أحمد محمد فريد > Quotes > Quote > داليا liked it

أحمد محمد فريد
“ثُم أغمضتُ عيني و أطلقتُ لروحي العنان. تطوف بين الناس لتحصُد عُصاراتهم و خِبراتهم و معلوماتهم. لا تُفرق بين أشقر أو أسود أو أسمر. فتتدفق فيّ آلاف الحيوات الغريبة. و قبل أن تهبط الشمس في الأفق بمقدار درجتين، كنتُ قد أنهيتُ رِحلتي المحمومة في النفوس و الأجساد و العقول، رأيتُ خلالها الكثير و شهدتُ تكدُر الأرواح بآلام الموت و الحُب و الغربة، رأيتُ لحظات نقائها و نَزَقها.
خبرتُ أحلامها و كوابيسها و خطاياها. فتحتُ كتاب البشر في ذلك العالم الجديد و قرأتُ كل شيء. ثُم فتّحت عينيّ في عينيّ حبيبتي، لنُطبق كل ما قرأت. أخذتُ يديها و تركنا الصورة السطحية الكبيرة للمدينة المثيرة للانبهار و الرهبة. و هبطنا إلى أعماقها، عالمها السفليّ الذي لا يهتم به المُسافر السائح، الناظر إلى المدينة من عل عابرًا على معالِمها التاريخية من معابد و تماثيل و متاحف، لا نهتم بمعرفتها و لم نهتم يومًا.
نحنُ أهل العالم السُفلي، حيث أدغال القُرى و مجاهلها التي لا يعلمها أحد. لا نرتاح سوى في تلك المجاهل.
حتى و إن انتقلنا إلى حضر بكُل ما به من بهرجة و زيف و اختناق. حتى و إن تعايشنا معه. فنحن لا نرتاح إلا في عالم الظل.”
أحمد محمد فريد, اللوح الأخير

No comments have been added yet.