العنوان: دروز بلغراد، حكاية حنا يعقوب. الجنس الأدبي: رواية. المؤلف: ربيع جابر ط 1 - 2011- المركز الثقافي العربي - الدار البيضاء، بيروت ودار الآداب للنشر والتوزيع- بيروت. الحجم: 240 صفحة من الحجم المتوسط.
تبدأ الرواية بأسلوب الخطف خلفا (Flashback) ، وتحت عنوان: "الجبل الأسود(1872)" يبدأ المؤلف روايته بضمير المتكلم على لسان حنا يعقوب: "أيقظني الهدير وارتجاج الأرض. أين أنا؟ في حبس الهرسك أم في قلعة بلغراد؟ القيود الحديد منعتني من النهوض..."(ص9) وحنا بائع البيض المسلوق، أو كما تقول زوجه هيلانة "البيضات" فيضحك... كان يبيع البيض لكنه كان ضحية بسبب الاقتتال بين الدروز والمسيحيين حين أسر العثمانيون أولاد أحد شيوخ الدروز لارتكابهم القتل والحرق والجرح بحق المسيحيين، فكانوا مع من حبسهم الباشا التركي لنفيهم بالاتفاق مع القنصل الفرنسي. فجاء الشيخ غفار يستعطف الباشا التركي إسماعيل، وقدّم له رشوة، فقرر أن يفك أسر أحد أبنائه، وأمسكوا بحنا ليكون بديلا عن الذي أطلق سراحه، وهدّدوه بقطع لسانه، ووضعوه مع الأسرى لفك أسر واحد من أبناء الشيخ. وقد كسّر ضابط فكّه بمؤخرة بندقية حينما صرخ و قال: إنه حنا يعقوب وهو مسيحي وليس درزيا، وترجم الضابط للقنصل الفرنسي ما قاله زاعما أنه يقول إنه قتل حنا المسيحي. ويمضون به مع الدروز إلى سجن في المنافي البعيدة في "الهرسك" أو" قلعة بلغراد". وما عاناه في أكثر من عشر سنوات يجعله يتساءل: "أين العدل؟ كيف يصنع الربّ بي هذا؟..."(ص9)
2- لغة في الرواية:
أ- اللغة في رواية دروز بلغراد لغة سهلة، لكنها تتضمن كلمات كثيرة قد تكون بحاجة إلى توضيح وشرح، وربما أتى ببعض الكلمات لتمثّل مرحلة تاريخية تدور فيها الأحداث، وهي فترة الحكم العثماني؛ فهناك كلمات مثل القشلاق، والخان وكانت هناك كلمات أكثر غرابة مثل العبارة التالية عن الأطعمة: (رغيف مرقوق دوغري عن الصاج بلبنة سردالي)، أو (كشك بقورمة)، أو في حديثه عن بساتين ومزارع الفواكه: (حيطان جلولها) وغيرها. ب- لكن الأكثر إشكالية الأخطاء الكثيرة وخاصة في همزتي القطع والوصل كما في الأمثلة القليلة التالية وهي غيض من فيض: اسماعيل – الى - ان – أخبروه أن اسماعيل ص 16 فهو غالبا لا يكتب همزة القطع بشكل صحيح، فلا يرسم تحتها أو فوقها الهمزة ومن الأمثلة أيضا: احدى ص17 امام ص 21 كانه صُبَّ من مادتين ص31 أو يجعل همزة الوصل همزة قطع كما في: الإسم ص 24 إبني ص61 وهناك كلمات عامية سواء أكانت في الحوار( أبوس يدك 24) وهذا قد يكون مقبولا عل أساس تمثيل الشخصيات في بعض الكلمات أو الاقتراب من الواقع. 3- - أو في سرد المؤلف نفسه أقرب باست يده 15) 4- ومن أساليبه في الوصف أن يصف الشيء بالشيء لا بصفته مما يجعل الوصف أقوى: مثل: "القيود الحديد 9 ) فلم يقل الحديدية، ومثلها:الجرس النحاس 27 الأصابع العظم 28 5- ويضاف إلى ما سبق بعض الأخطاء اللغوية الأخرى، مثل: (يا ابني، ويا ابنتي)، جاءت هكذا، والصواب حذف همزة الوصل هنا من ابن وابنة بعد يا. و مثل قوله : (سمّاه فؤاد)، والصّحيح سمّاه فؤادًا. ومن الناحية البلاغية لغته ليست فنية إلا قليلا فالتشبيهات قليلة جدا، أما من الناحية الفنية فلغة السرد عنده تنوعت بين الحيث بضمير المتكلم، والحوار، وغلب السرد عليهما. لكن لغة الرواية عموما ليست قوية لدرجة التساؤل: هل كانت تستحق الرواية جائزة البوكرالعربية ؟
3- الأحداث في الرواية:
