باسل عبدالله's Blog: basselabdallah.blogspot.com, page 2
March 4, 2023
باسل عبدالله: شكرالله كرم.. والحب الخارج عن المألوف
القلب الكبير، الشجاعة، الإرادة والأمل، ... صفاتٌ حملها شابٌ يافعٌ وصلَ من القرية إلى المدينة، ليُكمِل دراسته، ويَتخرّج، في العام 1933، طبيباً من الجامعة الأميركية في بيروت.
وما أدراكم ما قد تعنيه بيروت لشابٍ طموح في مُقتبل العُمر؟ ... قد تكون سلّة المُغريات، والفرصة المُناسبةلنسج العلاقات،ولتحقيق الأمنيات والنجاحات الماديّة والمعنوية...
لكنّ المُثير في قصة طبيبنا الشاب – العاطفي والمُلتزم – أنّ طموحه أخذه في اتجاهٍ مُغاير، ... أخذه إلى حيث يرتاح القلب وتتنفسُ الروح، ... هناك، في قريته الجنوبية البعيدة عن بيروت.
... وإلى هناك،
... بقيت عيناه شاخصتان طوال فترة الدراسة، ويوم التخرج!
***
نبحثُ دائماً في هذا العالم عَمَّن يَبُثُّ فينا الأمل ويُرشِدنا إلى درب المحبة... وهذا ما قدّمهُ لنا شكرالله كرم حين حمل أدواته الطبيّة، وما في جعبته مِن همّة وحب وحسٍّ إنسانِيّ، وتوجّه عائداً إلى بلدته، ليُمارس هناك رسالته الإنسانيّة، من خلال مهنته، بالطريقة التي أحبها وطمح إليها.
داوى كرم آلام الناس، وضمَّد وبلسَمَ الجرّاح، في زمنٍ كانت الطبابة فيه غير مُتوفرة في القرى والبلدات البعيدة عن بيروت، وأحوال الناس المادية صعبة جداً، والفقر مُنتشر، والتعليم مُقتصر على قلة من طبقات المجتمع.
واجه الفقر والجهل في زمن الانتداب، وبعده في زمن العدوان الصهيوني على لبنان، فوقف إلى جانب المساكين، مُحَوِّلاً بيته إلى مُستوصفٍ يُعالج فيه المرضى في عقودٍ صعبةٍ من تاريخ الوطن عامة، والجنوب خاصة. كان يحمل أدوِيته على حصان، ويَتجوّل في سهل الخيام وفي القرى المحيطة ببلدته، مُقدماً العلاج لمن هُم بحاجته مِن المُزارعين والفلاحين. فما كان من أهل الخيام إلا أن أطلقوا عليه لقب "أب الفقراء".
سخَّرَ طبيبُنا إمكانياته لخدمة الناس، جميع الناس، دون أي تمييز بينهم، فبثّ بسلوكِه هذا فكراً ووَعياً جديداً، بأبعاد لا طائفية وعلمانيّة، شذ بها عن السائد، في وطنٍ أخضعته الطائفية السياسيّة وفرّقت بين أبنائه!
كانت مَواقفُه، أيضاً، سبباً في اعتقاله من قبل سلطة الأمر الواقع آنذاك. لكن أهل بلدته، وقفوا إلى جانبه، مُبادِلِينَه المَعروف والحب. ولم يَستكينوا حتى تحقّق مُرادهم بالإفراج عنه.
تجلى تأثير فكر شكرالله كرم الإنساني واللاطائفي ومَواقفه المُتسامحة، بشكل أوضح ومُباشر في الناس، حين خاض غمار انتخابات بلدية الخيام في العام 1957، حيث فجّرَ فوزه برئاسة البلدية مفاجأةً مُدوِّية لمعركةٍ خاضها بوجه رموز السلطة والإقطاع حينها، الأمر الذي لم يكن مألوفاً لرجلٍ صُنِّف على الهوية من الأقليّة المسيحيّة في بلدته. فتَصدَّرَ نجاحه أخبار الصحف، حيث عنونَت جريدة "البيرق" يومها أنّ أهل الخيام انتفضوا على الطائفية في بلدتهم.
