النوم في حقل الكرز لأزهر جرجيس .. رحلة البحث عن حُمرة قبرٍ مُرتجى
بديعة زيدان
قد يغدو "النوم في حقل الكرز"، ولو بجسد مسجى لا حياة تدبّ فيه، حلماً للهاربين من حقول جرداء إلا من مقابر جماعية، وجماجم مثقوبة، وقنابل موقوتة، وطائفية ترويها بدماء أهلها .. حمراء هي لكن حمارها ذو رائحة نتنة تبث السموم حتى في الكوابيس .. حمراء كلون الكرز، لكن شتّان بين حمرة الموت، وحمرة اللا موت في القبر المرتجى.
هي حكاية سعيد مردان العراقي، أو سعيد ينسن النرويجي في وقت لاحق، أو التباس شخصيتي "علي" و"عمر" في صراع الهويّتين المفترضتين ما بينهما بحثاً عن بقايا جثمان الأب .. بقايا بلا ملامح في أحلام الكاتب الذي تعثّر المترجم بمخطوط روايته مصادفةً .. بلا ملامح، كحال بلاده التي أصرت رئيسة التحرير أن تحقق العودة لكلماته إليها، بترجمتها إلى لغتها الأم، طالما لم تكن عودته لبلاده الأم ممكنة، إلا من فناء محقق .. رئيسة التحرير التي حرصت على ألا تحفظ كلماته من الغياب فحسب، فتنقلها إلى العربية، مع أنه كتبها بالنرويجية لعلّ العالم يعرف حكاية شعب لا يزال يعيش مآسي الحروب منذ عقود، سعت إلى تحقيق وصيته بمدفن لائق رفقة صورة والده الذي ما انفك يقتفي أثر غيابه منذ اعتقاله على يد النظام السابق قبل سبعة وثلاثين عاماً، فكان القبر والشاهد هناك في حقل الكرز النرويجي.
وتتأرجح رواية الجلجلة العراقية هذه، ما بين طفولة سعيد الذي تحرق والدته كل آثار والده من صور وكتابات، لعلها تحمي صغيرها، قبل أن تبيع كتب الأب وتشتري ماكينة خياطة لتوفر قوت يومهما، هو الذي يعيش رفقة "النكتة" في جغرافيا هي أبعد ما يكون عن الضحك فرحاً، إلا أن "نكتة" تطال النظام تحوّله إلى مطارد شاب، وهنا تقتفي عبارات الروائي أزهر جرجيس، أثره في رحلة البحث عن فرصة للجوء في النرويج، متنقلاً ما بين بلدان عدة، وحكايات وحيوات لعراقيين وسوريين وسودانيين ومغاربة وفلسطينيين يبحثون عن أحلامهم في بلاد لا تنطق العربية، فترصد يومياته في الأردن وسلوفاكيا والتشيك وألمانيا وصولاً إلى النرويج، التي أقنعه أحدهم بأن رجال العراق "مرغوبون" من فتياتها الحسان.
وفي رواية "النوم في حقل الكرز"، الصادرة عن دار الرافدين، وتنافس على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) بوصولها إلى قائمتها الطويلة، مؤخراً، ثمة حضور فلسطيني في رحلة سعيد، الذي لا تحمل سيرته من اسمه أي معنى .. "أيقنت، حالما وضعتُ قدميّ في تلك الشاحنة، بأنها ستكون رحلة مضنية، يراق فيها المزيد من العرق والطمأنينة (...) تعثرتُ بساق أحدهم، فاعتذرت له بالعربية سهواً، لكنه أجاب بصوت منخفض وباللغة ذاتها: لا يهم، تعال اجلس. ممسكاً بطرف سترتي. كان شاباً صغيراً من فلسطين، لا يتعدى عمره السادسة عشرة على أغلب الظن، قلقاً، يقرض بأظافره، ويتحدث من بين أسنانه المطبقة. قال، بعدما جلستُ إلى جواره، بأن الشرطة كانت قد أمسكتْ به مرّتين قبل ذلك وأودعته السجن، وأنه لا يدري إن كان الطريق آمناً أم لا"... "واصلنا السير ليلاً على هيئة فصيل عسكري، اثنين اثنين. كنتُ أمسك بيد محمد الفلسطيني الباردة المرتجفة، محاولاً منحه شعوراً بالأمان لا أملكه. هتف مستر هاري إذ ذاك "جو جو جو"، وصار يهرول مسرعاً. هرولنا خلفه لساعتين كاملتين، كدتُ أموت فيهما من العطش. أفلتُ يد محمد الفلسطيني كي لا أعيقه في الجري، وتراجعتُ إلى آخر القافلة".
