكم الإمامة، معتقدا بعد ذلك أن الجمهورية قد منحته مستوى أقل من الظلم، وهوية وطنية ترضيه.
الشغف عند الكثيرين، والرهان على ضمانة سلاح الحوثي بوصفه أداة بيد السيد المحتقن بإرث المظلومية، هو المفزع، وليس صعود هاشمي بالانتخاب لسدة الحكم.
يقول البعض، وباحتشاد يأخذ مع الوقت منطق الغالبية التي ينتهي اسمها بلقب هاشمي، يقول بمظلومية الإقصاء عن الحكم، متمترسا بتعريف مذهبي ظلم بوصفه مذهبا، بينما كان الإقصاء بين فئتين داخل جغرافيا المذهب سياسيا، إذ قامت الزيدية القبلية بإقصاء الزيدية الهاشمية الأصولية، مستحوذة على السلطة والموارد، تاركة لليمن الجمهوري من ميراث سبتمبر خصومة المظلمة وتبعاتها، وإن لم تكن تعتمل في الصدور بوصفها قهرا أصيلا، إذ تأخذ الآن على الأقل شكل الحث العاطفي في صدور تحتاج لانفعال مظلمة لتسود.
من يتفهم؟
كيف نحول بين أخلاقنا، وبين الانجراف لحصر ضدي للهاشميين، وفي أذهاننا من اليقظة ما يكفي لتقصي أثر التهديد، وليس اللقب.
كيف نحذر المغامرين من أن تسويق هاشميتهم الظافرة الآن بالوهم، وليس بحقيقة الظفر فعلا، قد ترتب لهمجية عرقية متبادلة، دون أن يبدو هذا التحذير تهديدا، بقدر ما هو مجانبة مدركة لنوازع وشفرات الاستقواء الأعمى؟
لدينا في كل هذا الانفلات والخراب، حق الحلم بمسلك الديمقراطية، ولن ننجرف لخيارات السلاح.
سنقاوم الحوثية، ليس باعتبارها "الهاشمي وقد تسلح"، ولكن بوصفها "السلاح الذي يؤجج وهم بعض الهاشميين باستعادة ما ليس لغير الهاشميين".
المرض ليس له لقب.
والمقاومة لها تعريف واحد اسمه اليمن.
Published on May 08, 2014 09:09
صلف
محمود ياسين
هو بالطبع لم يطلب من الكتاب والصحفيين إثبات سلميتهم ومدنيتهم ولا عنصريتهم.
قادته الميدانيون العسكريون هم أيضا لم يطلبوا منا ذلك.
لكن الفيلق الحوثي الإعلامي هو من يملك قوة الطباع الكافية للتفوه بمطالب من هذا القبيل، متحدثين بلكنة مدنية عن أهمية ألا نكون نحن دعاة حرب، ولا طائفيين أو عنصريين.
أحيانا تحظى المليشيات المسلحة بمسوقين، وجوههم من جلد التمساح.
من الذي عليه إثبات مدنيته؛ المتسلح بالقلم، أم المدجج بالديناميت؟
من عليه نبذ الطائفية؛ اليمني المنتمي للهوية الوطنية، أم الذي يعلن مذهبيته العسكرية الصاعدة؟
نحن ندافع عن المواطنة المتساوية، وحق أي يمني في حكم البلاد، بينما تتكئ الحوثية على ولاية البطنين، فمن هو العنصري الذي عليه نفي هذا المرض؟
لا يكترث عبدالملك الحوثي، كثيرا، لإظهار مدنية أو مزاج ديمقراطي أو شغف بالمساواة.
هو مندفع بقوة السلاح ومقولات إحياء المذهب والحق الإلهي الاصطفائي، غير أنه يجد نفسه مؤخرا مضطراً للإصغاء للفيلق المنقسم بين غالبية تقره على ما هو عليه بوصفه مجدد الإرث وقبضة استعادة الميراث، ونسبة صغيرة من الفيلق تسعى حقا لتسييس هذه القوة، وجعلها أكثر قابلية للتواجد القوي والآمن بمقولات الشراكة السياسية، ضمن محاولة إصلاحية محدودة الأثر.
لكن الفيلق كله يتثاقف عموما، ويتحدثون بحماسة مدنية تبعث على الدهشة، مدافعين عن حق عربة الديناميت في الإفصاح عن وجودها بطريقتها، ويطلبون من الكتاب والمثقفين، في ذات الوقت، الكتابة بشكل سلمي مدني غير عنصري.
التفاؤل المريض يتجول مستفزا ولجوجا بوصفه الواقع الصلف.
Published on May 08, 2014 09:08
مهزلة
محمود ياسين
هذا مأزق استقطابي مقابله بلد يتفتت.
لا شأن لنا بوضع الإصلاح والحوثي في خانة أو خانتين، ولسنا معنيين بالفصل بين مستويين من التدين والسياسة.
فليقم هادي بإزاحة الإصلاح من عمران، واستبداله بالدولة الحامية وليست الوسيط.