***
في أواخر الستينات ومطلع السبعينيات، تعرضت بلدات حدوديّة عديدة في الجنوب، منها الخيام، لانتهاكات مُتكرِّرة من قبل الجيش الإسرائيلي. وشهدت ساحاتها مُواجهات شرسة، كَراً وفَراً، بين المقاومين والفدائيين الفلسطينيين واللبنانيين من جهة، والآلة العسكريّة الصهيونية من جهة أخرى. وفي شهر شباط من العام 1977، قام الاحتلال بقصفٍ عشوائي لبلدة الخيام، استشهد جَرَّاءَه عدد كبير من أهلها، ولَحِق الدّمار العديد مِن المنازل فيها، فما كان من كثيرين من أهل الخيام إلا أنْ نَزحوا خارج منطقة التوتر الأمني هرباً من القصف. لكن شكرالله كرم، الطبيب المُلتزم، أبا مُغادرة بلدته، رغم رحيل أسرته إلى بيروت، وأصرّ على البقاء والصمود مع من تبقى مِن سكان، مُقاوماً على طريقته هذا العدوان، ... ومُواجهاً قدره!
اغتيل الطبيب شكرالله كرم يوم الخميس، في 17 شباط 1977، عن عمر ناهز الثلاثة وستين عاماً.
في صبيحة ذلك اليوم، وقبل اغتياله بساعات، بعثَ كرم رسالته الأخيرة إلى عائلته، كاتباً فيها:
"أحبائي وأغلى الغوالي، تسألون أسعيد أنا ببقائي في الخيام، السعادة، آه من السعادة، شبحٌ كلما اقتربت منه نأى! أهي قناعة فأين الطموح؟ أهي استرخاء وعدم اكتراث، وما نصنع بالعواطف والمشاعر؟ أهي طمأنينة، وكيف؟ كيف أطمئن وحولي آلاف البائسين إذا تركتهم فمن يقرأ ميزان الحرارة ومن يتسمع نبضات القلب؟
لم يبق عندي أكثر من ذلك أعطيهم، أفيحق لي أن أمنعه؟
وتقولون ما زال في البيت من هم بحاجة إلي! لعمري عهدتهم رجالاً، بهم أقوى، أتحدى المستحيل والشباب ملئ بردي. أفأترُك الخيام تحترق والجنوب كئيب. علني أعيد إليه بعض فرحه. ليت الفرح يُزوبِع حول الوطن الصغير فيدخل من الأبواب ويعصف من النوافذ ويخترق الشقوق. وإن تفرَّقَت العائلة الصغيرة فستجتمع، تستظلّها خيمة الحب.
الأمور في المنطقة تتطور بسرعة وإلى الأسوأ. يفتعلون الحوادث لتخريب سلام مُتواضع حرصنا عليه. رائحة البارود تعبق في الأجواء. أحسُّ بأننا قادمون على مجزرة خُطط لها. مسكينٌ إنسان هذي الحدود الجنوبية، كم يتحمّل من شقاء؟ أسيبقى مَن عبَر الحدود مُصرِّين على إبادتنا؟
سيطلعُ فجرٌ وقد ارتاحت الأرض من مُغتصبيها وأشرقَت على وطننا شمس السلام.
لا تُفكروا بي مُطلقاً وهذا يريحني. أقبِّلكم فرداً فردا... ولكم مني عاطر السلام وأطيب الأماني وكل حبي.
مِن والد هو هكذا فهل تقبلوه؟".
***
سلام وتحية إلى روح شكرالله كرم، الطبيب المُناضل والشجاع، المُفعم بالعاطفة والإرادة الصادقة والرغبة بالعطاءدون مقابل...صاحبُ الحب الخارج عن المألوف...
السلام، وكل الإعجاب والاحترام، إلى "إبِ الفقراء" الذي حمل في فكره وقلبه قيمَ التسامح الإنساني والعلمانيّة، فكان قدوةً يُحتذى بها في بلدته وبلاده، هو الذي غمَر الفقراء والمساكين دوماً بحُبٍ عميق، ... حبٍ ظلّ، طوال سنواتِ حياته، يَتدفّقُ وينساب، ليَعزُفَ لحناً سَرمدياً في قلوب جميع مَن عَرَفَهُ ومَن طالع سِيرته!