في سنة 1860 تقوم الحرب بين الدروز و المسيحيين ، فيحكم الباشا العثماني بنفي الدروز إلى شرق أوروبا. تطرق المؤلف إلى فترة الحكم العثماني، والصراع العثماني مع مناطق البلقان. وصور رحلة معاناة وسجن حنا وبقية السجناء على امتداد 12 سنة من السجن فى بلغراد والهرسك والجبل الأسود وغيرها من بلاد البلقان، وكأن الكاتب يريد تقديم رواية ببطولة جماعية، على الرغم من أن محورها شخصية حنّا يعقوب، وابتعد عن فكرة الاهتمام بالفرد على حساب الجماعة، كما سرد أحداثا ومظاهر للحياة في العصر العثماني : الخان والقهوة وحياة السلاطين والنظام الإقطاعي و أنوع الظلم والفساد. وكان هناك الكثير من الأشخاص و الأحداث يمكن الاستغناء عنها، فتفاصيل الرحلة أكثر من الأشخاص، أفقد الرواية أحيانا عنصر التشويق، وكأنه جعل سرد الحدث متطقعا . ونتيجة نفي الدروز وحنا الضحية كانت مواجهة ظروف الصراع والحرب التي لا تعنيهم بالإضافة إلى ظروف السجن القاسية، داخل الأقبية الضيقة ورحلتهم الشاقة في بلاد باردة غريبة مكبلّين بالأصفاد مسلوخي الجلد منتفخي البطون ناتئي عظام الجسد كان منهم من انتحر، ومنهم من مات، ومن أصيب بالعمى، ناهيك عن الأمراض، لكن بعض الغموض اكتنف الأحداث، وكأنها كانت بحاجة إلى بعض الإيضاحات والمعلومات أحيانا. وعموما كأن الأحداث هي التي جعلت القارئ يتعاطف مع حنا بطل الرواية، وكأنها هي جعلته بطل الرواية. وعلى الرغم من تعدد الأحداث إلا أن حكاية حنا يعقوب لم تكن تشير فقط إلى مجرد سوء حظ، أوخطأ ما أوحتى تشابك مع الواقع الراهن، إنما هي تطرح فكرة عبر الأحداث الواقعية في زمن تاريخي. و الكاتب يضع أسماء مصادر ومراجع استقى منها منها أحداث الرواية .
4- شخصيات الرواية حنا يعقوب هو الشخصية الرئيسة في الرواية والناجي الوحيد فهي تبدأ وتنتهي به من سنوات النفي تبدأ قصة المسيحي حنا يعقوب بائع البيض الذي قدر له ان يكون في المكان الخطأ في الوقت الخطأ،ويبقى يذكر نفسه بلا صوت "أنا حنا يعقوب مسيحي من بيروت،بيتي على حائط كنيسة مار الياس الكاثوليكية " لكنه عاش معه الدروز وعانى معاناتهم. لكنه لم يكن غالبا شخصية فاعلة إلا في آخر الرواية حيث صمم على العودة إلى زوجته وابنته. ومجموعة شخصيات الدروز تمثل بعض حياتهم، وطيبتهم، على الرغم مما ارتكبوه من قتل فهم فلاحون بسطاء مخلصون، وهم يعملون في البساتين أفضل من غيرهم وكأنها لهم، وهم شجعان، ويلتزمون بكلامهم، ولا يتمردون على السلطان كما يرى الراوي، فعندما أخرجوهم لتصليح طرق أفسدتها السيول"كانت بهجتهم لا تصدق".بلغوا هضبة وأطلوا على البساتين."دبروا لهم قبوا واحداً واجمعوهم فيه". لكن السجن أثّر فيهم لدرجة أنهم عندما "أطلقوهم وضموهم إلى فرقة الهندسة في الجيش العثماني كي يخدموا" خافوا من المدى الفسيح ونقاء الهواء والمأساة ربطت بين أبطال الرواية، علي اختلاف مذاهبهم وأوطانهم، والشعور بالظلم لا يفرق بين لون وعرق ودين،. فحنا يعقوب ، أعانهم في مرضهم، وأعانوه، وواساهم، وواسوه، ودعا أدعيتهم، شخصيات من الخيال، تبدو حقيقية، صدقها القارىء، وتعاطف معها، وعاش معاناتها. هيلانة ، وابنتها بربارة البالغة من العمر سنة واحدة، و كان المؤلف بين فصول وأخرى يرجع إلى الحديث عنها؛ لأنها هي تستحوذ مع ابنتهاعلى تفكير زوجها حنا. وكانت هناك الشخصيات الثانوية مثل: الشيخ غفار الدرزي، وإسماعيل باشا، ونازلي، وشراوالي التي كانت تتبين ربما مثالا للفساد أو الظلم.ومن الشخصيات التي ركز عليها قاسم برفقة حنا غالبا. واستطاع تحريك شخصياته عن طريق أحداث وشخوص في أمكنة مجهولة لديهم وصعبة، فينقلون من بيروت إلى البلقان وتتواصل معهم مشاهد الألم، ولأن ظروفهم تحدّ من حريتهم فتكون شخصيات أقرب إلى الجمود والسلبية، لكنها بحكم واقعها المرير تكتسب تعاطف القراء.