ولا أرى أن حضور الفلسطيني هنا جاء اعتباطاً، فهو صاحب المأساة الكبرى والأقدم والأكثر استمرارية منذ انتزاعه من أرضه، واقتلاع أجداده من ذكرياتهم ويومياتهم فيها، وكأني بالروائي هنا يرمي إلى الإشارة بأن مآسي العراق وسورية وغيرها من الجغرافيات الناطقة بالعربية تأتي استكمالاً للمعاناة الفلسطينية المتواصلة، ومحاكاة لها، بشكل أو بآخر، فلم يعد اللجوء حكراً على الفلسطينيين كما كان قبل عقود خلت، بل بات اللجوء نفسه ناطقاً بالعربية، وإن تعددت لهجاته.
وبالقفز عن تفاصيل مرعبة في رحلته إلى النرويج، حيث يباغته الموت مواجهةً أكثر من مرّة، فإنه في البلاد الباردة، وبعد أن رفض البقعة التي كان من المقرر مكوثه فيها لفرط برودتها التي تهبط إلى الحرارة السالبة كلاعب قفزِ زانةٍ ماهر، تتحول مدرّسة النرويجية تونا ينسن مع تعدد اللقاءات على اختلاف أشكالها، إلى معشوقته فمخطوبته، هي التي يحمل لقبها لرغبة لديها، حتى بعد رحيلها تحت وطأة المرض اللعين، بينما يظل ساعي البريد العراقي النرويجي، أي سعيد ينسن نفسه، يلهث لتأمين ما يكفي من المال كضمان لبقائه على قيد الشهيق والزفير، ولتوفير علاج لوالدته التي ينقض عليها المرض الذي قضت به ينسن الحبيبة، قبل أن يفتك بها هي الأخرى.
وبسرد لا يخلو من سخرية وفنتازيا أحياناً، يقرر سعيد العودة للعراق بحثاً عن والده أو ما تبقى من عظام جثمانه بين عظام تفرقت في مقبرة جماعية، بعد رسالة تلقاها من إعلامية عراقية بنية السلطات في العام 2005 الحفر باتجاه بقايا من كانوا أحياء ذات يوم، ويرجح أن والده بينهم، وبعد تعثر سفره بالطائرة يقرر اختصار الزمن برّاً، وهنا يرحل بنا إلى "العراق الحلم"، بعد أن تفرغ مركبته من وقودها، قبل أن تروي ظمأها بوقود مركبات يحرق الزمن، زجت به دبّابة أميركية في منطقة صحراوية تبعد عن بغداد مئات الأميال، ليجد نفسه، وكأنه واحد من أهل الكهف خرج للتو من سبات طويل، في العام 2023، متجاوزاً ثمانية عشر عاماً، فتظهر بلاده وكأنها "لاس فيغاس".
"... أشجار مشجذبة ومتساوية الأطوال مثل حرس ملكي، تصطف على كتفي طريق طويلة ومعبّدة تفضي إلى بوابة عالية مبنية بالآجر والمرمر. الجسور معلقة وشاهقة كأنها مراجيح سماوية، والمراسي تختنق بالزوارق البيضاء. أطللت برأسي من النافذة فشممتُ رائحة بغداد، وانتشيت. كانت رائحتها مثيرة للنشوة مثل نبيذ عتّق لمائتي عام وأكثر (...) كان الشك يراودني، إذ ليس ثمة عاقل يصدق بأن مدينة تسقط على رأسها آلاف الأطنان من القنابل، وما زالت واقفة على قدميها حتى الساعة! فما بالك حين يراد منك أن تصدق بأنها تحوّلت إلى جنّة؟!".