لا يقتصر الأمر على تدابير ندعوه إليها من قبيل استبدال القشيبي ودماج برجلي دولة لا علاقة لهما بأحد غير الدولة، وليس الأمر في أن ذلك قد يبدو، وقد لا يبدو، وكأنه استجابة للحوثي.
يجب عليه تخطي الإحراج والمأزق الاستقطابي، ووضع الدولة في مواجهة أشكال الانشقاق وتهديد السيادة أياً يكن مصدرها.
إنه لمن الباعث على الاستياء حقاً أن يعلق أصحاب الرأي في فخ نفي تخندقهم جوار الإصلاح أثناء مقاومة الحوثي أو التورط في تبيان يمنيتهم، والحلف بالله أنهم إنما يتخندقون جوار بلادهم،
ثمة دولة عليها ملء الفراغ المفخخ بوظيفة الجماعات، وإعفائنا من هذا التوتر المزاجي ونحن نسعى لبناء حائط صد لأجل بلادنا المكشوفة.
عندما تنسحب الدولة تاركة حماية البلاد لمجاميع، فإن الصراع يرتد لمقولات طائفية وتعبيرات مناطقية، بينما كانت المهمة أصلاً مهمة دولة تزيح الجميع وتحمي السيادة بمشروعيتها الدستورية وبقوة ضمانة حماية الجميع بمن فيهم الجماعات التي تحتاج لحماية من أوهام القوة.
كم يجدر بنا مجادلة الحوثي حول المضمر، بينما المعلن لا يتضمن أي التزام تجاه الجمهورية والديمقراطية والسلم الاجتماعي.
ومن ذا الذي قد يفهم كيف أنه كيمني أمسى عرضة لمبدأ الإحراج بالإصلاح، ودوره ووجوده في عمران وكأن علينا الانكشاف والرضوخ بسبب أن الإصلاح يقوم بوظيفة ليست وظيفته.
وكل يوم يقولون لك إطمئن.. إطمئن!
وليتني، أو ليت أن أحدنا يستطيع، لكن كيف أطمئن وثمة مسلح منفعل يمسك بصاعق القنبلة ويقول لك أنا أبن بنت رسول الله، وحقي أن أحكمك بالمسيرة القرآنية، وهذا الذي يدافع ويقاتلني هم إخوان مسلمون وليس دولة.
من يمكنه حلحلة هذه المعضلة غير اليمني؟
اليمني المتعافي حتى من حصر الحوثية في الهاشميين والمدرك لمخاطر حصر المعركة ذهنياً في تعبيرات طائفية.
اليمني الذي بوسعه الاندفاع بقوة انتمائه للأرض، والمستقبل وليس لإشكالات التاريخ.
اليمني الذي ينطوي فؤاده على اليمن، ويملك الغطاء الدستوري والقوة للتصرف ولجم المغامرين بدون تأويلات.
يعني رئيس يمني.
مالم فسيحاول اليمنيون مدافعة الخطر دون أن يكون عليهم رهن هويتهم بالتباسات ومنازلات الجماعات.
هل نصدر بياناً ضد الإخوان لنحظى باعتراف الحوثي بحقنا في مقاومة طموحه؟
هل نحلف أننا نحب الهاشميين، لكننا متوجسون من انفعال أغلبهم الآن باندفاعة المظلوم الذي سيظلم مجدداً؟
هل يجدر بأحدنا قبل محاولة كبح الآلة الحوثية أو محاولة الوصول معها لتسوية وطنية أن يفصح عن جوهر تعظيمه للإمام المغدور علي بن أبي طالب؟
من عليه تطمين الآخر؟
من عليه تأكيد حق الآخر الاحتفاظ بهويته ودمه؟
Published on May 08, 2014 09:07
صوت الديناميت
محمود ياسين
يتحدث عن الانتخابات وينشر قواته في آنس.
هل يمكن تسمية ذلك احتلالاً؟
جيوش الدول الأجنبية هي من يطلق على دخولها احتلالاً.
لكن مليشيا محلية مدعومة بمال دولة خارجية، وبوهم تاريخي، وذريعة الحق في مساجد المنطقة، لتقديم الصرخة قبل الصلاة وبعدها (هذه المرة في آنس يتقدم الحوثي بدون الذريعة الإصلاحية).. ومن هنا بدأوا مواجهة المجتمع.
الآن يقاتلون أبناء آنس، بينما يتحدث قائدهم من مقره الغامض المحاط بالكتائب وعربات الديناميت المجهزة لترويع اليمنيين؛ يتحدث عن قوائم انتخابية وما شابه.
لطالما ناشدناهم التخلي عن أوهام السلاح، والعمل في السياسة؛ بوصف السياسة الفعل المدني والاختبار الناجز لمنهج الشراكة، وعندما يتحدث عنها الحوثي متزامنة مع الحرب، فهو بذلك يشبه أحد المقاتلين الرومان الذي قاد فيلقاً عسكرياً، وحاصر روما، داعياً مجلس النواب الروماني للانعقاد والتصويت على حقه في استعادة عرش جده الإمبراطور.