5- خاتمة
يمكن القول: إن الرواية تستحق القراءة، وتمنحنا المتعة والفائدة. وحبذا لو صححت الأخطاء في طبعات قادمة. أما الأحداث فهي التي أعطت الرواية التسشويق، وهي التي حركت الشخصيات، وكأنها أقدارها المحتومة، وكان من المكن أن تكون مختصرة أكثر، وربما كان الموضوع الذي كان في المقدمة أي اقتتال الدروز والمسيحيين، ثم معاناة المنفيين بحسب المحكمة العثمانية الأوربية هو مثال من أمسنا القريب، وواقعنا الراهن، فما زلنا بالمقارنة مع الغرب نعاني من ويلات الطائفية، ومازلنا في حالة تخلف، وكأننا مازلنا مستعمرين وإن بشكل مختلف. لكن قد تكون هناك روايات أخرى أقوى لغة وفنية تستحق جائزة البوكر أكثر من هذه الرواية، ومهما يكن فإنها اشتهرت كرواية بعد أن جلبت لصاحبها هذه الجائزة عام 2012م.، وقدّمت فترة من التاريخ والأحداث في صيغة روائية قد يرى فيها بعضهم أقرب إلى واقع مضى، وقد يرى بعضهم فيها إساءة لفترة الحكم العثماني.
1- التعريف بالرواية:
العنوان: دروز بلغراد، حكاية حنا يعقوب.
الجنس الأدبي: رواية.
المؤلف: ربيع جابر
ط 1 - 2011- المركز الثقافي العربي - الدار البيضاء، بيروت
ودار الآداب للنشر والتوزيع- بيروت.
الحجم: 240 صفحة من الحجم المتوسط.
تبدأ الرواية بأسلوب الخطف خلفا (Flashback) ، وتحت عنوان: "الجبل الأسود(1872)" يبدأ المؤلف روايته بضمير المتكلم على لسان حنا يعقوب: "أيقظني الهدير وارتجاج الأرض. أين أنا؟ في حبس الهرسك أم في قلعة بلغراد؟ القيود الحديد منعتني من النهوض..."(ص9)
وحنا بائع البيض المسلوق، أو كما تقول زوجه هيلانة "البيضات" فيضحك... كان يبيع البيض لكنه كان ضحية بسبب الاقتتال بين الدروز والمسيحيين حين أسر العثمانيون أولاد أحد شيوخ الدروز لارتكابهم القتل والحرق والجرح بحق المسيحيين، فكانوا مع من حبسهم الباشا التركي لنفيهم بالاتفاق مع القنصل الفرنسي.
فجاء الشيخ غفار يستعطف الباشا التركي إسماعيل، وقدّم له رشوة، فقرر أن يفك أسر أحد أبنائه، وأمسكوا بحنا ليكون بديلا عن الذي أطلق سراحه، وهدّدوه بقطع لسانه، ووضعوه مع الأسرى لفك أسر واحد من أبناء الشيخ. وقد كسّر ضابط فكّه بمؤخرة بندقية حينما صرخ و قال: إنه حنا يعقوب وهو مسيحي وليس درزيا، وترجم الضابط للقنصل الفرنسي ما قاله زاعما أنه يقول إنه قتل حنا المسيحي.