***
باسل عبدالله
22/2/2023
#شكرالله_كرم #الخيام #لا_للطائفيّة
December 23, 2022
تحية إلى الشاعر عبد الحسين العبدالله

أتاحت لي زياراتي إلى بلدتي الخيام في السنوات الماضية، المُشاركة في لقاءات جَمَعت عدداً من الكُتَّاب والباحثين الخياميين على أحاديث ثقافيّة واجتماعيّة لا تنتهي، أجمل ما فيها ما استُحضِرَ من ذكرياتٍ وقصص عن تاريخ البلدة وعاداتها وحكاياتِ أهلها. وقد جرت العادة أن تُعقد هذه الجلسات في إحدى مقاهي #الدردارة أو أحد بيوت الخيام.
حضر اسم #الشاعر_عبد_الحسين_العبدالله (1896-1990) في كثيرٍ من تلك الجلسات، وكان عمي #الشاعر_حسن_عبدالله يُردّدُ دائماً أمام الحاضرين، أبياتاً مِن أشعاره، حفظها عن ظهر قلب، منها ما كَتَبَهُ عبد الحسين في انتقاد الزعيم المُتغطرس أو رجل الدين الفاسد أو المُوظّف المُهمل، في حقبة أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي.
لم يُعطَ شاعرنا حقَّهُ، بوصفه هامةً من هاماتنا الثقافيّة، لا على الصعيد الوطني، ولا على الصعيد المحلي في بلدته الخيام؛ وقد يكون مَرَدُّ ذلك إلى طابع قصائده المُتمرِّدَة على التقاليد والمُنتقدَة للنافذِين من زعامات ورجال دين عاصروه. هذا إضافةً إلى تقصير الجهات المعنية، أصلاً، في تسليط الضوء على الوجوه الثقافية، بل وعدم اعتبار موضوع تكريمهم أمراً واجباً من الأساس! ... فبينما يُحتفى بأهم الشخصيات الثقافيّة في العالم ويُعتبَرون ثروةً وطنيةً ومصدر اعتزاز وفخر لأي بلدة وُلدوا وترعرعُوا فيها أو انطلقوا منها، يُهمَل إنتاج هؤلاء في بلداتنا وبلادنا، ويُطمس تاريخهم!
بحثتُ عن أشعار الشاعر عبد الحسين العبدالله، فوجدتُ أنّ ما نُشِرَ منها قليلٌ جداً، وما حكي عنه يَقتصِر على مقالة في صحيفة هنا أو أخرى في موقعٍ إخباري هناك. وبعدما سألتُ في الخيام عن أرشيفه، ظفرتُ بنسخةٍ مُصَوَّرة من ديوانه الذي جمع مُعظمَ قصائده، وعنوانُه "حصاد الأشواك".
***
حَمَلَت قصائد شاعرنا، في أغلبها، نفحةً دراماتيكية، رغم تَميُّز أغلبها بالعرض الساخر والنقد اللاذع، جنباً إلى جنب مع السلاسة في التعبير، حتى أمكننا وصف أشعاره بأنها ذات حس "دراماتيكي – كاريكاتيري" بامتياز.
كان الشاعر عبد الحسين العبدالله رجلاً ثائراُ على التقاليد، شجاعاً، يَصحُّ فيه القول بأنه لا يخاف أحداً، ولا يلتزم بما فُرِضَ على العامة من أعراف أو تقاليد اجتماعية أو سياسية.
صَوَّر المشاهد الحياتيّة المُتنوعة كما هي، وكذلك المُمارسات الظالمة والمُنتهكة لحقوق الناس، وأبدعَ في وَصفِها، مُعلناً رأيه بوضوح، مُطلِقاً مَوقفه منها بصدقٍ وجرأةٍ لا مُتناهيان وبحسٍ نقدي، مُعرِّياً مَن وقعَ عليهم الاختيار مِن حصاناتهم المُكتسبة اجتماعياً، غير آبهٍ بِمَكاناتهم مهما علت أو بِسُلطتهم ونُفوذهم مهما امتدّ.
