لقد واجه الجمهور الأمريكي بشجاعة ما اصطلح على تسميته « العقربين في الزجاجة « ـ أي ردع كل من الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي للآخر بترسانات نووية ذات إمكانات مدمرة ـ لكنه الآن يشعر بقلق أكبر من العنف المتسرب , و العمليات الإرهابية الدورية وانتشار أسلحة الدمار الشامل , وفي هذا الجو من عدم الوضوح السياسي , والملتبس من الناحية الأخلاقية أحياناً , والمربك لجهة عدم إمكانية التكهن السياسي غالباً , يشعر الأمريكيون بأن هناك خطراً محدقاً بأميركا يعود بالتحديد الى أنها القوة الأعظم في العالم .
وخلافاً للقوة السياسية المسيطرة السابقة , تعمل أمريكا في عالم يشتد فيه الحوار وتقوى أواصر الألفة , فالقوى الإمبراطورية السابقة , مثل بريطانيا العظمى خلال القرن التاسع عشر , أو الصين في مراحل مختلفة من تاريخها الذي امتد آلافاً من السنين , أو روما خلال خمس مئة عام , على سبيل المثال لا الحصر , لم تكن تتأثر نسبياً بالتهديدات الخارجية , فقد كان العالم الذي تسيطر عليه مقسماً الى أجزاء منفصلة لا يتفاعل بعضها مع بعض , وكانت المسافة و الزمن يوفران متنفساً ويعززان أمن الوطن , بالمقابل , ربما تكون أمريكا فريدة في قوتها في المنظور العالمي , لكن أمنها الداخلي مهدد بشكل فريد أيضاً , قد يكون اضطرارها الى العيش في مثل هذا الجو من انعدام الأمن حالة مزمنة على الأرجح .
وهكذا نجد أن السؤال الأساسي يدور حول ما إذا كان في وسع أمريكا أن تتبع سياسة خارجية حكيمة ومسؤولة وفعالة ـ سياسة تتجنب مخاطر ذهنية الحصار , ومع ذلك تتماشى مع المكانة التاريخية الفريدة لأمريكا بوصفها القوة الأعظم في العالم , ويجب أن يبدأ السعي وراء سياسة خارجية حكيمة بإدراك أن « العولمة « تعني في جوهرها التكافل العالمي , ومثل هذا التكافل لا يضمن المساواة في المكانة ولا حتى المساواة في الأمن بين جميع الدول , لكنه يعني أنه ما من دولة تتمتع بالمناعة الكاملة من عواقب الثورة التكنولوجية التي زادت بدرجة كبيرة من قدرة الإنسان على ارتكاب أعمال العنف , ومع ذلك عززت أواصر الصلة التي تجمع بشكل متزايد بين البشر .
في النهاية , إن مسألة السياسة المركزية التي تواجه أمريكا هي : « ما هو غرض الهيمنة « ؟ يكمن الرهان على ما إذا كانت الأمة ستسعى لصياغة نظام عالمي جديد يقوم على مصالح مشتركة , أم ستستخدم قوتها المطلقة في الدرجة الأولى لتحصين أمنها الخاص في الدرجة الأولى .
في الصفحات التالية , لقد سلط المؤلف الضوء على ما أعتبره القضايا الرئيسية تحتاج الى إجابة شاملة من الناحية الإستراتيجية :
• ما هو التهديدات الرئيسية التي تواجه أمريكا ؟
• هل يحق لأمريكا الحصول على أمن أكثر الأمم الأخرى بالنظر الى مكانتها المهيمنة؟
• كيف ينبغي أن تواجه أمريكا التهديدات المهلكة المحتملة التي تصدر بشكل متزايد عن أعداء ضعفاء لا عن منافسين أقوياء ؟
• هل تستطيع أمريكا أن تدير بشكل بناء علاقتها على المدى البعيد بالعالم الإسلامي , الذي ينظر العديد من أبنائه البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة الى أمريكا بشكل متزايد على أنها العدو اللدود ؟
• هل تستطيع أمريكا العمل بشكل حاسم على حل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني بالنظر الى مطالب الشعبين المتداخلة و المشروعة في آن بالأرض ذاتها ؟
• ماذا يلزم لإيجاد استقرار سياسي في « بلاد البلقان العالمية « الجديدة المتقلبة و الواقعة في الحافة الجنوبية لأوراسيا الوسطى ؟
• هل تستطيع أمريكا تأسيس شراكة حقيقة مع أوروبا , بالنظر الى تقدم أوروبا البطيء نحو الوحدة السياسية وتزايد قوتها الاقتصادية ؟
• هل يمكن ضم روسيا , التي لم تعد منافسة لأمريكا , الى أطار أطلسي تقوده أمريكا ؟
•ما الدور الذي يمكن أن تمارسه أمريكا في منطقة الشرق الأقصى , بالنظر الى استمرار اعتماد اليابان وإن بشكل متردد على الولايات المتحدة ـ فضلاً عن تنامي قوتها العسكرية بهدوء ـ بالنظر أيضاً الى تنامي القوة الصينية .