ويمضون به مع الدروز إلى سجن في المنافي البعيدة في "الهرسك" أو" قلعة بلغراد". وما عاناه في أكثر من عشر سنوات يجعله يتساءل: "أين العدل؟ كيف يصنع الربّ بي هذا؟..."(ص9)
2- لغة في الرواية:
أ- اللغة في رواية دروز بلغراد لغة سهلة، لكنها تتضمن كلمات كثيرة قد تكون بحاجة إلى توضيح وشرح، وربما أتى ببعض الكلمات لتمثّل مرحلة تاريخية تدور فيها الأحداث، وهي فترة الحكم العثماني؛ فهناك كلمات مثل القشلاق، والخان وكانت هناك كلمات أكثر غرابة مثل العبارة التالية عن الأطعمة: (رغيف مرقوق دوغري عن الصاج بلبنة سردالي)، أو (كشك بقورمة)، أو في حديثه عن بساتين ومزارع الفواكه: (حيطان جلولها) وغيرها.
ب- لكن الأكثر إشكالية الأخطاء الكثيرة وخاصة في همزتي القطع والوصل كما في الأمثلة القليلة التالية وهي غيض من فيض:
اسماعيل – الى - ان – أخبروه أن اسماعيل ص 16
فهو غالبا لا يكتب همزة القطع بشكل صحيح، فلا يرسم تحتها أو فوقها الهمزة ومن الأمثلة أيضا:
احدى ص17
امام ص 21
كانه صُبَّ من مادتين ص31
أو يجعل همزة الوصل همزة قطع كما في:
الإسم ص 24
إبني ص61
وهناك كلمات عامية سواء أكانت في الحوار( أبوس يدك 24) وهذا قد يكون مقبولا عل أساس تمثيل الشخصيات في بعض الكلمات أو الاقتراب من الواقع.
3- - أو في سرد المؤلف نفسه أقرب باست يده 15)
4- ومن أساليبه في الوصف أن يصف الشيء بالشيء لا بصفته مما يجعل الوصف أقوى: مثل: "القيود الحديد 9 ) فلم يقل الحديدية، ومثلها:الجرس النحاس 27 الأصابع العظم 28
5- ويضاف إلى ما سبق بعض الأخطاء اللغوية الأخرى، مثل:
(يا ابني، ويا ابنتي)، جاءت هكذا، والصواب حذف همزة الوصل هنا من ابن وابنة بعد يا.
و مثل قوله : (سمّاه فؤاد)، والصّحيح سمّاه فؤادًا.
ومن الناحية البلاغية لغته ليست فنية إلا قليلا فالتشبيهات قليلة جدا، أما من الناحية الفنية فلغة السرد عنده تنوعت بين الحيث بضمير المتكلم، والحوار، وغلب السرد عليهما.
لكن لغة الرواية عموما ليست قوية لدرجة التساؤل: هل كانت تستحق الرواية جائزة البوكرالعربية ؟
3- الأحداث في الرواية:
في سنة 1860 تقوم الحرب بين الدروز و المسيحيين ، فيحكم الباشا العثماني بنفي الدروز إلى شرق أوروبا. تطرق المؤلف إلى فترة الحكم العثماني، والصراع العثماني مع مناطق البلقان.
وصور رحلة معاناة وسجن حنا وبقية السجناء على امتداد 12 سنة من السجن فى بلغراد والهرسك والجبل الأسود وغيرها من بلاد البلقان، وكأن الكاتب يريد تقديم رواية ببطولة جماعية، على الرغم من أن محورها شخصية حنّا يعقوب، وابتعد عن فكرة الاهتمام بالفرد على حساب الجماعة، كما سرد أحداثا ومظاهر للحياة في العصر العثماني : الخان والقهوة وحياة السلاطين والنظام الإقطاعي و أنوع الظلم والفساد.
وكان هناك الكثير من الأشخاص و الأحداث يمكن الاستغناء عنها، فتفاصيل الرحلة أكثر من الأشخاص، أفقد الرواية أحيانا عنصر التشويق، وكأنه جعل سرد الحدث متطقعا .
ونتيجة نفي الدروز وحنا الضحية كانت مواجهة ظروف الصراع والحرب التي لا تعنيهم بالإضافة إلى ظروف السجن القاسية، داخل الأقبية الضيقة ورحلتهم الشاقة في بلاد باردة غريبة مكبلّين بالأصفاد مسلوخي الجلد منتفخي البطون ناتئي عظام الجسد كان منهم من انتحر، ومنهم من مات، ومن أصيب بالعمى، ناهيك عن الأمراض، لكن بعض الغموض اكتنف الأحداث، وكأنها كانت بحاجة إلى بعض الإيضاحات والمعلومات أحيانا.
وعموما كأن الأحداث هي التي جعلت القارئ يتعاطف مع حنا بطل الرواية، وكأنها هي جعلته بطل الرواية.
