حلقة قراء محفوظ Naguib Mahfouz RC discussion

الجريمة
This topic is about الجريمة
90 views
مناقشات الكتب > الجريمة - أكتوبر 2014

Comments Showing 1-23 of 23 (23 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Ingy (last edited Oct 01, 2014 12:03PM) (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
كتاب شهر اكتوبر هو مجموعة قصصية مختلفة "الجريمة"...
كما رأيت من تقييماتها على جودريدز، فإن تقييم المجموعة عال جدا.. هي ليست من المجموعات الخلافية هذه المرة إذاً ولكنها مع ذلك مختلفة عن كتابات محفوظ المعتادة.. فالبعض رآى محفوظ فيها بشكل جديد.. فما هو هذا الشكل الجديد؟


Ahsalah | 18 comments قرأتها سنة 1988 و هي اول ما قرأت لنجيب محفوظ و كان عمري 12 عاما. و مااتذكره منها اول قصة و لا تزال عالقة بذاكرتي من 26 عاما، لست متذكرا اسمها و لكن كانت مسرحية من فصل واحد تدور حول أخين واحد اسمه الابيض و الثاني الاسود او الاحمر (؟) و نتابعهم و هما يكبران و يحبان و يتزوجان ثم يهرمان، و في اثناء هذا يلاحقهما شخص غامض يسير برتابة حاملا سوطا و هما يرهبانه و يبدو لهما مألوفا و ان كان لا يتذكرانه. هو يظهر لهما دومافي المحطات الفارقة في حياتهما، لا يلتفت اليهما بل يسير جيئة و ذهابا و احيانا يفرقع بالسوط، احيانا يسير ببطأ و احيانا بسرعة أقرب للجري، يشيخان و هو لا يشيخ، يتعبان و هو لا يكل، يبدو دوما مخيفا و جامد المشاعر و لا يفرح لفرحهما و لا يحزن لحزنهما، يبدو غير مكترث و ان كان ذو وجود ملحوظ و دائم في حياتهما، هو الحاضر الغائب، هو الزمن


message 3: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "قرأتها سنة 1988 و هي اول ما قرأت لنجيب محفوظ و كان عمري 12 عاما. و مااتذكره منها اول قصة و لا تزال عالقة بذاكرتي من 26 عاما، لست متذكرا اسمها و لكن كانت مسرحية من فصل واحد تدور حول أخين واحد اسمه ا..."

أعتقد انك تعني مجموعة مختلفة.. قرأنا هذه المسرحية بالفعل، لكن للأسف لم أعد اذكر اسم الكتاب الذي وردت فيه.. هي من اكثر مسرحيات محفوظ التي أعجبتني، وإن كنت لم استطع ان افهم كنه هذا الشخص الغريب صاحب السوط.. فكرة انه الزمن فكرة جيدة.. سأحاول تذكر اسم الكتاب الذي احتواها.


message 4: by Ingy (last edited Oct 05, 2014 07:10AM) (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
اعجبتني هذه المجموعة بشكل خاص.. قصصها ابتعدت عن التجريد المحض وكانت لها تفسيرات اقرب إلى الحياة اليومية وليس فقط المبادئ العامة...

تحقيق:
هناك بعض المشاهد في هذه القصة لم افهمها تماما.. مثلا عندما قبض بطل القصة على القاتل الذي اعترف بجريمته، وظننت حينها انه مشهد حقيقي، لكنه لم يكن كذلك، ولم يكن حلماً أيضاً.. لم أفهم تماما ما هو..
القصة لم تكن رمزية وليس بها التجريد المعتاد من نجيب محفوظ في قصصه القصيرة، هي أشبه بقصة بوليسية عادية وإن تناولت الجانب النفسي للمجرم، رغم أنه لم يجرم بالقتل لكن العلاقة الآثمة بينه وبين القتيلة تثقل روحه كما نرى وليس فقط خوفه من الاتهام.
لفت نظري هنا أمراً رأيته غريبا.. فهنا أن بطل القصة له اسم، وهو أمر لم اعتده في قصص نجيب محفوظ القصيرة أبدا، ربما لميلها المستمر إلى الترميز والتجريد واسقاط الحالة الخاصة على الوضع العام، بينما الوضع مختلف هذه المرة.

