أولادنا من الطفولة إلى الشباب
discussion
all discussions on this book
|
post a new topic
أولادنا من الطفولة إلى الشباب
discussion
نمو اللغة والكلام
اللغة ليست فقط مجرد وسيلة للتخاطب مع الآخرين، وإنما هي جزء حيوي وأساسي من الهوية الذاتية لكل واحد منا. ومن العجائب الرائعة في الحياة والدالة على عظمة الخلق والخالق هو ما يحدث بين الشهر الرابع والسادس من تطور الولد عندما يدخل مرحلة إصدار التصويت والتمتمة.
من التصويت إلى الكلمات:
حتى يفهم الإنسان دلالات هذه الأصوات وما ترمز إليه فإنه يحتاج للكثير من التعلم، ومن خلال الوقت يبدأ الولد العربي يفترق عن الولد الصيني أو الإنكليزي أو الهندي أو الماليزي، إلا انه بعد فترة تتحدد أصواته بأصوات أبويه وقومه. لذلك فمن المهم جداً تشخيص حالات فقدان السمع في وقت مبكر جداً لأننا يمكن أن نحسن حاسة السمع في بعض الحالات، وبذلك نساعد الولد على تطوير مرحلة التصويت إلى مرحلة الكلمات الكلام.
نمو الكلام في المراحل الأولى:
الأفضل للطفل بعد أن يدخل مرحلة التصويت أن يسمع من حوله أصواتاً وكلمات ومحادثات، وعلى الوالدين أن يتكلما معه ويُسمعانه أصواتهما.
ويفيد الأم كذلك أن تقلد الأصوات التي يصدرها ولدها، وتكررها على مسمعه، ويمكن للأم أو الأب أن يقوما بجلسات محادثة طويلة مع ولدهما، حيث يصدرا الأصوات وينتظراه ليأخذ دوره ويصدر أصواته ويقول كلمته في الموضوع.
ولا يقلق الأبوان إن تأخر الولد قليلاً في إصدار هذه الأصوات، فهذه المرحلة قد تبدأ ما بين 4-6 أشهر، إلا أن بعض الأولاد قد لا يصدر الأصوات إلا وهو في النصف الثاني من السنة الأولى، وإذا قلق الآباء على نمو ولدهم فيبقى الأولى استشارة أخصائي الأطفال، وقد يلاحظ التراجع إلى الأصوات الطفلية عندما يكون الولد منزعجاً أو يريد أمراً من أبويه، ونشير هاهنا إلى أن النمو اللغوي يبدأ في مرحلة مبكرة ومن ثم يتسارع بعد السنة الأولى من العمر.
والكثير مما يسمى أخطاء الأولاد القواعدية إنما هي نتيجة محاولة الولد أن يطبق قواعد اللغة والكلام التي يتعلمها، فيفضل ألا يبالغ الأهل في تصحيح أخطاء الولد، والمهم أن يتابع الكلام واستعمال اللغة، ويحاول ويجرب بدل أن يكون دوماً دقيقاً وصحيحاً فلا يتكلم ولا يجرب.
ضوضاء الأولاد:
إن الأطفال بطبعهم ضوضائيون يصدرون الأصوات باستمرار، ولذلك إذا فهم الأهل هذه الحقيقة فسيوفرون على أنفسهم الكثير من العناء والجهد الضائع في محاولة تهدئة الولد.
ولا يفيد هنا أن نجعل من الولد مخلوقاً هادئاً لا صوت له ولا حراك، فالولد يحصل على متعة كبيرة لمجرد إصدار الأصوات، ويفيد للأهل أيضاً أن يتوقعوا أن وجود ولد في المنزل يعني وجود الطاقة والحيوية والضوضاء والأصوات.
رفع الصوت الفجائي:
إن من وسائل الإنسان في التنفيس عن نفسه هي أن يرفع صوته أو يطلق صرخة، وقد يرتكس الآباء لمثل هذه الصرخة بالانزعاج والانفعال، فعلينا ضبط أنفسنا، وألا نشجع الولد على مزيد من الصراخ بصراخنا نحن.