• ما مدى احتمال أن تؤدي العولمة الى ولادة مذهب , معاكس أو تحالف معارض متماسك يواجه أمريكا.
• هل ستصبح الديموغرافيا و الهجرة تهديدين جديدين للاستقرار العالمي ؟
• هل تتوافق ثقافة أمريكا مع المسؤولية الامبريالية بالضرورة ؟
• كيف ينبغي أن تستجيب أمريكا الى بروز عدم المساواة في القضايا الإنسانية , وهي مسألة تعجل الثورة العلمية الحالية في ظهورها وتزيد العولمة من حدتها ؟
• هل تتوافق الديمقراطية الأمريكية مع دور الهيمنة السياسية , مهما كان الحرص على تمويه تلك الهيمنة ؟ وكيف ستؤثر الضرورات الأمنية لذلك الدور الخاص على الحقوق المدنية التقليدية ؟
هذا الكتاب إذن تنبؤي من جهة وتوجيهي من جهة أخرى , نقطة انطلاقه هي إن الثورة الحديثة في التكنولوجيات المتقدمة , وخصوصاً في مجال الاتصالات , تعزز بشكل مطرد بروز مجتمع عالمي ذي مصالح مشتركة متزايدة محوره أمريكا , لكن العزلة الذاتية المحتملة للقوة العظمى الوحيدة قد يغرق العالم في فوضى متصاعدة , يزيد من شرورها انتشار أسلحة الدمار الشامل , وبما أن قدر أمريكا ـ بالنظر الى الأدوار المتناقضة التي تلعبها على الصعيد العالمي ـ أن تكون العامل المساعد إما في إيجاد مجتمع عالمي وإما في التسبب في فوضى عالمية , فعلى الأمريكيين تقع المسؤولية التاريخية الفريدة في تحديد أي الأمرين سيتحقق , وخيارنا يكمن بين الهيمنة على العالم وبين قيادته , كل ما تقدم من أفكار تضمنه كتاب الآخرين .
وخلافاً للقوة السياسية المسيطرة السابقة , تعمل أمريكا في عالم يشتد فيه الحوار وتقوى أواصر الألفة , فالقوى الإمبراطورية السابقة , مثل بريطانيا العظمى خلال القرن التاسع عشر , أو الصين في مراحل مختلفة من تاريخها الذي امتد آلافاً من السنين , أو روما خلال خمس مئة عام , على سبيل المثال لا الحصر , لم تكن تتأثر نسبياً بالتهديدات الخارجية , فقد كان العالم الذي تسيطر عليه مقسماً الى أجزاء منفصلة لا يتفاعل بعضها مع بعض , وكانت المسافة و الزمن يوفران متنفساً ويعززان أمن الوطن , بالمقابل , ربما تكون أمريكا فريدة في قوتها في المنظور العالمي , لكن أمنها الداخلي مهدد بشكل فريد أيضاً , قد يكون اضطرارها الى العيش في مثل هذا الجو من انعدام الأمن حالة مزمنة على الأرجح .
وهكذا نجد أن السؤال الأساسي يدور حول ما إذا كان في وسع أمريكا أن تتبع سياسة خارجية حكيمة ومسؤولة وفعالة ـ سياسة تتجنب مخاطر ذهنية الحصار , ومع ذلك تتماشى مع المكانة التاريخية الفريدة لأمريكا بوصفها القوة الأعظم في العالم , ويجب أن يبدأ السعي وراء سياسة خارجية حكيمة بإدراك أن « العولمة « تعني في جوهرها التكافل العالمي , ومثل هذا التكافل لا يضمن المساواة في المكانة ولا حتى المساواة في الأمن بين جميع الدول , لكنه يعني أنه ما من دولة تتمتع بالمناعة الكاملة من عواقب الثورة التكنولوجية التي زادت بدرجة كبيرة من قدرة الإنسان على ارتكاب أعمال العنف , ومع ذلك عززت أواصر الصلة التي تجمع بشكل متزايد بين البشر .