الحجرة رقم 12:
اعتقدتها قصة عادية في البداية لكن بنهاية القصة كان جانب الفانتازيا فيها واضحا، لا يوجد تفسير لسر السيدة في الحجرة رقم 12، لكان اعتقد أنها ترمز للحياة وملذاته وملهياتها. الموت (يرمز له بالحانوتي) ينتظر في الاستراحة حتى يحين موعده، ملذات الحياة (ممثلة في الشخصيات رفيعة المستوى ذات المال والجاه) والسلطة (ممثلة في مخبر الحكومة) يملأون الحياة صخبا ومرحا، بينما الفقراء الكادحون (المنتظرون في الاستراحة) ينتظرون دورهم في التمتع بالحياة، لكنهم لا يحصلون عليه، بل يداهمهم العمل الشاق، في النهاية هم من ينقذون الفندق من الغرق بمساعدتهم للعمال.
ثمل شاغروا الحجرة دون أن يشربوا (لم يلاحظ صاحب الفندق أية زجاجات خمر في الحجرة)، لقد ثملوا بلذة الحياة وصخبها وملهياتها.
فهل هذه الروية عن الحياة التي تلهينا حتى تباغتنا النهاية فجأة؟
فيما كان قلق السيدة وخوفها من أن يختبأ مجرم أسفل سريرها أو في الخزانة عندما جاءت إلى الحجرة في البداية. هل هو خوف أصحاب المال ممن يتوقون إلى الحصول عليه؟ هل هو الخوف مما قد يقلل من التمسك بالحياة؟

الطبول:
قصة رمزية رأيت فيها مبدأ عاماً بسيطا.
فلكل فعل عاقبة، وإن أغرتك الحياة بملذاتها فلتتحمل العواقب.


message 5: by Ingy (last edited Oct 05, 2014 07:10AM) (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
العريس:
بعد التحقيق حول خلفياته وما كشفه عن حياته، يكاد مشروع الزواج أن ينهار. لم أر في تاريخ هذا الشخص ما يعتبر جرائم كبرى بما يستوجب أن يجلعه يخجل من نفسه. الحق أن الاتهامات المبطنة الموجهة إليه من أبي العروس قد نجحت في جعله يشعر بتأنيب الضمير إلى حد بعيد.
العجيب أنه رغم كل ذلك إلا أنه لم يقف حائلا دون اتمام الزواج، وهو ما نكتشفه في آخر لحظة بعد أن ظننا الأمر منتهياً، وكأن المجتمع الذي يجرم بعض التصرفات ومع ذلك يتسامح مع مقترفيها ولا يرى مانعا رغم ذلك في تقبل بعض الأفراد، لا سيما الناجحين منهم، خاصة لو كان نجاحهم بسبب تلك التصرفات الخاطئة، فهل هذا دلالة على الازدواجية التي يعيشها المجتمع، عندما يرى الخطأ لكنه يتقبل من يصدر عنه؟
الغريب أن بطل القصة هو نفسه بنهاية القصة كان قد بدأ يشعر بأن ما فعله في حياته هو فعلا جرائم. أو ربما هو كذلك بالفعل ولكنه كان ينكر ذلك منذ البداية ثم مع الضغط عليه اعترف بذلك بينه وبين نفسه.