يدرك الحوثي أن السياسة لا تأتي بشيء طالما كانت بلا ديناميت.
السياسة العزلاء لن تتخطى تجربة حزب الحق الذي كان أبوه بدر الدين الحوثي -رحمه الله- نائباً لرئيس الحزب الذي خاض انتخابات 93، وحصل على مقعد واحد، فانشق عن الحزب وقد أيقن أن الانتخابات لا تخاض بالبرامج.
هل لا يزال بوسعنا الأمل في استدراج أنصار الله إلى السياسة حقاً؟
لا علاقة للأمر بالنوايا الطيبة. أتحدث هنا عن الممكن لإنقاذ بلادنا، كيف نجرهم للسياسة وردعهم في ذات الوقت؟
كيف يمكن الوصول للدماغ الحوثي، وإخباره جملة حقائق عليه الإذعان لها مقابل تخطي الإنكار الكلي لوجودهم بوصفهم قوة الآن يمكنها البناء على وجود سياسي تتخلى فيه عن السلاح، حيث كان اليمنيون ليتلقوا حديث عبدالملك الحوثي عن الانتخابات، بارتياح لو رافقها سحب لقواته من مداخل عمران بدلاً من الانتشار في آنس.
أي فعل سياسي عام قد يصل مع الحوثي إلى أنه هنا نتوقف ونزيل الخنادق، ونشرع في البحث عن خيار لا تعمده عربات الديناميت؟
كيف نقنعه أن هذا جهده، وأقصى ما يمكنه البناء عليه، وأنه إن حاول الوصول لما فوق مستوى وجوده الفعلي، سيكون بمثابة مجازفة بوجوده، وبما تبقى من لامبالاة اليمنيين.
لا ضغائن. ويجدر بالمسيسين الحوثيين الآن إزاحة ذهن الديناميت، والبدء في تشغيل أدمغتهم.
Published on May 08, 2014 09:06
الترب لا ينام إلا قبل الفجر
محمود ياسين
عندما يحظى البلد بوزير داخلية مندفع هكذا، ولا يدين لحسابات معقدة، فيمكنك المراهنة على تمثيل لفكرة الدولة أمنياً، يلعبه الآن الترب الوزير الذي تتذكر في المساء أنه موجود، فتتثاءب.
يحتاج اليمنيون للهيرو الآن، بطل ولو في نطاق غير مكتمل، لكنه يعطي أملا ومراجعة نفسية شعبية لمزاج الركون لوجود حارس يشير لهم أن بالإمكان استعادة دولة كاملة تسهر على حياة الناس.
لحظة تاريخية هي من الانفلات الأمني والسيولة السياسية، بما يمكن تسميته عمليا البيئة المثالية لاستنبات الأبطال والمجرمين. كان يتجول في الساحة بشعار مكتوب على صدره أنه الشهيد الحي، وكنا حتى وقد أعلن اسمه وزيراً للداخلية، نتهكم من ذلك الإعلان الاستشهادي الفردي، وكأنه صعد لمنصة حراسة أمن اليمن الآن رجل غير حصيف، لكن تبين أن حماسته كانت هي ما نحتاجه، تلقائية الترب وتخففه من الحسابات المعقدة، هي ما منحت لإرادته وحسه الأمني المساحة للتعبير عن منهج الإدارة بمباشرة المهام، وليس بهواجس التحالفات.
الآن، وبهذه الأنشطة الأمنية على محدوديتها، حظي الناس بأمل ما، وبنموذج يمكنه إحراج الحكومة وحساباتها وتبريراتها الغبية للفشل، بما ينتهجه من أسلوب الفعل المباشر والبسيط، وقيام المسؤول الحكومي بما عليه، دون أن يعلق في حسابات الأطراف.
هذا زمنك يا صديقنا الذي في الحصبة، ولن نعدم طريقة لمساندتك، فأنت الآن الجيد الذي لدينا، وقد لا تصدق أن التعويل عليك بلغ حد اعتقاد البعض أنك المنقذ. يبالغ الناس أحياناً من فرط ما هم مغلوبون، ومنحهم رجل ما أملاً بالدفاع عنهم، وأن هناك في كلمة وتوصيف وزير ما لا يزال صالحاً للاستخدام، هي مسؤولية منظومة أمنية شاملة متكاملة، وتعمل بآلية احترافية، ويفترض التعويل عليها، وليس على حماسة وضمير شخص واحد يداوم حتى ساعة متأخرة من الليل، لكننا الآن لا نملك غير هذا الشخص وحماسته، وتخففه من الحسابات، واحتسابه على الناس، وليس على جماعة، وإن كان ضمن حصتها الحكومية، الآن يحتسب الإخفاق على الفوضى، وعلى الحزب الذي تنتمي إليه قليلاً أو كثيراً، لكن قيامك بما عليك، ونجاحك في حراسة الناس، يحتسب لك في زمن كهذا.
Published on May 08, 2014 09:05
محمود ياسين's Blog
- محمود ياسين's profile
- 34 followers
محمود ياسين isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.

