أولادنا من الطفولة إلى الشباب
discussion
all discussions on this book
|
post a new topic
أولادنا من الطفولة إلى الشباب
discussion
نمو الشخصية
يتحدث الكاتب في هذا الفصل بإيجاز عن أربعة مفاهيم رئيسة: المبادرة، واحترام خصوصيات الولد، ووالشعور بالقدرة والكفاءة، واحترام الذات.
المبادرة:
وتعني أن يفعل الطفل العمل بنفسه أو أن يتشارك مع من هو أكبر منه في العمل، وهذه مهمة جداً في السنوات الأولى من حياة الطفل للتدريب على تحمل المسؤولية وأخذ زمام المبادرة في قابل الأيام.
احترام خصوصيات الولد:
يؤكد الكاتب هنا على حاجة الطفل إلى أن تكون له خصوصيات يختارها بنفسه، ويحترمها الآخرون، وهذه الحاجة تنشأ عند الطفل في سن السادسة تقريباً.
ينبغي هنا أن نساعد الطفل على حسن الاختيار، وتحمل مسؤولية الاختيار، واحترام خصوصيات الآخرين.
وحذار أن نقع في رفض اختيار الطفل المباشر، بل التعامل مع بأناقة واحترام وبيان الأسباب التي تدعونا إلى رفض اختياره.
هناك من المبادرات الجيدة التي يقوم بها الأطفال، لكن مع أشخاص غير مناسبين أو في أوقات غير مناسبة، علينا أن نفهم الطفل أن المشكلة في الوقت أو في مناسبة الشخص، وليس في المبادرة حتى لا يتوقف عن المبادرة بل يجيد استغلالها.
الشعور بالقدرة والكفاءة:
على الوالدين أن ينميا لدى الطفل الشعور بالقدرة والكفاءة من خلال تقديم التشجيع والمساعدة في أداء المهام التعليمية، ويمكن تحقيق الكثير في هذا الشأن من خلال اصطحاب الطفل إلى المكتبات والمتاحف والمعارض وزيارة الأماكن التعليمية بشكل عام، وكذلك تأمين الكتب والمراجع المناسبة داخل المنزل، كما يجب التركيز على التميز في شخصيته وذاته وصفاته الخاصة، وأن يشرح له الوالدان كيف أنه إنسان قائم بحد ذاته يحمل هويته وخصائصه، ويشعر بمشاعره وأفكاره وسمعه وبصره، وأن ينميا إيجابيات ويتدارك نقاط ضعفه.
احترام الذات
إن الولد الذي ينشأ في أسرة تقدم لأفرادها التشجيع، ويقدَّر فيها الولد كإنسان مكرم، فإنه سيتعلم الثقة بنفسه وبالآخرين، ومن ثم سيتعلم روح المبادرة والشعور بالكفاءة، وبذلك يكون قد تعلم أمراً جوهرياً هاماً في نمو الشخصية وتطورها ألا وهو قبول الذات واحترامها، حيث يعتبر احترام الذات من المواضيع المهمة في تطوير الشخصية والصحة النفسية للإنسان، فالولد المصاب بضعف القدرة على قبول ذاته واحترامها يميل إلى الخوف والتردد، والغالب أن يكون حزيناً منعزلاً عن الآخرين، بخلاف الولد الذي يحترم ذاته ويقدرها.
وغالباً ما يكون عند الفتيات نسبة أعلى من ضعف الثقة بالنفس، بسبب الوضع الاجتماعي الذي توضع فيه المرأة بشكل عام داخل المجتمع. وقد أشار الكاتب إلى ميزات الأسرة التي تربي ولدها على احترام الذات والثقة بالنفس:
- يتلقى الولد الحب غير المشروط من والديه.
- لا يهدَّد الولد أبداً بسحب هذا الحب.
- الأسرة تساعد الولد على قبول عواطفه وانفعالاته ومشاعره.