العري والغضب:
هشاشة الإنسان وضعفه في أوضح صورها. هذه هي العلاقة بين العري والغضب.
فالإنسان في عريه يكون في قمة ضعفه وهشاشته، وفي هذه الحالة يكون الإنسان في قمة غضبه عندنا لا يكون بيده ما يستطيع عمله.. عندما يكون المبدأ الوحيد هو "لا يضير الشاه سلخها بعد ذبحها".
هل تخمين بطل القصة عما وراء هذا الموقف صحيحا؟ لا أعرف حقا. المشهد الأخير اعجبني كثيرا، انتهت القصة في ذروتها: هو في قمة غضبه وهشاشته واستنفاره، بينما الأصوات والضحكات تتعالى.. المواجهة على بعد لحظات بيفصل بين الطرفين باباً. مشهد يحفزك على أن تتخيل، ماذا بعد؟


message 6: by Ahsalah (last edited Oct 05, 2014 02:22PM) (new) - rated it 5 stars

Ahsalah | 18 comments NG wrote: "Ahsalah wrote: "قرأتها سنة 1988 و هي اول ما قرأت لنجيب محفوظ و كان عمري 12 عاما. و مااتذكره منها اول قصة و لا تزال عالقة بذاكرتي من 26 عاما، لست متذكرا اسمها و لكن كانت مسرحية من فصل واحد تدور حول ..."



هي اسمها المطاردة و هي اول قصة او مسرحية من فصل واحد في المجموعة. انا اتأكدت اما راجعت المجموعة


message 7: by Ahsalah (last edited Oct 10, 2014 06:49AM) (new) - rated it 5 stars

Ahsalah | 18 comments البطل في (تحقيق) هو القاتل الفعلي لكن هو في حالة انكار للفعل حتى عن نفسه، و هو يغرق في احلام يقظة و يضع سيناريوهات في مخيلته عن إلقاءه القبض على القاتل الحقيقي أو انه يسعى خلف الفتاة التي يرغب في الزواج بها و التي قابلها مع أخيها عند محل الأحذية. هي قصة نفسية كما ذكرتي و لهذا أظن ان محفوظ يسمي الشخصيات و بأسامي ليست موحية بأي ابعاد تجريدية. هي حالة فعل جريمة ثم قيام العقل الباطن للقاتل بخلق سيناريو ما يبريء به نفسه بل و يسعى للكشف عن القاتل حتى انه يخلط الماضي بالحاضر و الواقع بالخيال، كمثال دولت التي ينسيه عقله الباطن انه قابلها مع اخيها عندما كان يفصل حذاء و طلب من الرجل ان يفصل له واحد شبيه بحذاء الأخ لونه ابيض في بني. معك انها قصة بوليسية نفسية تذكرني بقصص ستيفن كينج و افلام المخرج ديفيد لينش


Ahsalah | 18 comments NG wrote: "اعجبتني هذه المجموعة بشكل خاص.. قصصها ابتعدت عن التجريد المحض وكانت لها تفسيرات اقرب إلى الحياة اليومية وليس فقط المبادئ العامة...

تحقيق:
هناك بعض المشاهد في هذه القصة لم افهمها تماما.. مثلا عندما..."

تفسيرك لقصة الحجرة 12 رائع و اتفق معك تماما


message 9: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "NG wrote: "Ahsalah wrote: "قرأتها سنة 1988 و هي اول ما قرأت لنجيب محفوظ و كان عمري 12 عاما. و مااتذكره منها اول قصة و لا تزال عالقة بذاكرتي من 26 عاما، لست متذكرا اسمها و لكن كانت مسرحية من فصل واح..."

ربما كان هناك اختلاف ي الطبيعات إذن.. فانا لا اجدها في طبعة الشروف التي قراتها لكني اذكر قراءتها في مجموعة اخرى..

أشكرك على تعليقك على الحجرة رقم 12، اما بالنسبة لقصة "تحقيق".. فهذا تفسير ممتاز لها.. اعتقد انني بحاجة إلى إعادة قراءة القصة من جديد كي اتمكن من رؤية الفوارق الصغيرة الباهتة بين الواقع في الخيال في عقل هذا الرجل. هي من تلك القصص التي تحتاج إلى أكثر من قراءة.
ذكرني شعور بطلها بالذنب إلى حد ما برواية الجريمة والعقاب" لدستوفسكي.. القاتل الذي يكاد يفقد عقله من فرط إحساسه بالذنب.


