د.نادر الملاح's Blog, page 8
November 1, 2015
October 27, 2015
الرسائل الزينبية - ٤
أمن العدل يا ابن الطلقاء؟!
د. نادر الملاح...

الرسائل الزينبية - ٤
أمن العدل يا ابن الطلقاء؟!
د. نادر الملاح - البحرين
٢٨ أكتوبر ٢٠١٥ / ١٤ محرم ١٤٣٧
في إطار فضحها لجرائم يزيد، استكمالاً لرسالتها الكربلائية، تُوثِّقُ العقيلةُ زينب عليها السلام أمرين في غاية الأهمية، وذلك من خلال ردِّها على يزيد في مجلسه، هذان الأمران هما:
أولاً: هتك حُرمات الرسول الأكرم (ص)، حيث أمر بتسيير نساء العترة المحمدية وأطفالهم في موكب للفُرجة جابَ المدن والقرى بدءً من الكوفة وانتهاءً بالشام، في رحلة سفر طويلة وشاقة، على ظهور نياق عُجَّف، ليس بَينهنَّ والناس ساترا. فإن كان اليزيديون اليوم يرون أن معركة كربلاء معركةً بين أمير شرعي وثُلةٍ خارجة عن الدين، ويرون أن الحسين اجتهد فأخطأ، فلم يترك لهم سيدهم يزيد مجالاً للدفاع وتجميل الصورة، حيث ما قام به من فعلٍ هو أمرٌ تُنكره العرب، مسلمين كانوا أو غير مسلمين. لذلك، عَمَدت العقيلة زينب لهذا التوثيق الهام، قطعاً للحجة، وتثبيتاً للجُرم، فقالت مخاطبةً يزيد لعنه الله: “أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديركَ حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هَتكتَ سُتُورهُنَّ، وأَبديتَ وجوههنَّ، تحدو بهنَّ الأعداءُ من بلدٍ إلى بلد، ويَستشرفهن أهلُ المناهل والمعاقل، ويَتصفَّحُ وجوههن القريبُ والبعيد، والدنيٌُ والشريف، ليس معهن من حُماتهن حَمي ولا من رجالهن وَلي”.
ثانياً: وضاعة نسب يزيد وتربيته. فالحسين عليه السلام لما خاطب معسكر الشيطان في يوم العاشر بدأ خطابه بالقول: “انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألستُ ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق برسوله بما جاء من عند ربه؟
أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟
أوليس جعفر الطيار عمي؟
أولم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة؟…”.
وها هي العقيلة زينب توضح للعيان وللتأريخ نَسَبَ القاتل أمام هذا النسب الشريف، فتبدأ حديثها بالقول: “أمن العدل يا ابن الطقاء…؟!"، في إشارةٍ إلى طلقاء مكة، ثم تمضي في بيان وَضَاعة النَّسب والنشأة: "وكيف يُرتجى مراقبة من لَفظَ فُوهُ أكبادَ الأزكياء وَنَبتَ لَحمُه من دماء الشهداء، وكيف يُستبطأ في بُغضنا أهلَ البيت من نظر إلينا بالشَّنَفِ والشَّنآن، والإحَنِ والأضغان..؟!"، في إشاراتٍ بليغة إلى جَدَّته هند التي قتلت سيد شهداء أُحُد الحمزة عم النبي (ص) وأكلت كبده، وجده أبي سفيان الذي قاتل جعفر ابن عم النبي الذي يطير في الجنَّة بجناحين، وكان -أي أبو سفيان- يُنكر الوحي لآخر حياته، وإلى أبيه معاوية الذي حارب الإمام علي وابنه الحسن (ع) وأثار الأحقاد والأضغان فتسبب في قتل المؤمنين ممن والوا أهل البيت من خُلَّص أصحاب الرسول (ص)، وقَتل من قَتل، وانتهاءً بيزيد الذي قتل ريحانة رسول الله ومن معه من خِيرة المؤمنين وانتهك حرماته.
October 26, 2015
الرسائل الزينبية - ٣
للباطل جولة وللحق دولة.. فمهلاً مهلا
د....