وعلى الرغم من تعدد الأحداث إلا أن حكاية حنا يعقوب لم تكن تشير فقط إلى مجرد سوء حظ، أوخطأ ما أوحتى تشابك مع الواقع الراهن، إنما هي تطرح فكرة عبر الأحداث الواقعية في زمن تاريخي. و الكاتب يضع أسماء مصادر ومراجع استقى منها منها أحداث الرواية .
4- شخصيات الرواية
حنا يعقوب هو الشخصية الرئيسة في الرواية والناجي الوحيد فهي تبدأ وتنتهي به من سنوات النفي تبدأ قصة المسيحي حنا يعقوب بائع البيض الذي قدر له ان يكون في المكان الخطأ في الوقت الخطأ،ويبقى يذكر نفسه بلا صوت "أنا حنا يعقوب مسيحي من بيروت،بيتي على حائط كنيسة مار الياس الكاثوليكية " لكنه عاش معه الدروز وعانى معاناتهم.
لكنه لم يكن غالبا شخصية فاعلة إلا في آخر الرواية حيث صمم على العودة إلى زوجته وابنته.
ومجموعة شخصيات الدروز تمثل بعض حياتهم، وطيبتهم، على الرغم مما ارتكبوه من قتل فهم فلاحون بسطاء مخلصون، وهم يعملون في البساتين أفضل من غيرهم وكأنها لهم، وهم شجعان، ويلتزمون بكلامهم، ولا يتمردون على السلطان كما يرى الراوي، فعندما أخرجوهم لتصليح طرق أفسدتها السيول"كانت بهجتهم لا تصدق".بلغوا هضبة وأطلوا على البساتين."دبروا لهم قبوا واحداً واجمعوهم فيه". لكن السجن أثّر فيهم لدرجة أنهم عندما "أطلقوهم وضموهم إلى فرقة الهندسة في الجيش العثماني كي يخدموا" خافوا من المدى الفسيح ونقاء الهواء
والمأساة ربطت بين أبطال الرواية، علي اختلاف مذاهبهم وأوطانهم، والشعور بالظلم لا يفرق بين لون وعرق ودين،. فحنا يعقوب ، أعانهم في مرضهم، وأعانوه، وواساهم، وواسوه، ودعا أدعيتهم، شخصيات من الخيال، تبدو حقيقية، صدقها القارىء، وتعاطف معها، وعاش معاناتها.
هيلانة ، وابنتها بربارة البالغة من العمر سنة واحدة، و كان المؤلف بين فصول وأخرى يرجع إلى الحديث عنها؛ لأنها هي تستحوذ مع ابنتهاعلى تفكير زوجها حنا.
وكانت هناك الشخصيات الثانوية مثل: الشيخ غفار الدرزي، وإسماعيل باشا، ونازلي، وشراوالي التي كانت تتبين ربما مثالا للفساد أو الظلم.ومن الشخصيات التي ركز عليها قاسم برفقة حنا غالبا.
واستطاع تحريك شخصياته عن طريق أحداث وشخوص في أمكنة مجهولة لديهم وصعبة، فينقلون من بيروت إلى البلقان وتتواصل معهم مشاهد الألم، ولأن ظروفهم تحدّ من حريتهم فتكون شخصيات أقرب إلى الجمود والسلبية، لكنها بحكم واقعها المرير تكتسب تعاطف القراء.
5- خاتمة
يمكن القول: إن الرواية تستحق القراءة، وتمنحنا المتعة والفائدة.
وحبذا لو صححت الأخطاء في طبعات قادمة.
أما الأحداث فهي التي أعطت الرواية التسشويق، وهي التي حركت الشخصيات، وكأنها أقدارها المحتومة، وكان من المكن أن تكون مختصرة أكثر، وربما كان الموضوع الذي كان في المقدمة أي اقتتال الدروز والمسيحيين، ثم معاناة المنفيين بحسب المحكمة العثمانية الأوربية هو مثال من أمسنا القريب، وواقعنا الراهن، فما زلنا بالمقارنة مع الغرب نعاني من ويلات الطائفية، ومازلنا في حالة تخلف، وكأننا مازلنا مستعمرين وإن بشكل مختلف.
لكن قد تكون هناك روايات أخرى أقوى لغة وفنية تستحق جائزة البوكر أكثر من هذه الرواية، ومهما يكن فإنها اشتهرت كرواية بعد أن جلبت لصاحبها هذه الجائزة عام 2012م.، وقدّمت فترة من التاريخ والأحداث في صيغة روائية قد يرى فيها بعضهم أقرب إلى واقع مضى، وقد يرى بعضهم فيها إساءة لفترة الحكم العثماني.
رضوان يوسف إسماعيل