Ahsalah | 18 comments انا الطبعة اللي عندي طبعة مكتبة مصر بتاعة 1985 تقريبا . شىء غريب ان دار الشروق تغير في محتوى المجموعة !!


message 11: by Ahsalah (last edited Oct 08, 2014 11:25AM) (new) - rated it 5 stars

Ahsalah | 18 comments الطبول:
هي رحلة الانسان الفرد في الحياة ام رحلة البشرية منذ فجر التاريخ؟ الطبول تذكرنا بدقات القلب.. رمز الحياة
من هو القائد الذي يسبق الجميع في الاستيقاظ و يقود المجموعة و ينزل العقاب و يحاسب في النهاية؟
قبل بدء الرحلة/الحياة يعطي تعليمات عامة و يأمل في رحلة أفضل من سابقاتها (لتكن كل رحلة أفضل من سابقتها)..(و لنستفد من كل خطوة و كل تجربة).. ثم يقول كلمة موحية هي تقرير واقع وفي نفس الوقت أمر و أمنية (سيروا على بركة الله)
أول خطوات الرحلة/الحياة تكون عبر ممر ضيق، انظر الى وصفه و قل بماذا يذكرك ( سلمنا الفناء الى ممر طويل ضيق محصور بين جدارين مرتفعين تفوح منه رائحة الكلس و عطن البول و تظلل نهايته سعفات نخلات مغروسة على الجانبين... انه رغم الحيطة و التفتيش يتسلل الى الممر في هدأة الليل أناس لممارسة حرياتهم بلا حياء) هذا وصف لشيء واحد : ممر الولادة !!
يلي ذلك التيمات المتكررة عند نجيب محفوظ في هذا النوع من القصص الرمزية؛ في البدء البراءة و شقاوة الطفولة، و التي تنقلب الى عراك و عنف جسدي، ندم و توبة بدون معرفة هل تم العفو و قبول الإنابة من قبل القائد أم لا، ثم الخطيئة الثانية و التي هي خطيئة الجسد و الغرائز الجنسية، و التي تؤدي الى الشعور بعدم الطهارة و تزيد من مشقة الرحلة.
ثم يبدو العقاب هو الرحلة في حد ذاتها؛ طولها و مشقتها و قسوتها و عدم وجود وقت للراحة أثناءها، و التي تجبرك على التخلي عن ما جمعته من زادها و تركه خلفك للمجهول حتى تواصل سيرك و الذي انت مجبر عليه (لا مفر من التخلص من احمالنا العزيزة، لا مفر. حتى لو تعرضنا للكآبة و القرف و الحرمان لا مفر)
بعض أفراد المجموعة لا يستطيع اكمال الرحلة/الحياة ويتركها و يخرج من الصف بعد ان ينهكه التعب ( و جن البعض الآخر فجازف بالخروج من الطابور مع علمه بما يعنيه ذلك من فصله من الفريق مجللا بالعار منبوذا من الروح الرياضية
البعض الآخر يتحرك بآلية و رتابة شاعرا بفقدان الاهتمام او الأمل في الرحلة او الحماسة لها و يتوقف عن الانشاد (و نفد صبر البعض فتوقف عن الانشاد او جعل يحرك شفتيه بلا صوت)
القلةهم من ظلوا على ايمانهم بالرحلة و الحماسة لها رغم كل ما فيها من عبثية و قسوة و قهر، لذا كان نصيبهم من الآخرين الحنق و الازدراء فلا يوجد سبب لهذه الحماسة و بدو و كأنهم ذوي عقليات محدودة و احساس منعدم اكثر من كونهم اكثر اخلاصا.
القائد في هذه الفترة كيف يبدو بالنسبة لأفراد الرحلة؟ (و قائدنا نفسه لاح قائدا بلا قيادة و لا جيش، مضحكا في غضبه، هزيلا في عنفه) نعم في تلك اللحظات من الرحلة تفقد ايمانك بجديتها و جدية قائدك، يصبح في نظرك فاقدا لكل ما كان يمثله لك سابقا من قيم مثل الأمان و السلطة و الجزاء و المعلم.
نهاية الرحلة هي الاهرامات؛ التي هي اكبر و اقدم مقبرة في العالم. ( دقات الطبول تبطيء رويدا رويدا) الاقتراب من الاهرام/القبر مع خفوت دقات الطبول/القلوب. ولكن هناك حساب في الغد من القائد، عقاب؟ قد يكون ، رغم العقاب الذي أنزله بهم اثناء الرحلة نفسها، من اجبار على السير و الجري رغم الارهاق و الحر و جوع، قسوة الرحلة لا تبرر اخطائها في نظر القائد و هو يعلمك ان هناك حساب آخر غدا، و لكن الكل لا يهتم الآن، فهو ينتظر الراحة من وعثاء الرحلة ، و لو بالنوم قليلا في انتظار ما يحمله الغد من حساب؛ عقاب؟ تجاوز؟ مكافأة؟ الله اعلم