وفي تعريج على مأساة الطائفية في العراق، يضطر قبل رحلته إلى حيث عظام والده، كما كان يظن أو يريد، إلى استصدار بطاقتي هوية إحداهما باسم "علي" والثانية باسم "عمر"، ليتمكن من عبور الحواجز العسكرية لهؤلاء أو أولئك، في إشارة واضحة إلى صراع "السنّة" و"الشيعة"، إلا أنه، وفي رحلة الإياب، وبعد أن لملم جمجمة أرادها لوالده في "كيس"، يخرج بطاقة الهوية الخاطئة، فيقع قيد الاعتقال والتعذيب، قبل أن يتمكن، بمساعدة أحدهم من الفرار بصعوبة إلى بغداد، دون رفات والده، بانتظار الإعلامية التي تقضي بانفجار في الجهة المقابلة له، فيقرر العودة إلى النرويج سعياً ليس إلى حياة كريمة بقدر سعيه إلى موت كريم، ومدفن في حقل للكرز.
كان ثمة اعتقاد سائد استمده من أسطورة قديمة نقلها له ذات مرة جاره المسن النرويجي، بأن "الإنسان يتحول بعد الموت إلى موجود آخر يتلاءم مع ما حوله، فإن دفن في الجبال تحول إلى صخرة، وإن دفن في البحر صار سمكة، وإن دفن في الصحراء غدا رملة" .. لذا قررت رئيسة التحرير، وتنفيذاً لوصيته، أن "تحوله" إلى شجرة كرز رفقة صورة والده الذي تعذر أن يغدو نخلة في العراق، بعد أن فقد حتى جمجمته التي تهشّمت كما بلاده، في رحلة تيه لا تزال تتوارثها الأجيال.
بديعة زيدان
قد يغدو "النوم في حقل الكرز"، ولو بجسد مسجى لا حياة تدبّ فيه، حلماً للهاربين من حقول جرداء إلا من مقابر جماعية، وجماجم مثقوبة، وقنابل موقوتة، وطائفية ترويها بدماء أهلها .. حمراء هي لكن حمارها ذو رائحة نتنة تبث السموم حتى في الكوابيس .. حمراء كلون الكرز، لكن شتّان بين حمرة الموت، وحمرة اللا موت في القبر المرتجى.
هي حكاية سعيد مردان العراقي، أو سعيد ينسن النرويجي في وقت لاحق، أو التباس شخصيتي "علي" و"عمر" في صراع الهويّتين المفترضتين ما بينهما بحثاً عن بقايا جثمان الأب .. بقايا بلا ملامح في أحلام الكاتب الذي تعثّر المترجم بمخطوط روايته مصادفةً .. بلا ملامح، كحال بلاده التي أصرت رئيسة التحرير أن تحقق العودة لكلماته إليها، بترجمتها إلى لغتها الأم، طالما لم تكن عودته لبلاده الأم ممكنة، إلا من فناء محقق .. رئيسة التحرير التي حرصت على ألا تحفظ كلماته من الغياب فحسب، فتنقلها إلى العربية، مع أنه كتبها بالنرويجية لعلّ العالم يعرف حكاية شعب لا يزال يعيش مآسي الحروب منذ عقود، سعت إلى تحقيق وصيته بمدفن لائق رفقة صورة والده الذي ما انفك يقتفي أثر غيابه منذ اعتقاله على يد النظام السابق قبل سبعة وثلاثين عاماً، فكان القبر والشاهد هناك في حقل الكرز النرويجي.
