لأن الأشياء تحدث لأن الأشياء تحدث discussion


13 views
حوار مع الكاتب

Comments Showing 1-2 of 2 (2 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by حاتم (new) - added it

حاتم حافظ حوار: سارة شرف الدين

لطالما كانت مصر الشقيقة ساحة إبداعية ساحرة في كافة المجالات تبنّت ورعت الثقافة والفنون فلا غرو أن تظل تخرّج أقلاماً أدبية صنعت تاريخ الأدب وما زالت.. هو شاب.. واثق الخطوة يمشي ملكاً.. تنضح كتاباته بما يحمله قلمه من إبداع.. تجد نفسك منجذباً متلهفاً لالتهام ما بين السطور.. حاتم حافظ.. صاحب رواية «لأن الأشياء تحدث».. التي حققت نجاحاً مبهراً.. وله كتابات في مختلف المجالات النقدية والأدبية.. هو من مواليد القاهرة 1974م.. حاصل على ليسانس آداب 1995 ثم بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية وتبعه في العام 2000 بماجستير في المسرح برسالة تحت عنوان «آليات تفكيك الخطاب المهيمن في نصوص صمويل بيكيت».. يعمل كمدرس مساعد بالمعهد العالي للفنون المسرحية ويعمل في مجالي الصحافة والإعلام منذ العام 1997م.. كتب للمسرح والتليفزيون قبل أن يصدر روايته.. الأولى «لأن الأشياء تحدث» عن دار عين للنشر عام 2008م.. له ثلاثة كتب: «أنساق اللغة المسرحية في مسرح تشيكوف» و»بهاء طاهر.. الرواية والجائزة» و»سوزان وسيمون.. كتابات ثقافية».. عمل مشرفاً على صفحة الرأي بجريدة البديل المصرية قبل توقفها.. يشغل حالياً منصب سكرتير تحرير مجلة «الفن المعاصر» الصادرة عن أكاديمية الفنون.. صحبنا حاتم في جولة داخلية عبّرت عن مكنوناته في كافة المجالات الأدبية وحدثنا بصراحة عن رأيه في الكتابة النسوية وكتابات الشباب..

توفيق الحكيم ساحر الكتابة الذي حببني فيها

< كيف كانت بداياتك وأول قصة كتبتها ولم تمزقها ومن ثم رأت النور؟

أول قصة قصيرة نشرت لي نشرت في مجلة «الشعر».. كنت وقتها طالباً في كلية التربية، وكنت قد بدأت في الاهتمام بكتابة القصة القصيرة ولأني لم أكن قد تخلصت من شاعرية الكتابة التي تسم كتابات الشباب فقد أرسل الصديق الشاعر خالد حمدان قصة قصيرة كنت قد أنهيتها لتوي إلى مجلة الشعر باعتبارها قصيدة!.. وحين شاهدتها على صفحات المجلة أصابتني الحيرة الشديدة ودعتني للسؤال عن فكرة التصنيف، من له الحق في تصنيف النص الأدبي، كما قررت يومها الاهتمام أكثر بالتخلص من الشاعرية، كانت النصوص البين بين «القصة ـ القصيدة» مبهرة بقدر ما كانت معقدة خصوصاً في لحظة تلقيها، لهذا قررت ألا أكتبها مرة أخرى.

< إلى أي مدى أثّرت حياتك التي عشتها على شخوصك وخلفياتك الثقافية؟

في حياتي لعبت امرأتان الدور الأكبر، أمي ومربيتي «سمية»، فقد تأرجحت بين تربيتين وثقافتين طوال فترة الطفولة، هذه الأرجحة رسمت ملامح عقلي وثقافتي. فما بين أمي بتربيتها الأرستقراطية (رغم الجذور الريفية) والنظامية أيضاً، وبين سمية مربيتي الفوضوية والفنانة بالفطرة، تأرجحت بين الوعي بضرورة النظام والفوضى، حتى تبين لي أن النظام والفوضى لازمان في هذا العالم. وأنه لولا الفوضى لما تطورت الدنيا. أما أبي فقد مثل لي محور هذه الأرجحة، كانت ثقافته بين بين، ما بين نظامية أمي وخيال مربيتي. كذلك عرفتني سمية بعالم الفقراء، لهذا أحسب أن انحيازي للفقراء لم يكن ترفاً فكرياً وإنما انحيازاً لأشخاص أعرفهم ويعرفونني، أحبهم ويحبونني.