شكّل شعر عبد الحسين العبدالله إزعاجاً حقيقياً للمراجع السياسية والاجتماعية في منطقته، في زمن كان فيه الشعر، وتحديداً في المدن والقرى البعيدة عن بيروت، البوق والوسيلة الإعلامية الأخطر التي يَحسبُ لها السياسيون ألف حساب ويَخافون من سلاطة ألسنة أصحابها ويَتجنَّبُون الاحتكاك بهم قدر الإمكان.
كان سلوكُه الاجتماعي الثائر الذي عبَّر عنه من خلال قصائده سبباً أساسياً في فقدانه الكثير من أصدقائه، كما كان له الأثر المباشر في وحدةٍ عانَى منها في حياته، وهذا ما أشار إليه بوضوح في بعض أبيات شعره.
***
قدّم لنا الشاعر عبد الحسين العبدالله إنتاجاً إبداعياً مُهِمّاً، وترك لنا أرشيفاً مُميزاً وثميناً، لم ينل عنه، برأينا، ما يستحقّه من تقدير. وهو في ذلك، مثله كمثل مَن لحِقَه مِن شعراء كبار أنجبتهم الخيام...
نبقى اليوم نرى في هذا الشاعر الحرّ، صورة الإنسان المُبدع والمُناضل، الرافض للظلم والفساد بشتّى أشكالهما. ونبقى نستلهم من شجاعته المعنويات والتحفيز في ما نُواجهه اليوم في بلادنا من فساد، وكأنه نطق بألسنتنا وبما نشعر به، هو الذي كان وحده في ذاك الزمان، في صراعٍ - أشبه بالعبثي - مع سلطة الاقطاع السياسي القاضمة حقوق الناس.
وفي ظل إهمال الجهات الرسمية، المحليّة والعامة، نَبقى نُعوِّل على النوادي والحركات الثقافية لتلعب دور الإضاءة على هذه الهامات الثقافيّة الكبيرة، في زمنٍ باتت الثقافة فيه، بِنظر المَسؤولين والمعنيين، في أدنى مُستويات الاهتمام وأحياناً أمرٌ حرام. وأما الجهالة، بالمقابل، فقد صار لها السَطوة، وأضحى لأصحابها كل الإجلال والاحترام!
***
يبقى أن نعرض في ما يلي، أبياتاً اخترناها لشاعرنا (مع قصصِها)، نُعرِّف من خلالها القارئ الذي لم يتسَنَ له الاطلاع على انتاجه بعد، على بعض أشعاره:
قَطعَ لصوصٌ على الشاعر عبد الحسين العبدالله الطريق، فيما كان مُتَوَجِّهاً من وادي جيلو إلى صور برفقة بعض أصدقائه، وبعد أن سلبوا رفاقه نقودهم، وصل الدور إليه، غير أنهم لم يعثروا في أجيابه إلا على قصاصات أوراق كُتِب عليها بعضٌ من الأبيات، فما كان من شاعرنا إلا أن وصف ما حصل معه بالقول:
قطع اللصوص لي الدروب وقبلهم/ قطعَت حكومتهم عليَّ دروبي
خصمي الحكومة واللصوص كلاهما/ شاكي السلاح لحرب كل أديب
ودَنا إليَّ من اللصوص مُلثَّمٌ/ صعبُ المراس يكر غير هيوب
أمسى يُفتِّشُنِي وأسخر ضاحكاً/ فسوى القصائد لم يكن بجيوبي
وخجلت منه حين قال لصحبه/ ما أشبه السلاب بالمسلوبِ.