الولد الكثير الكلام:
إن الولد الذي يتحدث ويتكلم إنما هو ولد منطلق محب للاختلاط بالآخرين والعالم من حوله، وإذا وجد الآباء تعباً من هذا السلوك فليذكروا كم يتعلم ولدهم من خلال هذا الكلام وهذه المحادثات.
أسئلة الأولاد:
إن القاعدة الجوهرية في التعامل مع أسئلة الولد هي أن يُنظر إليها على أنها جزء من عملية التعلم الطويلة في حياة الولد، وأن يحاول الأهل إجابته على أسئلته بقدر معقول قدر الإمكان، وأن يعطوه المعلومات التي يحتاج، ويجب على الآباء أن تبقى إجاباتهم واضحة وبسيطة، وبعيدة عن التعقيد، وإن من الأمور التي يقدرها الأولاد كثيراً في آبائهم هو العدل والموضوعية.
تكلم معه ليتكلم معك:
إذا كنت منفتحاً ونزيهاً مع ولدك، وتأخذ تساؤلاته باهتمام وجد، فإن ولدك لن يُمانع أبداً عندما تطرح عليه أسئلتك في المستقبل، فأنت كلما شاركت ولدك الآن، كلما شاركك في السنوات القادمة، فافتح له صدرك وتحدث معه.
شجع على نمو اللغة والكلام:
إن مساعدة الولد على تطوير لغته يعتبر من الأمور الهامة جداً التي يقدمها الوالد لولده، وهنا بعض التوجيهات في تطوير اللغة لدى الطفل:
1- تكلم معه قدر ما تستطيع، واستعمل اللغة في وجوده.
2- استمع له.
3- شجعه على استعمال الكلمات كلما كان هذا ممكناً.
4- شجعه على جهوده التي يبذلها.
5- صحح له الأخطاء بلطف، ولكن حاول أن تتجنب التصحيح كلما فتح فمه ليتكلم، لأنه قد يؤثر الصمت بدل الحديث والمحاولة.
6- لا تتسرع لتكمل له جملته إن أبطأ، أو تزوده بالكلمة.
7- اقرأ له، فالقراءة أمر ممتع ومثير للغة والكلام.
8- لا تضغط عليه أو تفرض عليه استعمال اللغة والكلام والقراءة.
الطفل المتأخر الكلام:
تختلف عند الأولاد سرعة تطور الكلام واللغة، كغيرها من أشكال التطور والنمو، فالكثير من العظماء في التاريخ كانوا ممن تأخر بالكلام في طفولتهم، إلا أنهم قضوا بقية حياتهم يعوضون عما فاتهم في صغرهم. والنصيحة هنا أنه إذا اعتقدت أن عند ولدك مشكلة في هذا الجانب فالأولى أن تتحدث مع طبيب الأسرة، فنحن كلما أسرعنا في تشخيص مثل هذه الحالات المرضية كلما استطعنا أن ننقص من تأثيراتها السلبية الدائمة المعيقة لتطور الولد. ومهما كان الأمر فلا تجعل الولد يقلق على لغته وكلامه، فهذا القلق سيزيد إعاقة نموه أكثر.
مشكلات أخرى للكلام:
صحيح أن كل الآباء يريدون لولدهم ألا تكون عنده صعوبة في الكلام، ولكن طالما أننا استطعنا أن ننفي وجود مرض عضوي جسدي فالغالب أن يتجاوز معظم الأولاد هذه المرحلة ويستقيم كلامهم.
التأتأة:
تحدث التأتأة لأسباب نفسية أكثر منها عضوية، والغالب أن يكم الخطأ في نوعية علاقة الولد بالآخرين من حوله، أو أنها تحدث بسبب الصدمات النفسية الشديدة، ولكن من أكثر أسباب التأتأة ما يجري في المنزل عندما يغضب أحد الوالدين من الولد فيكلمه بغضبٍ معنفاً له على عمل قام به، ولا يتيح له الفرصة للحديث الهاديء للدفاع عن نفسه.
ليحاول الأهل الصبر وأن يعطوا الولد الوقت والرعاية، ويشعرانه بالمحبة له، ويساعدانه على الشعور بالأمن، وعدم العجلة والمسارعة، والاسترخاء وعدم الارتباك فيما يتعلق بالكلام، ولا تشر للطفل أبداً أنك منزعج أو خجل أمام الناس من أسلوب كلامه.