< بمن تأثر حاتم في كتاباته؟

لا أعرف تحديداً متى قررت أن أكون كاتباً، ولكن يبدو أن ذلك حدث في سن مبكرة جداً. لدي قصة قصيرة اسمها «إيزيس» مضمومة بين دفتي غلاف صممته بشكل بدائي وكتب فوقها التاريخ «1988» أي أني تصورت نفسي كاتباً وأنا ابن أربعة عشر. لهذا أحسب أن قراري أن أكون كاتباً سبق ذلك بعدة سنوات. مؤخراً اكتشفت في مكتبتي أول كتاب أذكر أني اشتريته بنفسي، كنت في الثانية عشر، كان كتاب «تحت المصباح الأخضر» لتوفيق الحكيم، وهو الكتاب الذي لم يفتح لي أبواب المعرفة فحسب، بل أيضاً الكتاب الذي جعلني أؤمن بخطر الكتابة ورسوليتها. أدين طبعاً لتوفيق الحكيم، ثم بعده جاء كُتاب كثر، مصريون وعرب وأجانب، كافكا وتشيكوف وديستوفيسكي المثلث الأهم في حياتي كلها، لا أعرف مدى تأثيرهم بالضبط ولا حدود ما فعلوه بعقلي ولكني أعرف جيدا أن لا حياة لي بدونهم! بالقدر نفسه الذي أعرف أنه لولا زوجتي إيمان خيري لما كنت هذا الكاتب الذي أكونه الآن. فقد قررت لي أن الآوان قد آن ألا أتردد في النشر بعدما هيأت لي مكتبي وأوراقي وأقلامي والموسيقى التي أحب!

< حدثني عن الخط الفاصل بين الجرأة والابتذال في توظيف المشاهد الجنسية في الكتابة ؟

لا أحب التفكير في موضوع «الجنس في الكتابة».. الجنس في الكتابة مثله مثل النوم في الكتابة، رواية بلا جنس هي رواية بلا معنى، لأن حياتنا تتشكل وفق شروط كثيرة أحدها الجنس. المشكلة ليست في الرواية التي تحتوي مشاهد جنسية ولا في الرواية منزوعة الجنس، المشكلة في أن يكون الجنس في الرواية محض تزيّد، حلية تجارية لترويج الكتاب، أو أيقونة للتدليل على الجرأة. في روايتي كلام عن العلاقة السريرية بين بطل الرواية وزوجته، هناك تفتيش وراء أسباب الطلاق، لهذا رحل السرد إلى المنطقة الأكثر حميمية بين الشخصين الذين تطلقا لتوهما، لا أظن أن تجاهل هذا كان ممكناً في رواية كهذه.

< وهل هناك محاذير في الكتابة النسوية بهذا الصدد؟ من تراها متقدمة على رفيقاتها من الكاتبات؟

أغلب الكاتبات في الدول العربية لا يكتبن كتابة نسوية!.. أغلبهن يكتبن كتابة ذكورية للغاية، حتى اللاتي تجرأن في الكتابة عن الجنس. كتابة الجنس يمكن أن تكون ذكورية ويمكن أن تكون نسوية، السرد هو الحَكم. أحلام مستغانمي تكتب كتابة لا هي ذكورية ولا هي نسوية، كتابة ممسوخة، وتجارية، وإذا ما جردناها من الجرأة المزعومة تصبح بلا قيمة. سلوى النعيمي كذلك لا تكتب كتابة نسوية على الإطلاق، فروايتها «برهان العسل» رواية ذكورية وسطحية للغاية. اثنان في رأيي يكتبان كتابة نسوية حقيقية.. نورا أمين في مصر وتغريد الغضبان في سوريا.. لأنهما تعرفان إستراتيجية السرد النسوي.. فالسرد النسوي ليس في موضوعاته وإنما في إستراتيجياته.. تغريد الغضبان تفكك الخطاب الذكوري بقصص لا تتحدث عن الجنس ولا تدعي البطولة!