ويُجيب الشاعر على أحد رجال الدين الذي سأله عمَّا إذا كان يُصلي، فيقول:
علاّمة العصر من أنباك قد كذبا/ إني أصلي فعقلي بعد ما ذهبا
ولحيتي لم تطل كلحيتكم/ ولا عقفت كابن الأسعد الشنبا
ولا حملت كذيل الهر مسبحة/ ولا تركت الهوى والشعر والأدبا
نكبت بالشعر تكفيني موائبه/ دعني ومن بالصلا والصوم قد نكبا
عفت الصلاة لشيخ راح يمنعني/ شرب المدام ودوماً يأكل العنبا
يعذب الله مَن خان البلاد ومَن/ باع الضمير ومن مارى ومن سلبا
أما أنا كي أزيد النار فوقكم/ قدّمت جسمي إلى وقَّادها حطبا
ومن أبياته في انتقاد الحُكّام:
قرود على كرسي الشَّريعة تجلس/ وأقزام أقوام علينا ترأس
حكومة هذا اليوم كالأمس لم يزل/ يقرب فيها الخائن المتجسس
وعهد رياض مظلم مثل غيره/ وأشقى من العهد القديم وأنحس
فلو كنت أدري أن هذا مصيرنا/ لما كان قبلي واحد يتفرنس
وما كنت لاقيت الذي قد لقيته/ فأُبعد عن أهلي وأُنفى وأُحبس
ويقول وكأنه يتحدث عن زماننا:
سياسة اليوم لا دين ولا شرف/ ولا حياة إذا ناشدتهم وقفوا
بلابل الأرز تعرى في خمائله/ ووحش لبنان بالأزهار يلتحف
وعزل كل أديب من دوائركم/ هذا هو العدل والإصلاح والنَصف
يا حاكمين ومن أذنابكم زمر/ في كل كرسيّ حكم أحمق صلف
إن عاقكم ذو حياءٍ لم يكن شبعاً/ مما نعمتم به لكنه قرف
ويقول أيضاً في انتقاد السياسيين:
رحماكم أيها النواب والزعما/ فلا تُعيدوا من الأوثان ما انهدما
صرحُ العبودية الخرقاء خرَّ على/ بُناتِه أمطروه اللعن والنقما
لا ترفعوا حجراً فيه على حجرٍ/ يا ويلكم ترفعون البغي والصنما
بيت من الجور كم في ظله هتكوا/ شرائعاً واستباحوا عنده حرما
وكرُ اللصوص لغير النزل ما اتسعت/ رحابُه وسوى الجانين ما احترما
لا تُخدعوا بقدور حوله نصبت/ فإنهم يخلطون السم والدسما
موائدُ مدها الطاغون مِصيَدةً/ لسذج القوم لكم سميت كرماً
شيِّدوا لنا بيت علم ينشئ العلما/ لا تُعمِّروا بيت جهل ينشئ الخدما
ويقول أيضاً، وكأنه يصف أحوالنا:
لبنان أرض عجائب ومهازل/ يودي القتيل ويحتفي بالقاتل
وأمام دار الحاكمين حفاوة/ بالمجرم الجاني لنصر الباطل
يا عهد سوَّدتَ الوجوه فكلنا/ ودَّ الرجوع إلى الزمان الراحل
إن حنَّ واحدنا إلى عهدٍ مضى/ كان الحنين إلى القضاء العادل
وعن دار أحد الزعماء السياسيين وكبير أزلامه "أبو علي" والوُفود التي تزور الدار يقول:
كيف تحلو هنا حياة المقيم/ والغلاظات في مضيف الزعيم
جلسوا كالسوام في فسحة الدار/ بهيمٌ محدقٌ بِبَهيمِ
يتعالى أبو علي عليهم/ فرأينا الخدام كالمخدومِ
علفَ الكل من يديه فإما/ جاءهم قابلوه بالتعظيم
هو مقري الوحوش إن شاهدوه/ همهموا بالوقوف والتسليم
ويستهجن عبد الحسين العبدالله رؤية الوزير والنائب السابق عادل عسيران له وللشاعر موسى الزين شرارة، وعدم سلامهِ عليهما، أثناء مروره بسيارته الكديلاك بقربهما، فيقول:
أيا سيّارة الكديلاك سيري/ عليكِ ألف طنّ من غرورِ
مرّ الزعيمُ ولم يسلّم/ على موسى ولا العبد الفقيرِ
ويتباهى شاعرنا بنفسه، إنما على طريقته الساخرة فيقول:
إذا رأيتُم رجُلاً/ تُحِبُّه كلّ القلوبْ
مُمتلِئاً كرامةً/ لكنّه فاضي الجيوبْ
فإنّه ـــ وأحرّ قلبي ــــ شاعرٌ من الجنوبْ...