ومن المفيد في علاج التأتأة: التغني والترنم بالآيات القرآنية والأبيات الشعرية والأناشيد والقصائد، وخاصة الإنشاد المشترك مع الآخرين. وانتبه ألا تستهزيء به، وألا تسمح لأحد أن يغيظه أو يسخر من أسلوب كلامه.
وأخيراً إذا استمرت الصعوبات الكلامية فتحدث عندها مع طبيب الأسرة أو الأخصائي النفسي، والذي قد يحول الولد إلى أخصائي المعالجة الكلامية.
تعلم لغتين أو أكثر:
هناك بعض الأولاد يعانون نتيجة النمو في بيئة ثنائية اللغة، ولكن هناك أيضاً من يكتسب الكثير من الإيجابيات في مثل هذه البيئة، والنقطة الأهم في الموضوع ليست مجرد عدد اللغات وإنما أسلوب تعامل الأسرة مع هذه اللغات داخل المنزل، وهذه بعض التوجيهات المتعلقة بالموضوع:
- قدم الولد أولاً بشكل سليم إلى لغة واحدة، وفي حالاتنا هي اللغة العربية.
- مع تعليمه العربية كلغة أولى افسح له المجال ليستمع للغة ثانية.
- بعد أن يبدأ بإتقان اللغة الأولى وامتلاك مفرداتها، فسيبدأ بالتقاط الثانية.
- لا تنفع أبداً محاولة إجبار الولد على استعمال لغة واحدة من دون الثانية.
- مما ينمي قدرة الولد على اللغة العربية واللسان السليم تلاة القرآن وحفظه.
- تأكد من توفر المواد الثقافية في المنزل باللغتين.
- من المهم أن يتفق الأبوان على سياستهما المتبعة في المنزل فيما يتعلق باللغة والكلام باستمرار.
الفصل الثاني عشر
نمو الذكاء
يعرف الذكاء بأنه عبارة عن قدرة الإنسان على رؤية العلاقات بين الأشياء واستعمال هذه العلاقات لحل المشكلات، وهذه القدرة قد تختلف من ولد لآخر، ولكن مع وجود البيئة المناسبة للتعليم والتوجيه، فحتى الولد الذي لم يلد بقدرات ذكائية عالية كحالة الولد الذي يصاب برضوض الدماغ يمكنه أن يتعلم كيف يتعامل ويتصرف مع الكثير من الحالات.
يمكن لأي إنسان أن يكون حاذقاً في أمر، ولكنه عاجز في أمور ومشكلات أخرى، فليس الذكاء على جميع المستويات، ومن المهم هنا أن يحاول الأب أو الأم أن يفتح لولده فرصاً واسعة لتنمية الانتباه والقدرة على حل المشكلات والمسائل.
فكر في أعمال بسيطة بمقدور ولدك القيام بها، واقض معه بعض الوقت الإضافي للقيام بالأعمال التي يجد فيها صعوبة كوظيفته المدرسية، ويجب أن يشعر الولد أنه مهما حدث معه داخل المنزل أو خارجه أن بإمكانه دوماً الحديث معك في الأمر، وهذا لا يعني طبعاً أنك لا ترشده إلى الخطأ وإلى ماذا عليه فعله في المستقبل، وإنما يعني أن تكون دوماً عادلاً ومساعداً ومؤيداً له.
ويمكنك أن تشرح لولدك أنه لا خجل مع ارتكاب الخطأ، وأننا كلنا يرتكب أخطاء ولكن علينا أن نحسن استخدام هذه الأخطاء لنتعلم منها ونتعرف على كيفية تجنبها في المستقبل.
الفصل الثالث عشر
النمو الأخلاقي والديني
إن الإنسان يكتسب انطباعه عن نفسه في السنوات الأولى من خلال موقفنا منه، فيجب علينا أن نفرق بين الحلال والحرام، وبين ما نريد ما لا نريد، ومن الملاحظ أن بعض الآباء يعطون أفكارهم ورغباتهم الكثير من البعد الديني في محاولة لفرض رغبتهم على الولد، وقد يشعر الولد بالذنب الديني كلما حاول أن يدافع عن موقفه أمام أي إنسان أكبر منه لأنه قد تلقى من والديه أنه "حرام" أن يناقشهما أو أن يدافع عن نفسه أمامهما. ليحاول الوالد أن يبذل بعض الوقت مع الولد ليشرح له الفروق بين الامور السيئة لأنها تزعجه، وبين الأعمال السيئة أخلاقياً وشرعياً.