message 12: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "الطبول:
هي رحلة الانسان الفرد في الحياة ام رحلة البشرية منذ فجر التاريخ؟ الطبول تذكرنا بدقات القلب.. رمز الحياة
من هو القائد الذي يسبق الجميع في الاستيقاظ و يقود المجموعة و ينزل العقاب و يحاسب في ا..."


اكثر من رائع!
وكأن ما في انتظارهم اليوم التالي هو الحساب، لكن بعد مشقة الرحلة لا أحد يهتم..


message 13: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
القصص الثلاثة الأخيرة في المجموعة تتحدث عن المجتمع والسياسة بأكثر من النواحي النفسية، وإن كانت لم تغفل عنها تماما.

الجريمة:
تأملوا معي الحوار الأخير بين الضابط المتخفي وبين الضابط الذي يعمل في هذا الحي:
"-ترى ما الملاحظات التي تمضي بها؟
-إنكم لا تؤدون واجبكم.
-الناس لا يتكلمون.
-أعلم أن أرزاق البعض بيد البعض الآخر ولكن الغضب يتجمع في الأعمال وللصبر حدود.
فهز رأسه باستهانة وتساءل:
-ما واجبنا في رأيك؟
-أن تحققوا العدالة.
-كلا.
-كلا؟
-واجبنا هو المحافظة على الأمن.
-وهل يحفظ الامن بإهدار العدالة؟
-وربما بإهدار جميع القيم!
-تفكيرك هو اللعنة.
-هل تخيلت ما يمكن أن يقع لو حققنا العدالة؟
-سيقع عاجلا أو آجلا.
-فكر طويلا، بلا مثالية كاذبة، قبل أن تكتب تقريرك، ماذا ستكتب؟
فقلت بامتعاض:
-سأكتب أم جميع القيم مهدرة ولكن الأمن مستتب!"

يلخص هذا الحوار كل شيئ. كيف يتواطئ الضعفاء مع الأقوياء خوفاً من بطشهم ولو على حساب حقوقهم المهدرة، وكيف يتواطء رجال الامن مع الاثنين من أجل الحفظا على قشرة واهية للأمن، صورة غير واقعية ولكنها بالنسبة لهم هي الأساس. فاضطراب الحي بالكشف عن الملابسات الحقيقية للحادث، الذي غالبا ارتكبه شخص غني وراحت ضحيته إمرأة فقرة، وإن كان اضطرابا يحقق العدالة إلا أنه قد لا يحقق الاستقرار الذي يصبون إليه.
ومع ذلك يبشر الضابط بأن هذا الأمر لن يستمر "فالغضب يتجمع في الأعمال وللصبر حدود".
تذكرني القصة بما كان يحدث في مصر إلى حد كبير.