وتتأرجح رواية الجلجلة العراقية هذه، ما بين طفولة سعيد الذي تحرق والدته كل آثار والده من صور وكتابات، لعلها تحمي صغيرها، قبل أن تبيع كتب الأب وتشتري ماكينة خياطة لتوفر قوت يومهما، هو الذي يعيش رفقة "النكتة" في جغرافيا هي أبعد ما يكون عن الضحك فرحاً، إلا أن "نكتة" تطال النظام تحوّله إلى مطارد شاب، وهنا تقتفي عبارات الروائي أزهر جرجيس، أثره في رحلة البحث عن فرصة للجوء في النرويج، متنقلاً ما بين بلدان عدة، وحكايات وحيوات لعراقيين وسوريين وسودانيين ومغاربة وفلسطينيين يبحثون عن أحلامهم في بلاد لا تنطق العربية، فترصد يومياته في الأردن وسلوفاكيا والتشيك وألمانيا وصولاً إلى النرويج، التي أقنعه أحدهم بأن رجال العراق "مرغوبون" من فتياتها الحسان.
وفي رواية "النوم في حقل الكرز"، الصادرة عن دار الرافدين، وتنافس على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) بوصولها إلى قائمتها الطويلة، مؤخراً، ثمة حضور فلسطيني في رحلة سعيد، الذي لا تحمل سيرته من اسمه أي معنى .. "أيقنت، حالما وضعتُ قدميّ في تلك الشاحنة، بأنها ستكون رحلة مضنية، يراق فيها المزيد من العرق والطمأنينة (...) تعثرتُ بساق أحدهم، فاعتذرت له بالعربية سهواً، لكنه أجاب بصوت منخفض وباللغة ذاتها: لا يهم، تعال اجلس. ممسكاً بطرف سترتي. كان شاباً صغيراً من فلسطين، لا يتعدى عمره السادسة عشرة على أغلب الظن، قلقاً، يقرض بأظافره، ويتحدث من بين أسنانه المطبقة. قال، بعدما جلستُ إلى جواره، بأن الشرطة كانت قد أمسكتْ به مرّتين قبل ذلك وأودعته السجن، وأنه لا يدري إن كان الطريق آمناً أم لا"... "واصلنا السير ليلاً على هيئة فصيل عسكري، اثنين اثنين. كنتُ أمسك بيد محمد الفلسطيني الباردة المرتجفة، محاولاً منحه شعوراً بالأمان لا أملكه. هتف مستر هاري إذ ذاك "جو جو جو"، وصار يهرول مسرعاً. هرولنا خلفه لساعتين كاملتين، كدتُ أموت فيهما من العطش. أفلتُ يد محمد الفلسطيني كي لا أعيقه في الجري، وتراجعتُ إلى آخر القافلة".
ولا أرى أن حضور الفلسطيني هنا جاء اعتباطاً، فهو صاحب المأساة الكبرى والأقدم والأكثر استمرارية منذ انتزاعه من أرضه، واقتلاع أجداده من ذكرياتهم ويومياتهم فيها، وكأني بالروائي هنا يرمي إلى الإشارة بأن مآسي العراق وسورية وغيرها من الجغرافيات الناطقة بالعربية تأتي استكمالاً للمعاناة الفلسطينية المتواصلة، ومحاكاة لها، بشكل أو بآخر، فلم يعد اللجوء حكراً على الفلسطينيين كما كان قبل عقود خلت، بل بات اللجوء نفسه ناطقاً بالعربية، وإن تعددت لهجاته.
وبالقفز عن تفاصيل مرعبة في رحلته إلى النرويج، حيث يباغته الموت مواجهةً أكثر من مرّة، فإنه في البلاد الباردة، وبعد أن رفض البقعة التي كان من المقرر مكوثه فيها لفرط برودتها التي تهبط إلى الحرارة السالبة كلاعب قفزِ زانةٍ ماهر، تتحول مدرّسة النرويجية تونا ينسن مع تعدد اللقاءات على اختلاف أشكالها، إلى معشوقته فمخطوبته، هي التي يحمل لقبها لرغبة لديها، حتى بعد رحيلها تحت وطأة المرض اللعين، بينما يظل ساعي البريد العراقي النرويجي، أي سعيد ينسن نفسه، يلهث لتأمين ما يكفي من المال كضمان لبقائه على قيد الشهيق والزفير، ولتوفير علاج لوالدته التي ينقض عليها المرض الذي قضت به ينسن الحبيبة، قبل أن يفتك بها هي الأخرى.