الرسائل الزينبية - ٣
للباطل جولة وللحق دولة.. فمهلاً مهلا
د. نادر الملاح - البحرين
٢٧ أكتوبر ٢٠١٥ / ١٣ محرم ١٤٣٧
صراع الحق والباطل صراعٌ أبدي، يرتبط وجوده بوجود الإنسان، ذلك أن الله جلَّت حكمته قد خلق النفس البشرية وزودها بالقابلية للجنوح للخير وللشر، فقال عز من قائل (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) الشمس: ٧-٨، بينما ترك الاختيار بين المسارين للإنسان نفسه (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) الشمس: ٩-١٠، و (لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) المدثر:٣٧، وحَمَّلَه مسؤولية اختياراته فقضى أن (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) المدثر:٣٨.
وقد أراد الله لهذا الصراع أن يكون عامل تصفية وتمييز بين الفريقين، لذلك مَكَّن إبليسَ وجندهَ من البشر (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) الإسراء:٦٤، بعد أن زودهم بالقابلية والقدرة على المقاومة وأرسل الأنبياء والرسل والصالحين لإرشادهم للطريق القويم الذي يستحقون من خلاله أعلى الدرجات والمراتب، فيتميز بذلك الخبيث من الطيب، وتكون الغلبة في نهاية المطاف للحق مهما كانت انتصارات الباطل.
لا تنحصر أدوات إبليس ووسائله في صورة الشر المباشر، ولو كانت كذلك لكان التغلب عليها أمراً يسيراً، بل تتلبس بلباس الحق والخير والتقوى والإيمان والنصح والإرشاد والفضيلة، فتُلبس الحق بالباطل. قال تعالى في وصف غواية إبليس لآدم وحواء عليهما السلام (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) الأعراف:٢٠-٢١
وهذا يزيد بن معاوية الفاسق المنحرف المجرم يستخدم ذات الأدوات فيصف من قال فيه رسول الله (ص) أنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة بأنه خارجٌ عن ملة محمد (ص) في خطابه للعقيلة زينب: “إنما خرج من الدين أخوك وأبوك"، فيتَّبعه المتبعون إلى يومنا هذا، ليقول قائلهم أن "الحسين خرج على إمام زمانه"، ويقول آخر أنه "اجتهد فأخطأ"، ويترضون عليه ويمنعون لعنه، ويعلنون الفرح والسرور في يوم مقتل سيد الشهداء احتفاءً بنصر سيدهم يزيد، بقرع الطبول والدفوف، وبالصيام (شكراً لله) تحت عنوان (نجاة نبي الله موسى عليه السلام) غوايةً وتضليلا. غير أن عقيلة الهاشميين تعلنها صريحةً في مجلس الطاغية وأمام أزلامه، ولتظل رسالةً تصل أتباعه إلى قيام دولة الحق: "بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدي اهتديتَ أنت وأبوك وجدك إن كنت مسلما”. ثم تعاجلهم ببيان الواثق المطمئن والمؤمنُ بنصر الله للحق على الباطل، لتكون الغلبة لدولة الحق كما وعد الله جل شأنه:
“أظننتَ يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأسارى، أن بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده؟! فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، تضرب أصدريك، وتنفض مذوريك فرحاً، جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور لك متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فملاً مهلا، أنسيت قول الله تعالى (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
October 25, 2015
الرسائل الزينبية - ٢
وليجتهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في...

الرسائل الزينبية - ٢
وليجتهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في محوه…
د. نادر الملاح - البحرين
٢٦ أكتوبر ٢٠١٥ / ١٢ محرم ١٤٣٧
خرج الحسينُ عليه السلام من مدينة جَدِّه صَلَّى الله عليه وآله وسلم رافعاً شعار إصلاح الأمة، بعدما بلغ فيها الانحراف مبلغه منذ وفاة رسول الله (ص) حتى آلت الأمور لأن يعلو منبر قيادة الدولة الإسلامية فاسقٌ فاجرٌ مجاهرٌ بالمعاصي مستهترٌ بالدماء والحرمات..
ولأن الإصلاح مشروعٌ يتطلب ثمناً ليس باليسير، فقد قدَّم دمه الزاكي ودماء أهل بيته وأصحابه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.. إلا أن ثمناً باهظاً كالذي قدمه الحسين عليه السلام لن يُحدثَ التأثير ولن يصوِّب المسار في ليلة وضحاها. لذا، كان لزاماً أن يكون في مقدمة حساباته ما يضمن استمرارية تلك الثورة، ولم يكن بذلك الحمل الثقيل والمسؤولية الجبارة أجدر وأقدر من ابنة عليٍ وفاطمة عليهم السلام..
قُتِلَ الحسين عليه السلام كما كانت الإرادة الإلهية.. فانتقل لواء (الإصلاح في أمة محمد) لِيَد شريكة الثورة، عقيلة بني هاشم، زينب الكبرى عليها السلام، فكانت رغم جراحاتها وألمها نِعمَ القائد الذي قلب الأمر على خصمه، فحوَّل ما كان يظنه انتصاراً إلى هزيمةٍ نكراء لا يمتحي ذكرها ولا يزول عارها..
ولم تكن زينب في كل مواقفها بعد مقتل الحسين عليهما السلام تنطلق من ردود الفعل والعاطفة، على الرغم من هول ما وقع على قلبها، بل كانت تعمل برسالةٍ تدرك أبعادَها وأهدافَها تمام الإدراك، حيث لا يكون الإصلاح إلا بفضح الفساد وتصحيح المفاهيم لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح. فكان بقاء دين محمد (ص) بدم الحسين، وبقاء الحسين بقلب زينب وعزيمتها، لتستمر الرسالة عبر الزمن، تُحطّم كل يزيد يحاول محو دين محمد.. فما زينبُ تلك التي يتصورها البعض امرأة ثكلى منكسرة، بل تلك التي تُصبِّر ابن أخيها الإمام علي بن الحسين بقولها:
“لا يُجزعنّك ما ترى، فوالله إنّ ذلك لعهدٌ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى جدّك وأبيك وعمّك. ولقد أخذ الله ميثاق أناسٍ من هذه الأمّة، لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات، أنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرّجة، ويَنصبون لهذا الطفّ عَلَماً لقبر أبيك سيّد الشهداء عليه السلام، لا يَدرُسُ أثره، ولا يَعفو رَسمُه، على كُرورِ اللّيالي والأيّام. وليجتهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلّا ظهورا، وأمره إلّا علوّا..”.