ويقول الشاعر أيضاً:
اترع الكأس خمرة يا نديمي/ واسقني شربة لأنسى همومي
لا تقل حُرِّم المدام علينا/ أنا أدرى بموضع التحريم
ليس لي عمة الشيوخ ولكن/ لا ترى مثل شاعر من عليم
مِن خيالي صوّرت ديناً لنفسي/غير دين الورى بديع الرسوم
كل دين في الكون للعرب ديني/ كل عادٍ على حماها غريمي
ويقول أيضاً:
بين العمائم واللحى/ إبليس يبحث عن جحا
قد ألقحوها فتنة/ دارت بنا دور الرحى
سكرٌ بغير إفاقة/ يا رب سكرانٍ صحا
ومن أبيات الشاعر أثناء مروره ببلدة جباع في إقليم التفاح مع صديقه الشاعر موسى الزين شرارة:
نزلنا في جباع على الشّيوخِ/ فقالوا ألف أهلاً يا تنوخي
وسِرنا بين حشدٍ من لحاهم/ مسيرَ الطيرِ ما بين الفخوخِ
وعن أحواله ووظيفته يقول:
حكومتي حين أدعو لا تُلبيني/ فليس عندي وسيط في الدواوين
سواي يقفز في الأيام راتبه/ ويعتلي من ثلاثينٍ لسبعين
أما أنا فالسنين العشر قد سلفت/ وراتبي راتبي من يوم تعييني
إذا تذمرت من أفعالهم غضبوا/ وجيشوا لاضطهادي كالمجانين
ويتحدث عن وحدته:
أنا في عالمٍ بعيدٍ عن الناس/ وإن كنت بين جمع غفير
أتلوى على فراشٍ من الهَمّ/ وإن نمت في الفراش الوثير
ما شربت المدام إلا لألهو/ ساعة عن صغيرتي وصغيري
وعن الأصدقاء يقول:
عتبتُ على الرفاق وطال عتَبي/ جَفوني دون ما سبب وذنب
أنا وحدي أعيش بلا صديق/ وأكوامٌ من الأشواك دربي
أخاف إذا سأَلتُ الناس عنهم/ أُجاب بغير ما يهواه قلبي
ألا طيرٌ فيحملني إليهم/ ويجمعني بأحبابي وصحبي
***
باسل عبدالله
December 4, 2022
ديمقراطية مين؟ - عكس التيار باند
غناء: نتاليا أبي حيدركلمات: باسل عبداللهألحان: مازن بو حمدان وباسل عبداللهإيقاع: شادي ذبيان (رق وكاخون)توزيع: باسم الداعوقتسجيل: استديو باسم الداعوقكاريكاتير باسل عبداللهإنتاج عكس التيار باند 2022
April 15, 2022
أعنية "حدّك" - عكس التيار باند 2022
هذه الأغنية هي تحيّة حب وتقدير من "عكس التيار باند" إلى كل طبيب(ة) ومُمرض(ة) وعامل(ة) ساهمُوا في السنوات الثلاث الماضية رغم الظروف الاقتصاديّة الصعبة في مُواجهة جائحة كورونا ومُعالجة الذين أصيبوا بها وتقديم العناية اللازمة لهم.
حدَّك - عكس التيار باند
إخراج: ناصر عجمي
غناء: إيلينا
كلمات: باسل عبدالله
ألحان: يحيى حجازي
مونتاج: زينب غصن
تصوير: إيلي حداد
مُساعدا انتاج: حسان كزما وجونادا كزما
تسجيل وميكساج: استوديو باسم الداعوق
تسجيل الاستديو في العام 2021
إنتاج عكس التيار باند 2022
أغنية "حدّك" هي عمل هادف تمّ بمُبادرات تطوُّعِيّة فرديّة
الشكر من فرقة "عكس التيار باند" إلى كل من تطوع وساهم في إنجاز هذا العملFebruary 1, 2022
صدور عدد خاص من مجلة تواصل مدني عن العلمانية

صدر العدد 26 تاريخ 12/2021 من مجلة #تواصل_مدني وهو عدد خاص عن #العلمانيةأسرة hgتحرير: باسل عبدالله وأديب محفوض وهنادي نصار وبشرى صعبوريما عبيد وجنى مشورب. تصميم المجلة: أحمد عثمان.يتضمن هذا العدد:الإفتتاحيّة والجواب على أسئلة عن العلمانية هي:ما هي العلمانية؟ما هي الطائفية؟ ولماذا تُطرح العلمانية كبديلٍ لها؟ما هو أصل وتاريخ كلمة علمانية؟هل العلمانية هي ضد الإيمان الديني؟هل من علاقة بين العلمانية والإلحاد؟ ما علاقة العلمانية بحقوق الإنسان؟ما علاقة العلمانية بالمواطنية؟ما هي المحاور الأساسيّة لبناء الدولة العلمانيّة؟كما يتضمن جولة على بعض التجارب العلمانية في العالم.