< ما رأيك في الأدب السوداني إذا أخذنا الطيب صالح نموذجاً وهل قرأت لغيره من السودان؟

الطيب صالح لم يلفت النظر لنفسه فقط وإنما كان أهم حدث أدبي في تاريخ السودان لأنه لفت النظر إلى أن ثمة أدب غاية في الأهمية يكتب في الجنوب، مثله مثل عبد الرحمن منيف في السعودية. ولكن للأسف لم ينجح شباب الكتاب في السودان في الانفتاح على العالم مثلما فعل الطيب صالح.

< في كتابات حاتم يأسرك السرد والوصف الدقيق للمشاهد هل تجد النصوص المنتشرة حالياً تعاني ركاكة في هذه الناحية؟ وهل النشر الالكتروني بقدر ما أتاح مساحات فرّخ دخلاء على الكتابة ؟

الأدب الجديد معظمه يفتقد للأدب.. هناك جهل باللغة غير مسبوق، لا أتحدث عن النحو رغم أهميته وإنما أتحدث عن جماليات اللغة. كل لغة لها جماليتها وإستراتيجيتها التي هي انعكاس لبنية العقل نفسه، وهذا ما لا يعرفه كثير من الكتاب. النشر الالكتروني أفسد اللغة والأدب وساعد على ترويج كتابات ليس لها مسوغ من الإعراب أساساً. حيث ساعد على توسيع نطاق عمل السوق وفعّل من آلياتها حتى تحول الأدب إلى سلعة يتم الترويج لها بنفس آليات الترويج للبيبسي كولا!

< هل ترى ضرورة لعيش الكاتب في غربة صقيعية أو ريف أوروبي ليبدع لنا كما هو حال كتاب شمال أفريقيا؟

لا يمكن لكاتب يعيش خارج حدود وطنه أن يكتب أدباً حقيقياً حتى ولو احتفظ بلغته. لا أؤمن بالكاتب المنعزل. العزلة يحتاجها الكاتب وقت الكتابة فحسب، حين يخط على الورق جملته الأولى أما ما عدا ذلك فإن الكتابة نفسها تتشكل في وعيه أثناء انخراطه في العمل العام. ومع هذا فإن العزلة في تصوري مسألة نسبية، يمكن للكاتب الانعزال بينما يكتب على مقهى مزدحم.

< ما هو جديد حاتم؟

أتفرغ هذه الأيام لروايتي الثانية «رأسان على وسادة».. ولكن يبدو أنها سوف تستغرق بعض الوقت، فكلما ظننت أني في الطريق الصحيح أفاجأ بها تنقلب عليّ بين الحين والآخر، حدثت حتى الآن عدة مفاجآت لم تكن في حسباني حين بدأت الكتابة، ولكني مستمتع بهذا في النهاية.

< بعد هذا المشوار الحافل هو وصل حاتم إلى ما كان يطمح له في بداياته؟

يُصيبني أحياناً الإحباط حين أفكر في أني قد أكملت كل هذه الأعوام بتردد شديد بين الكتابة للمسرح والأدب، بين الكتابة الأدبية والنقدية، بين الانشغال بالفن والانشغال بالفلسفة والسياسة. ولكني أحسب نفسي شخصاً محظوظاً فقد قوبلت كتاباتي في الرواية أو في المسرح بترحاب ما كان ليحدث لولا الجهد الذي بذلته في القراءة طوال هذه السنوات!


message 2: by [deleted user] (new)

حوار جميل جدا


back to top