سفر سفر discussion


23 views
قراءة للمجموعة القصصية سفر

Comments Showing 1-2 of 2 (2 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

يسرا صلاح الدين 1. نافذة قرب الجناح


أشعر بفرح الانعتاق ، فرحا يفعمنى بالخفة ، بالطرب الدافع إلى دندنة لحن حزين بسخرية مرحة : " لما انت ناوى تغيب على طول " . وخالعا حذائى والجورب أروح أستمتع بملامسة " الموكيت " لباطنى قدمى العاريتين ، بينما أطل من النافذة قرب الجناح .. فى الطائرة قليلة الركاب كأنها خالية ... أرض المطار فى أول المساء ، وعربة السلم تمضى لتنضم إلى صفوف سلالم الطائرات المتراكمة فى الركن .. رجل أمن يتكلم فى جهاز لاسلكى بينما الطائرة تتحرك على المدرج مبتعدة . الآن أوقن فى انعتاقى . الآن سترتفع الطائرة . سأتحرر من هجوم الهموم الكبيرة والصغيرة المتواصلة على إنسان فقير فى العالم الثالث . سأكون فى مأمن من مصير السجن ولاضطهاد المسلط على رقبتى بلا معنى ، كسيف قدرى ، لمجرد أننى اختلفت يوما ، أو أختلف ، أو سأختلف . وترتفع الطائرة فأشعر بنفسى خفيفا كعصفور فى الفراغ النظيف المضىء المحمول على أجنحو الهواء ، ويستبد بى طرب المحبة .. أغازل المضيفات الجميلات بكلام يشبه الشعر ويلامس إيقاع الأغانى ، ثم أعود إلى النافذة ملقيا آخر نظرة على آخر نقطة من حدود وطنى فى الليل : ركام من نقط ضوء الشوارع فى تلك المدينة الساحلية التى أعرفها جيدا وتعرفنى .. مجرة من نجوم إنسانية متواضعة ترتعش وهى تتضائل مع الابتعاد ، ثم .. فجأة يبتلعها الظلام ، فكأنما يبتلعنى .. كأننى أنتزع من عمرى ، أو ينزع عنى عمرى ، ويلقى بى فى ظلام لا نهائى سابح .. لأضيع . أخاف ، وأوارى وجهى فى ليل زجاج النافذة المطلق .. لعله يستر انهيارى ، لو أجهشت فى البكاء


يسرا صلاح الدين قرأتي للنص:
هذه قصة عن " إنسان فقير فى العالم الثالث" يريد أن يعيش " فى مأمن من مصير السجن ولاضطهاد المسلط على" رقبته بلا معنى.
كل ما أراده هذا الإنسان الحرية، أراد التحرر " من هجوم الهموم الكبيرة والصغيرة المتواصلة" يريد أن يكون حراً " كعصفور فى الفراغ النظيف" . و بالفعل ركب الطائرة مهاجراً فشعر " بفرح الانعتاق . خالعا حذائى والجورب أروح أستمتع بملامسة " الموكيت " لباطنى قدمى العاريتين" . هذا شعور الإنسان الذي انفلت من قبضة الاضطهاد و العقلية الأمنية و الكبت في هذا الوطن " رجل أمن يتكلم فى جهاز لاسلكى بينما الطائرة تتحرك على المدرج مبتعدة . الآن أوقن فى انعتاقى " . عندما أقلعت الطائرة صار عصفورا حرا كما خلقه الله " وترتفع الطائرة فأشعر بنفسى خفيفا كعصفور فى الفراغ النظيف المضىء المحمول على أجنحو الهواء ، ويستبد بى طرب المحبة .. أغازل المضيفات الجميلات بكلام يشبه الشعر ويلامس إيقاع الأغانى " لكن هذه الفرحة و هذه الحرية كان ثمنها البعد و الغربة عن الوطن " أشعر بفرح الانعتاق ، فرحا يفعمنى بالخفة ، بالطرب الدافع إلى دندنة لحن حزين بسخرية مرحة : " لما انت ناوى تغيب على طول " . ترك وطنه من خلفه غارقاً في ظلام الجهل و الظلم، فيعود من نشوة الانعتاق إلى حزن الفراق " أعود إلى النافذة ملقيا آخر نظرة على آخر نقطة من حدود وطنى فى الليل" و يذكر بني وطنه هذه النماذج الإنسانية الصامدة وحدها ومن دونه في هذا الظلام فهم كـ" مجرة من نجوم إنسانية متواضعة ترتعش وهى تتضائل مع الابتعاد" فيغلبه الحزن " فجأة يبتلعها الظلام ، فكأنما يبتلعنى .. كأننى أنتزع من عمرى ، أو ينزع عنى عمرى" يهرب من الظلام الذي يهيمن على وطنه فيجد نفسه تائها في ظلام الغربة " ويلقى بى فى ظلام لا نهائى سابح .. لأضيع . أخاف ، وأوارى وجهى فى ليل زجاج النافذة المطلق .. لعله يستر انهيارى ، لو أجهشت فى البكاء" .
تبدأ القصة بفرحة الانعتاق و نشوة الحرية من قبضة الظلم و لكنه حين يلتفت وراءه و يطل من "نافذة قرب الجناح" يرى وطنه يرى عمره يتلاشى في الظلام، ويجد أمامه غموض المستقبل في بلادالغربة . فيعود إلى النقطة صفر حيث الجمود و البياض و قد صار "إنسان الجليد"


back to top