علياء الداية's Blog - Posts Tagged "أرنوب-نافذة-ألوان-لعبة-بيت"

أرنوب الذي هرب من النافذة

أرنوب الذي هرب من النافذة
قصة للأطفال

بقلم: علياء الداية ـ رسوم: نجلاء الداية

شعر أرنوب بالسعادة، فها هو ذا قد انتهى من رسم لوحة لقارب شراعي وسط أمواج البحر الجميل. كان المساء قد حلّ، وعلى أرنوب أن يخلد إلى النوم ليبدأ النهار الجديد غداً بكل همة ونشاط. ولكن أرنوب كان منشغلاً بالتفكير في جيرانهم الجدد، سكان البيت القريب على التلة، الذي تغلَق نوافذه في أول الليل. وقرر أن يذهب في الغد لاستكشاف المكان، على الرغم مما قد يحتويه من أخطار، فالسكان هم من البشر الذين قد لا يحبون الأرانب لأنها تقضم الأثاث.

استيقظ أرنوب، وأكل الفطور الذي أعدته له أمه، وتناول كذلك الفيتامين المصنّع على شكل جزر، ولكنه على عكس الجزر العادي، ثمرته خضراء وأوراقه حمراء! ثم انطلق يلعب حول البيت على أطراف الغابة، وتوجّه بعد ذلك إلى التلة حيث منزل الجيران الجدد.

قفز أرنوب فوق صناديق الفاكهة، ونظر من خلال النافذة المفتوحة، كانت هناك غرفة خالية من البشر ذات باب مقفل من الداخل، فقفز من جديد على السرير ثم إلى أرض الغرفة، وأخذ يتأمل ما حوله، هنالك خزانة عالية، وأقلام ودفتر على الطاولة، إنها تشبه أقلامه وأوراقه التي يرسم بها ويلوّن. "كم يبدو هذا الخشب طيب الطعم!" قال أرنوب لنفسه، فالأرانب مشهورة بقضم كل ما يروق لها، وكاد يأخذ قضمة من خشب قائمة السرير، ولكن أحدهم صاح به: "توقف... أنت، أيها الأرنب!"

"من هناك؟" تساءل أرنوب وهو يتلفّت حوله بخوف، وسرعان ما لفتت نظره دمية محشوة على شكل دب.
"أنا، دبدوب!" وجاءه صوت آخر ولكنه حاد: "وأنا أيضاً، الزرافة". بالفعل، كانت إلى جانب الدب زرافة ذات شعر بنفسجي غريب. وبخطوات قصيرة، أصبح الأرنب إلى جوار الدميتين المحشوتين، وأخذوا يتجاذبون أطراف الحديث:
دبدوب: في مثل هذا الوقت يكون "كريم" في المدرسة، هذه غرفته.
الزرافة: كنا نشعر بالملل الشديد إلى أن جئت أنت، احك لنا عن العالم هناك خارج النافذة.
أرنوب: إنه عالم واسع ومليء بالأعشاب الخضراء، وأشجار السرو العالية، وتوجد بحيرة كبيرة تطلّ عليها الغابة، وجبال تظهر في جانب من الأفق، وحيوانات تشبهكما، ولكنها حقيقية بالطبع.
"كريم يشبهني أنا"... من قال ذلك؟ نظر أرنوب فرأى دمية تختبئ خلف صندوق بجانب السرير، فسألها: "من أنت؟"

ـ أنا اللاعب ذو القبعة.
ـ ولماذا أنت مختبئ هناك؟
ـ أخشى أن أتّسخ بالغبار، انظر ألا ترى كم يحتاج دبدوب والزرافة إلى الغسيل؟
تأمل أرنوب صديقيه الجديدين، ولكنه لم يلحظ شيئاً مما قاله اللاعب ذو القبعة.

وهكذا استمر أرنوب في اليومين التاليين بزيارة أصدقائه الجدد، في وقت انشغال كريم بالدوام في مدرسته، وكان مسروراً لأنه وجد ما يتحدث به مع اللاعب ذي القبعة، حول مباريات كرة القدم التي يحبها اللاعب، وقفز الحواجز الذي يبرع به أرنوب.
كان أرنوب قد انشغل تماماً بأصدقائه الجدد، وأهمل هواية الرسم، وقد بقيت لوحة القارب الشراعي على حالها من دون ألوان، وكان أرنوب أيضاً يتجاهل كلام أمه ودعوتها له كي يكمل تلوين اللوحة.