في النهاية , إن مسألة السياسة المركزية التي تواجه أمريكا هي : « ما هو غرض الهيمنة « ؟ يكمن الرهان على ما إذا كانت الأمة ستسعى لصياغة نظام عالمي جديد يقوم على مصالح مشتركة , أم ستستخدم قوتها المطلقة في الدرجة الأولى لتحصين أمنها الخاص في الدرجة الأولى .
في الصفحات التالية , لقد سلط المؤلف الضوء على ما أعتبره القضايا الرئيسية تحتاج الى إجابة شاملة من الناحية الإستراتيجية :
• ما هو التهديدات الرئيسية التي تواجه أمريكا ؟
• هل يحق لأمريكا الحصول على أمن أكثر الأمم الأخرى بالنظر الى مكانتها المهيمنة؟
• كيف ينبغي أن تواجه أمريكا التهديدات المهلكة المحتملة التي تصدر بشكل متزايد عن أعداء ضعفاء لا عن منافسين أقوياء ؟
• هل تستطيع أمريكا أن تدير بشكل بناء علاقتها على المدى البعيد بالعالم الإسلامي , الذي ينظر العديد من أبنائه البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة الى أمريكا بشكل متزايد على أنها العدو اللدود ؟
• هل تستطيع أمريكا العمل بشكل حاسم على حل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني بالنظر الى مطالب الشعبين المتداخلة و المشروعة في آن بالأرض ذاتها ؟
• ماذا يلزم لإيجاد استقرار سياسي في « بلاد البلقان العالمية « الجديدة المتقلبة و الواقعة في الحافة الجنوبية لأوراسيا الوسطى ؟
• هل تستطيع أمريكا تأسيس شراكة حقيقة مع أوروبا , بالنظر الى تقدم أوروبا البطيء نحو الوحدة السياسية وتزايد قوتها الاقتصادية ؟
• هل يمكن ضم روسيا , التي لم تعد منافسة لأمريكا , الى أطار أطلسي تقوده أمريكا ؟
•ما الدور الذي يمكن أن تمارسه أمريكا في منطقة الشرق الأقصى , بالنظر الى استمرار اعتماد اليابان وإن بشكل متردد على الولايات المتحدة ـ فضلاً عن تنامي قوتها العسكرية بهدوء ـ بالنظر أيضاً الى تنامي القوة الصينية .
• ما مدى احتمال أن تؤدي العولمة الى ولادة مذهب , معاكس أو تحالف معارض متماسك يواجه أمريكا.
• هل ستصبح الديموغرافيا و الهجرة تهديدين جديدين للاستقرار العالمي ؟
• هل تتوافق ثقافة أمريكا مع المسؤولية الامبريالية بالضرورة ؟
• كيف ينبغي أن تستجيب أمريكا الى بروز عدم المساواة في القضايا الإنسانية , وهي مسألة تعجل الثورة العلمية الحالية في ظهورها وتزيد العولمة من حدتها ؟
• هل تتوافق الديمقراطية الأمريكية مع دور الهيمنة السياسية , مهما كان الحرص على تمويه تلك الهيمنة ؟ وكيف ستؤثر الضرورات الأمنية لذلك الدور الخاص على الحقوق المدنية التقليدية ؟
هذا الكتاب إذن تنبؤي من جهة وتوجيهي من جهة أخرى , نقطة انطلاقه هي إن الثورة الحديثة في التكنولوجيات المتقدمة , وخصوصاً في مجال الاتصالات , تعزز بشكل مطرد بروز مجتمع عالمي ذي مصالح مشتركة متزايدة محوره أمريكا , لكن العزلة الذاتية المحتملة للقوة العظمى الوحيدة قد يغرق العالم في فوضى متصاعدة , يزيد من شرورها انتشار أسلحة الدمار الشامل , وبما أن قدر أمريكا ـ بالنظر الى الأدوار المتناقضة التي تلعبها على الصعيد العالمي ـ أن تكون العامل المساعد إما في إيجاد مجتمع عالمي وإما في التسبب في فوضى عالمية , فعلى الأمريكيين تقع المسؤولية التاريخية الفريدة في تحديد أي الأمرين سيتحقق , وخيارنا يكمن بين الهيمنة على العالم وبين قيادته , كل ما تقدم من أفكار تضمنه كتاب الآخرين .