- هناك حديث دائم في الأسرة حول ما يهم هذه الأسرة من قرارات.
- يُدعى كل فرد للإبداء برأيه ووجهة نظره.
- يعرف الوالدان رغبات الولد.
- يشارك الوالدان تجاربهما مع الأولاد.
- يسمع الوالدان لما يريد الولد.
- يحترم الوالدان خصوصيات الولد.
- يعرف الوالدان طبيعة الولد وشخصيته.
- يشعر الولد أنه إنسان هام بالنسبة لأمه وأبيه.
- الكل يفهم ويعرف القواعد المنزلية التي وضعوها بالمشاورة وتبادل الآراء.
- يعرف الولد علاقته بوالديه ومسؤوليته أمامهم.
- يعرف الولد بوضوح ما هو السلوك المقبول وما هو السلوك غير المقبول..
- يعامل الوالدان ولدهما بموضوعية وعدل واحترام.
- لا يُحرج الإنسان وينقص من قدرته وقيمته، ولا يُستهزأ به وبآرائه.
- لا يُستعمل مع الولد عبارات الإهانة والنقص من القدر.
- لا يُعارض الولد في التعبير عن مشاعره وأحاسيسه.
- هناك الكثير من العطف مع التماس والملاعبة.
- إدراك الولد أنه محبوب ومرغوبٌ فيه داخل الأسرة.
- إدراك الولد ان أبواه يقدرانه ويحترمانه طوال الوقت.
- لا تُدرس الثقة بالنفس للولد كأمور نظرية، بل تقدم له بالتدريج.
- تشجيع الولد على استعمال اللغة الإيجابية عن نفسه.
- تشجيع الولد على استعمال لغة تنم عن أنه مسؤول عن أعماله.
- تشجيع الولد على التعبير عن نفسه بـ "أنا" وليس بصيغة الغائب.
- تشجيع الولد على النظر في وجه الآخرين عندما يتحدث معهم.
- تعليم الولد كيف يقدم لنفسه اقتراحات يكررها على مسمعه، ويكتبها في ورقة.
- مساعدة الولد على وضع أهداف واقعية ممكنة التحقيق لنفسه.
الفصل الثامن
المزاج
يبدأ تشكيل المزاج عند الطفل في السادسة من عمره تقريباً، ويعتقد أنها موروثة من الأبوين، وهي المادة الأولية لتكوين الشخصية، ويعني المزاج أن للولد ميلاً خاصاً لنوع من السلوك والتصرفات؛ إلا أن للأبوين دور رئيسي في طريقة تعلم الولد كيف يعيش مع مزاجه وطبيعته، وكيف يطور هذه المواصفات، وكيف يتعلم السيطرة عليها وتوجيهها. ويفيد أن نتذكر أن الولد لا يختار بإرادته طبيعته ومزاجه.
الولد السلبي أو الصعب:
إذا وجد الوالدان مع ولدهما جوانب سلبية في عاطفته ومزاجه، فالشيء الهام أولاً أن يتقبلا هذا الأمر ويتفهمانه، ولا يعني هذا الاستجابة الدائمة لطلباته ورغباته، بل التوجيه الإيجابي لها.
الولد المبتهج والسعيد:
هذا الولد يجعل مهمة الأبوان أيسر وأسهل، فسوف يتكيف هذا الولد بسهولة ويسر مع تغيرات الحياة والروتين، وسيتجاوز الصعوبات والعقبات بسرعة، وسيتمتع بموقف إيجابي دوماً تجاه الحياة والمستقبل، والنصيحة هنا ألا نستغل هذه الطيبة في الضغط عليه بالأوامر والتعليمات.