September 25, 2021
كتاب غريغوار حداد ... مطران الزمن القادم

September 11, 2021
شوية تعصيب - عكس التيار باند
أعنية "شوية تعصيب" لفرقة عكس التيار باند
May 3, 2021
آخر مؤتمر لبخلاء العالم في لبنان - باسل عبدالله
ومن نتائج هذا المؤتمر أن اتَفق أبخل بخلاء العالم على التوجه إلى دولة لبنان وإيداع جزء كبير من أموالهم في مصارفها، وذلك بعد أن أَعدَّت اللجنة المالية في المنظمة تقريراً بيّنت بموجبه أنّ مصارف لبنان تُقدِّم لزبائنها فوائد مرتفعةً على الأموال المُودعة لديها، أكانت هذه المبالغ بالعملة المحليّة، أو بالدولار الأميركي، أو باليورو.
وعملاً بهذا الاتفاق، توجّه أبخل بخلاء العالم إلى لبنان وحوَّلُوا معظم أموالهم إلى مصارف هذا البلد، ومنهم من قام بتحويل جزء من ثروته من اليورو أو الدولار إلى العملة المحلية اللبنانية، باعتبار أنّ قيمة الفوائد على هذه العملة أعلى بكثير، ويمكنهم الاطمئنان إلى تزايد مداخيلهم دون عناءٍ أو تعب.
وما زاد من طمأنَة أبخل بخلاء العالم إلى النظام المصرفي اللبناني ما ورد في تقرير اللجنة المالية لمُنظمتهم مِن أنّ النظام الاقتصادي والمالي اللبناني لم يتأثر أبداً بالأزمة المالية التي عصفت بالعالم قبل سنوات، بل ظل صامداً بنتيجة الهندسات المالية التي اتبعها المصرف المركزي في هذا البلد، كما ظلت قيمة العملة الوطنية في لبنان مُستقِرّة وقيمة الدولار الأميركي مُساوياً لـ 1507 ليرات لبنانية منذ ما قبل تلك الأزمة وإلى ما بعدها، وذَكّر التقرير بأهمية قانون السريّة المصرفيّة الذي يعتمده لبنان منذ العام 1956.
حملت هذه الأنباء السارة أموال أبخل بخلاء العالم إلى المصارف اللبنانية، وأشعرت هؤلاء البخلاء بالأمان وبالراحة النفسيّة من اعتماد هذه المصارف كبيتهم المالي.
لاحقاً، وتبعاً لمقولة “دق الحديد وهو حامي” دعتهم المصارف اللبنانية في العام 2019 إلى تحويل ما تبقى لهم من أموال في العالم إلى لبنان، مُقدمة للبخلاء ومُنظمتهم تسهيلات لا توصف، وعروضاً لا تُحصى ولا تُرد أو تُقاوم، وفُرصاً في استثمار أموالهم لا تُفوَّت!