تعليم اللطف:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه"، وأفضل نوع من اللطف والرفق الذي يأتي من التفكير الحقيقي والإحساس الصادق تجاه الآخرين، ولذلك إذا شجعت ولدك على تفهم الآخرين واحترامهم فإنه سينشأ ليكون صاحب خلق لطيف ورفق بالناس.
وتبقى أفضل طريقة للتعليم هي القدوة الحسنة، فإذا كنت ممن يستعمل العبارات والكلمات الإيجابية في حياتك المادية اليومية داخل المنزل وخارجه، فإن ولدك سيلتقط هذا النمط من السلوط بشكل عفوي تلقائي، وتبقى المدرسة أيضاً هي الوقت المناسب لتعليم الولد الآداب الاجتماعية.
هناك من الناس من يعتقد أنه إذا ربى ولده على اللطف وحسن الخلق، فإنه سيصبح ضعيفاً سهل السيطرة عليه، وهذا خلطٌ بين الكياسة واللطف وبين الخضوع والضعف، فاللطف الاجتماعي يزيد قدرة الإنسان على التأثير بالناس وترك مشاعر طيبة فيهم.
الصدق والكذب:
تزداد قدرة الإنسان على الإبداع الابتكار كلما كان أقدر على التخيل، لكن لنذكر أن الأولاد يعبرون عن خيالاتهم بطرق مختلفة ومتنوعة، ويخلط الآباء كثيراً بين الخيال والكذب، فيقعون في الخطأ الذي وقع فيه الأطفال.
ومن الخطأ أيضاً تكرار استجواب الولد ومسائلته في صدق ما يقول، ويفيد دائماً أن نقول أن المعالجة السليمة والحكيمة للأمور الأساسية في السنوات الأولى ستوفر الكثير من الجهد والوقت في السنوات المقبلة.
إن الأولاد الصغار لا يملكون في سنواتهم الأولى الحس الدقيق فيما لهم وما لغيرهم، ويفيد هنا أن نتعامل مع الولد بصبرٍ وتأن.
النمو الخلقي ما بين 5-11 من العمر:
إن السنوات ما بين الخامسة والحادية عشرة من العمر لفترة هامة في النمو الخلقي عند الولد، على الولد أن يتعلم أن الحياة ستضعه أمام حالات ومواقف ليتخذ هو فيها قراره الشخصي، فيما يفعل أو يقول، فلابد أن تكون عنده أرضية صلبة في المنزل من الأمن والمحبة والاحترام، وأن يكون عنده حس مناسب لما هو صح ولما هو خطأ من خلال تعامله مع أسرته، وأن يعلم أن والديه دوماً على استعداد للاستماع إليه ودعمه وتأييده عندما يحتاج لذلك.
حاول أن تشرح لولدك أيضاً أن استعمال الكلمات البذيئة عبارة عن طريقة بدائية في التعبير عما نريد، وأن اللغة غنية بالكلمات والمفردات التي تعبر عن أفكارنا ومشاعرنا بشكل دقيق ومناسب. وليتجنب الوالد استعمال أسلوب التخويف، حيث ان الولد يلجأ فيما بعد لكبت الأمر وإخفاءه خوفاً من العقاب، فتذكر أنك لن تكون مصاحباً لولدك على الدوام، فعلمه كيف يفكر بنفسه بحكمة وفهم، وكيف يدرك مشاعر الآخرين ويحترمها. إن أكثر ما يضر الأولاد والمراهقين في تكوينهم الديني:
- أولاً: النفاق، وهو المفارقة بين القول والتطبيق داخل الأسرة من قبل الوالدين.
- ثانياً: الإكراه على تطبيق الشعائر الدينية.
- ثالثاً: تحويل العبادات إلى مجرد طقوس لا معنى لها ولا روح.
- رابعاً: انعدام الثقة بين الأبوين والولد.