الطفل المنسحب الانطوائي:
يجب الانتباه إلى عدم إهمال الطفل الانطوائي وتركه يتصرف بمفرده، وإنما يفضل ان يفتح له المجال والفرصة لإبداء الاهتمام والرغبة في بعض الأعمال، ويفيد أن نقول إن العقاب لن يساعد هذا الطفل على تغيير مزاجه، بل ليحاول الوالدان أن يساعدوه على تقبل مزاجه وطبيعته، فسوف تصبح حياته أسهل وأسعد عندما يحدث ذلك.
اقبل الولد كما هو وحاول أن تساعده على أن يصبح إنساناً ناجحاً وسعيداً في الحياة، ولنتذكر أن ثراء طبائع البشر يكمن في تنوعها واختلافها بين الناس، ولنتذكر أيضاً أن الصفات التي تجعل الولد صعباً في صغره قد تكون هي ذاتها من أسباب نجاحه في شبابه ونضوجه، كالتصميم على فعل الشيء مثلاً، فالواجب عدم كبت هذه الصفات ومنعها بل تقبلها وتفهمها والتعامل معها بذكاء.
الفصل التاسع
النمو العاطفي
يهتم كثير من الآباء بالاحتياجات المادية وربما العقلية؛ إلا أنهم قد يغفلون الاحتياجات العاطفية، لكن تبقى التأثيرات الأسرية من أهم العوامل المؤثرة على العاطفة؛ فالجو المشحون بالتوتر والجدال لا يعطي الطفل الفرصة المطلوبة للنمو العاطفي الصحي.
إذا كان الأب مثلاً من النوع القلق والكثير التخوف من الناس فقد ينشأ الطفل ليكون قليل الثقة بالناس، وقلقاً مثل والده، وكذلك إذا كانت عاطفة الأم تميل إلى الاكتئاب والنظرة المتشائمة للأمور فقد يكون ولدها متردداً وضعيف الثقة بنفسه.
موقف الأبوين من نفسيهما، ومن الناس من حولهما، ومن الحياة بشكل عام سيكون له الأثر الكبير على عاطفة الأولاد، ومن المهم أن يكون الجو العام للأسرة مشجعاً للأولاد على التعاون والعمل المشترك، بدل أن يدعوهم دوماً إلى التنافس والعمل الفردي.
طرق تنمية صحة الطفل:
1- فهم احتياجاته: من خلال إعطاءه المحبة والدفء والاهتمام، وذلك من خلال الجلوس معه وقضاء الوقت المناسب في صحبته، في الكلام أو اللعب والقراءة. وأن نقبله كما هو، وأن يُعطى الأمن وإشعاره بالتواجد معه دوماً.
2- تعويده الاعتماد على ذاته: من خلال إشعاره بأننا نثق في إمكاناته وقدراته، وأن نتجاوز عن الخطأ أثناء محاولاته، وأن نترك له القيام بأموره وأعماله الخاصة، وألا نفرط في حمايته ورعايته، وأن نشركه في أعمال المنزل، فمن غير العدل أن تترك كل الأعمال والمسؤوليات لفرد واحد كالأم مثلاً، كذلك علينا احترام خصوصياته.
3- إعطاءه التوجيه والهداية: من خلال إعطاءه أرضية صلبة تمكنه من اتخاذ القرارات في مستقبل حياته، وتعريفه بدينه وقيمه وإيمانه، وتعليمه ما هو حلال مقبول، وما هو حرام مرفوض، وتعليمه بالقدوة والسلوك لا بمجرد الكلام، كذلك على الوالد أن يثق بولده؛ فالثقة بين الولد ووالده من الأمور الحساسة والهامة في نشأته الأخلاقية والدينية والحياتية بشكل عام.
4- وضع قواعد في المنزل: كقواعد النوم والطعام والدراسة وغيرها، كما يجب إيجاد روتين ونظام داخل البيت، ووضع حدود عادلة ومعقولة، ولابد من اتباع هذه الضوابط والقواعد على الدوام، والمعاقبة على مخالفتها، ولابد من المكافئة على السلوك الجيد الحسن، فكل سلوك يعزز ويشجع فإنه سيتكرر في المستقبل.