حتى أنّ المصارف شجعتهم في بداية العام 2019 على عقد مؤتمرهم المقرر عقده في شهر حزيران من العام 2021، في لبنان، ووعَدَت بدعم وتمويل هذا المؤتمر بالكامل، لمعرفتها سلفاً بخشية أمين عام المنظمة ومجلسها التنفيذي مِن تنظيم هكذا مؤتمر في بلدٍ يُعدُّ من أغلى البلدان السياحية في العالم، خاصة وأنّ المصارف علِمَت، بعد استقصاءات قامت بها، أن منظمة “بخلاء بلا حدود” كانت قد نظمت مؤتمراتها السابقة في دول سياحية تميّزت بأسعارها المُتدنّية أكان لجهة الفنادق والمطاعم، كمثل فيتنام وماليزيا وسيريلانكا والهند وإندونيسيا…
في الجزء الثاني من العام 2019، بدأ لبنان يدخل أزمته الاقتصاديّة، فشعر البخلاء بالخوف والهلع من عدم إمكانية سحب مبالغ مُتوسطة وكبيرة بالدولار الأميركي من مصارفهم. ولدى محاولة بعضهم تحويل أمواله إلى الخارج، قدّمت لهم مصارفهم عروضاً برفع الفوائد على هذه الأموال أكثر فأكثر، فوقع هؤلاء في ما نُصِب لهم، وتردَّدُوا في سحب أموالهم من لبنان بانتظار مؤتمرهم العالمي الذي تمّ تقريبُه بسبب هذه الازمة المالية إلى شهر نيسان من العام 2021 بدلاً من شهر حزيران من نفس ذلك العام. مع العلمً أنّ المصارف أبقت على دعمها المادي الكامل وبدون شروط لمؤتمرهم العام رغم تقريب موعده، ما جعل البخلاء يتصبَّرون على ما حلّ بهم حتى الموعد الجديد للمؤتمر.
في شهر نيسان من العام 2021 انعقد المؤتمر رقم 71 لمنظمة “بخلاء بلا حدود” في لبنان على مدى أربعة أيام، بحضور أقل من مايتين وخمسين مِمّن تبقى على قيد الحياة من أبخل بخلاء العالم، بعد أن قضى جزء قليل منهم بجائحة كورونا والجزء الآخر الأكبر بالسكتات القلبيّة على أبواب مصارف لبنان.
كانت صرخات الغضب والاستياء تصل من داخل قاعة الاجتماع إلى أسماع الصحافيين المُكلّفين بتغطية هذا المؤتمر في أول يومين منه. وقد سجل الإسعاف والمستشفى القريبة من الفندق الذي استقبل المؤتمر وفاة 76 يخيلاً في هذين اليومين، قضى معظمهم نحبه بحسب تقارير هذه المستشفى التي نُقلوا إليها بالجلطات الدماغية والسكتات القلبيّة.
في اليوم الثالث من المؤتمر أعلمَ أمين عام المنظمة الصحافيين بأنّ أبخل بخلاء العالم قد صدّقوا على الإعلان العام الذي تقرر صدوره في اليوم الرابع والأخير من المؤتمر.
في هذا اليوم الأخير بالذات، شُوهد المُشاركون في المؤتمر يخرجون صباحاً من الفندق الذي استقبلهم ويعودون بعد ساعات وبجعبة كل منهم حقائب كبيرة دخلوا بها إلى قاعة المؤتمر حيث انعقدت الجلسة الختامية للمؤتمر.
وبينما كان الصحافيون ينتظرون مَن يخرج لقراءة البيان الختامي عليهم بعد ساعات على انعقاد هذه الجلسة الختامية، فُوجئ الصحافيون بشبوب حريق كبير داخل قاعة المؤتمر الرئيسية.
حاول عمّال الفندق اقتحام قاعة المؤتمر، غير أنّ الأبواب كانت مُوصدة من الداخل بإحكام. ولدى تمكّنهم من كسرها واقتحام المكان مع رجال الإطفاء، كانت القاعة قد تحولت رماداً والجثث المتفحِّمَة قد ملأت المكان، وقد قَدَّرَ رجال الإطفاء سبب هذه السرعة في انتشار الحريق بمدى شدّة المواد الحارقة المُستعملة في إشعاله.
لم يبقَ أحد من أبخل بخلاء العالم على قيد الحياة، ولا من أوراقهم أو مستنداتهم أو حقائبهم، سوى علبة مُضادة للنيران وُضع فيها الإعلان النهائي للمؤتمر الأخير لـ “بخلاء بلا حدود”. ومما جاء فيه: “قرر المؤتمرون الانتحار الجماعي بإحراق أنفسهم بما تمكنوا من استرداده من دولاراتهم في المصارف اللبنانية، بعد أن تحلّقوا حول هذه الدولارات وصبُّوا عليها وعليهم ما تمكنوا من الحصول عليه من مادة البنزين المفقودة في لبنان”. واختتم المؤتمرُون بيانهم بالعبارة التالية: “وداعاً، نُعلن انقراض أبخل بخلاء العالم اليوم!”.
***