وبسرد لا يخلو من سخرية وفنتازيا أحياناً، يقرر سعيد العودة للعراق بحثاً عن والده أو ما تبقى من عظام جثمانه بين عظام تفرقت في مقبرة جماعية، بعد رسالة تلقاها من إعلامية عراقية بنية السلطات في العام 2005 الحفر باتجاه بقايا من كانوا أحياء ذات يوم، ويرجح أن والده بينهم، وبعد تعثر سفره بالطائرة يقرر اختصار الزمن برّاً، وهنا يرحل بنا إلى "العراق الحلم"، بعد أن تفرغ مركبته من وقودها، قبل أن تروي ظمأها بوقود مركبات يحرق الزمن، زجت به دبّابة أميركية في منطقة صحراوية تبعد عن بغداد مئات الأميال، ليجد نفسه، وكأنه واحد من أهل الكهف خرج للتو من سبات طويل، في العام 2023، متجاوزاً ثمانية عشر عاماً، فتظهر بلاده وكأنها "لاس فيغاس".
"... أشجار مشجذبة ومتساوية الأطوال مثل حرس ملكي، تصطف على كتفي طريق طويلة ومعبّدة تفضي إلى بوابة عالية مبنية بالآجر والمرمر. الجسور معلقة وشاهقة كأنها مراجيح سماوية، والمراسي تختنق بالزوارق البيضاء. أطللت برأسي من النافذة فشممتُ رائحة بغداد، وانتشيت. كانت رائحتها مثيرة للنشوة مثل نبيذ عتّق لمائتي عام وأكثر (...) كان الشك يراودني، إذ ليس ثمة عاقل يصدق بأن مدينة تسقط على رأسها آلاف الأطنان من القنابل، وما زالت واقفة على قدميها حتى الساعة! فما بالك حين يراد منك أن تصدق بأنها تحوّلت إلى جنّة؟!".
وفي تعريج على مأساة الطائفية في العراق، يضطر قبل رحلته إلى حيث عظام والده، كما كان يظن أو يريد، إلى استصدار بطاقتي هوية إحداهما باسم "علي" والثانية باسم "عمر"، ليتمكن من عبور الحواجز العسكرية لهؤلاء أو أولئك، في إشارة واضحة إلى صراع "السنّة" و"الشيعة"، إلا أنه، وفي رحلة الإياب، وبعد أن لملم جمجمة أرادها لوالده في "كيس"، يخرج بطاقة الهوية الخاطئة، فيقع قيد الاعتقال والتعذيب، قبل أن يتمكن، بمساعدة أحدهم من الفرار بصعوبة إلى بغداد، دون رفات والده، بانتظار الإعلامية التي تقضي بانفجار في الجهة المقابلة له، فيقرر العودة إلى النرويج سعياً ليس إلى حياة كريمة بقدر سعيه إلى موت كريم، ومدفن في حقل للكرز.
كان ثمة اعتقاد سائد استمده من أسطورة قديمة نقلها له ذات مرة جاره المسن النرويجي، بأن "الإنسان يتحول بعد الموت إلى موجود آخر يتلاءم مع ما حوله، فإن دفن في الجبال تحول إلى صخرة، وإن دفن في البحر صار سمكة، وإن دفن في الصحراء غدا رملة" .. لذا قررت رئيسة التحرير، وتنفيذاً لوصيته، أن "تحوله" إلى شجرة كرز رفقة صورة والده الذي تعذر أن يغدو نخلة في العراق، بعد أن فقد حتى جمجمته التي تهشّمت كما بلاده، في رحلة تيه لا تزال تتوارثها الأجيال.
https://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?i...