5- إشراكه في مشكلات الأسرة: وهذا من الامور المفيدة في حياة الطفل حيث يختبر الحياة بحلوها ومرها وهو في بيت والديه، وبذلك سيكون أقدر على مواجهة ما تأتي به الحياة من صعوبات وتحديات.
6- فهم أصدقاء الولد: فنكون على مستوى توقعاته تجاه أصدقاءه، وليحذر الوالدان من الانجرار لتقليد أهل الأصدقاء في معاملتهم لأبناءهم، فقد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، وليتجنب الوالدان اتيار أصدقاء الولد، بل يعلماه طريقة الاختيار الصحيحه، ويتحدثان معه في الأمر باستمرار، ويمكن للوالدان أن يؤثرا في نوعية الأصدقاء من خلال اختيار مكان السكن المناسب، واختيار المدرسة المناسبة، فكل ذلك يؤثر في نوعية الأصدقاء.
7- مساعدة الولد على التعلم: من خلال متابعة واجباته المدرسية، والاجتماع بمعلميه والتحدث في تقدمه ونموه، وألا نضغط عليه ليتعلم، وكذلك رفع موانع التعلم كالمرض.
8- إشراكه في تجاربنا الخاصة: من خلال التحدث معه عن ذكرياتنا وطفولتنا، وعلاقاتنا وصداقاتنا، ومهنتنا وعملنا، والقيام بمشاريع مشتركة مع الأسرة.
الفصل العاشر
الاستمرارية ونمو الحب والثقة
مع نمو الولد ليصبح إنساناً بحد ذاته، له خصائصه وصفاته المميزة، سيشعر الوالدان بقربهما من ولدهما أكثر وأكثر، وتعتمد نوع العلاقة في هذه المرحلة وإلى حد كبير على طبيعة علاقة الوالدين بولدهما في الأسابيع والأشهر الأولى من حياته.
من خلال تكوين هذا الرباط تنمو العلاقة والمحبة بالاتجاهين بين الولد ووالديه، وإذا فشل تكون هذا الرباط في السنة الأولى، كأن يترك الولد لرعاية عدد كبير ومختلف من الناس كما قد يحصل في دار الأيتام، أو كأن يترك بمفرده لمدة طويلة لا يختلط فيها بأحد، فسيصعب عليه في مستقبل حياته أن يعوض عن هذا الحرمان العاطفي والنمائي.
الثقة من الأمور الأساسية التي تعلمها الولد في السنة الأولى من حياته مع والديه تعطيه أرضية صلبة هامة في حياته وتكوين شخصيته، حيث ينطلق من هذه الأرضية ليستكشف العالم من حوله، وإذا تعلم الولد الثقة بأبويه فسيتعلم أيضاً الثقة بالناس الآخرين، وتجعل منه هذه الثقة التي تكونت بينه وبين أبويه إنساناً اجتماعياً ومرحّباً بالآخرين.
ومن الأمور المهمة في زرع شعور الثقة عند الولد "الاستمرارية"، وتعني: أن يتصرف الوالدان بمعيار واحد، وموقف واحد ثابت، ففي الاستمرارية سيتعلم الولد وبسرعة أن الأرضية التي يتعامل من خلالها مع والديه أرضية ثابتة، ومهما كان طبع الولد ومزاجه فإنه ينمو ويكبر بشكل أفضل وأصح في جو من النظام والروتين المعروض والواضح في حياته.
ومما يحتاجه الإنسان طوال طفولته أن يعرف ان هذه الرعاية والمحبة متوفرة له على الدوام من قِبَل والديه، وأنهما لن يحرمانه من هذه الرعاية. وكل هذا سيساعده على تكوين صورة واضحة عن العالم والحياة ونفسه ووالديه والآخرين، ويساعده أيضاً على رؤية مكانته وقيمته الذاتية في هذه الحياة.