في اليوم الثالث، كانت هناك حركة غريبة في طرف حديقة منزل الجيران الجدد، النافذة مفتوحة كالمعتاد، ولكن هناك أسلاك ممدودة بين الأشجار، وتتدلى منها قطع من الأقمشة والملابس، وجو الرطوبة يفوح في المكان. قفز أرنوب إلى الغرفة، وعلى غير المألوف، كان الباب مفتوحاً، ولم يجد أصدقاءه، وبينما هو يتلفّت للبحث عنهم، نادته الزرافة: "هنا، هنا، أرنوب، تعال!"

"أين أنتم؟" سأل أرنوب، ولكنه سرعان ما وجد دبدوب والزرافة داخل الصندوق.
"لماذا أنتما هنا؟ هل..." وقبل أن يكمل أرنوب جملته قاطعه دبدوب قائلاً:
"الخطر قادم! اقفز إلينا هنا، بسرعة". وفي اللحظة التي دخلت فيها والدة كريم إلى الغرفة، كان أرنوب قد اختفى في قاع الصندوق، مع دبدوب والزرافة.

رفعت والدة كريم طرف الوشاح الأخضر الذي يغطي الصندوق، واطمأنت حين لمحت رأس دبدوب وشعر الزرافة البنفسجي، ثم مدت كلتا يديها لتحمل الصندوق.
شعر أرنوب بالفزع، الصندوق الذي هو فيه يرتفع بسرعة هائلة عن سطح الأرض، ويتحرك باتجاه الباب، وقد أصبح الآن خارج الغرفة، في الممر الذي تسير فيه والدة كريم بخطوات متثاقلة ولكن بتصميم كبير.

"اشرحا لي، ما الذي يحصل؟"
قالت الزرافة: "هل تذكر ما قاله اللاعب ذو القبعة منذ يومين؟"
فقال أرنوب: "عن الاتساخ والغسيل؟ هل تعنين أننا سنخضع للتنظيف؟"
فأجابه دبدوب هذه المرّة: "أجل يا صديقي، يا لها من رحلة ممتعة، سندخل إلى الغسالة حيث المياه والصابون، ونخرج منها بنظافة".
وقالت الزرافة: "يا للروعة، وسوف نوضع هناك في الخارج إلى جانب الملابس على السلك بين الأشجار، نستمتع بمشاهدة الطبيعة الجميلة والطيور والشمس الرائعة!"

ولكن أرنوب يعلم جيداً أن الغسالة غير مخصصة للأرانب، كما أنه نظيف ولا يحتاج إلى غسيل من هذا النوع، كان عليه أن يستمع إلى ما قاله اللاعب ذو القبعة هناك في الغرفة قبل يومين، ولكن... صحيح أين هو اللاعب؟
وفي هذه اللحظة، سمع والدة كريم تقول: "آه، كان يجب أن أتذكر تلك اللعبة، اللاعب ذا القبعة، كريم يخفيه دائماً حتى لا أغسله، سأذهب لإحضاره من الغرفة". وابتعدت خطواتها وهي تغادر المطبخ ومكانها أمام الغسالة، عائدة إلى الغرفة.

"هذه فرصتك أيها الأرنب الشاطر" قال أرنوب لنفسه، وقبل أن تغير والدة كريم رأيها أو تعود بسرعة، كان أرنوب قد قفز إلى أقرب نافذة، وصار صندوق الغسيل بعيداً بما يكفي، لوّح أرنوب لصديقيه الدب والزرافة ذات الشعر البنفسجي الغريب، وأخذ يعدو على العشب الأخضر مخلفاً التلة بعيداً جداً، وهو يفكر في أسرته التي سيعود إليها، وفي فيتامين الجزر المعكوس، وفي الألوان التي تنتظره بجانب لوحة القارب، كي يمارس هوايته في الرسم والتلوين غداً في الصباح عندما يبدأ النهار الجديد.

* نشرت القصة في موقع مجلة نور الصحافة، الثلاثاء 25/4/2016
رابط إلكتروني: http://nourjournalism.com/
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 27, 2016 13:59 Tags: أرنوب-نافذة-ألوان-لعبة-بيت

علياء الداية's Blog

علياء الداية
علياء الداية isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow علياء الداية's blog with rss.