المقابلة السامية:
انظر في حال رجل غلبان.. خاضع لمن هم اعلى منه مرتبة، بل هو خاضع إلى حد الخنوع. تسحقه الحياة بثقلها، ويسيئ معاملته الجميع. وكلما ازداد الضغط ازداد خنوعه فازداد الضغط من جديد.
تعلق بقشة وغرق بها. ويوم قرر أن ينفض الذل عن نفسه ويتحرك ليأخذ حقه، وإن كانت حركة بسيطة غير مضرة في الواقع، زج به في السجن.
أي ظلم هذا؟ أي قهر؟
ومع ذلك صدمتني الجملة الأخيرة التي أكدت لي أنه لم يغير من طباعه شيئا.. ما حدث له لم يجعله يغضب، او يتمرد على واقعه أو يتغير مثلما يحدث للكثيرين من أمثاله في مكانه.. لكنه ظل على حاله.. يسكت عن الظلم الذي يحيق به، ويفكر في مستقبل أولاده... "يمشي جنب الحيط" كما يقوم المثل.

أهلا:
بقدر بساطة العنوان كانت بساطة القصة.. او قل الحوار.. فالقصة كلها حوار بين شخصين، اشتركا فيما مضى (قبل ثورة 52) في الفقر ذاته. وبعد الثورة تغيرت الأحوال لأحدهما لأنه قرر أن يتمرد على المبادئ والقيم، فاغتنى، فيما ظل الآخر على حاله.
الانتهازية والفساد ساعدت أحدهما على أن يرتقي في حياته ويصل إلى مناصب مرموقة، خالف بها كل ما آمن به قبل الثورة. ومن أجل الحفاظ على مكاسبه صار يردد كلاماً محفوظا على أسماع الفقراء كي يصبروا فلا يثوروا ولا يهددون مكاسبه. "كلام الراديو" كما يقول ماسح الأحذية البسيط، بل صار يفضل الحفاظ على الوضع الراهن، ولو كان الوضع الراهن هو الهزيمة الوطنية، فهو يبحث عن الأنسب له لا للوطن.
قصة أخرى تذكرني بمصر بشدة.


message 14: by Ahsalah (last edited Oct 10, 2014 07:00PM) (new) - rated it 5 stars

Ahsalah | 18 comments المقابلة السامية


المشكلة مع نجيب محفوظ و خصوصاً قصصه القصيرة اننا لا نتوقع ابداً المعنى السهل و المباشر بل يجب ان تكون الأولوية لما وراء السطح البسيط .. الى ان يثبت العكس. هذا ما عودنا عليه محفوظ و هو المسئول عن هذا الانطباع المسبق ان جاز التعبير.
كما ان هذا التحليل و البحث عما وراء القصة الظاهرية يبدأ - و لا ينتهي – من اسقاط الأحداث و الشخصيات على أشياء كبرى، فلسفية، ميتافيزيقية، أو قل اشياء تتعلق بالله و الدين و المصير و الحرية و البحث عن معنى الوجود و الانسان من حيث هو مُخير أم مُسير و معنى الخير و الشر و اجتماعهما في الطبيعة الانسانية و اشياء من هذا القبيل.
لا ينفي هذا وجود اسقاطات سياسية و اجتماعية كثيرة في اعماله، لكن الأولوية في القصص القصيرة للفكرة الفلسفية و ابرازها في صورة ادبية فنية، وان كانت تطرح اسئلة اكثر مما تعطي اجابات.
لا اعرف ان كانت فكرتي التي اخذتها من تفسيري لقصة المقابلة السامية بها تعسف او تحميلها فوق ما تحتمل ام لا.. و لكن ان كان ذلك كذلك فهي (الجريمة) التي كان محفوظ نفسه الدافع و المحرض فيها !!
موظف غلبان بالأرشيف يصبح مسئولا بالمصادفة عن اختيار و تهيئة مقر جديد للمصلحة .. بل انه الذي يختار و يقترح اين يكون الطابق و الحجرة الذي يقع بهما مكتب المدير. المصلحة موجودة و لم يخترعها الموظف المنسي بالأرشيف بل هو فقط يشرف على تجديدها. تلك المصلحة التي تعج بالترتيبات البيروقراطية و التي تبدأ من الأرشيف في البدروم و تنتهي عند المدير العام في الطابق الثالث (اعتقد يا صاحب السعادة ان الدور الثالث هو أليق الأدوار بمقامكم، فهو مرتفع بدرجة لا بأس بها تعتبر مانعا حاسما لضوضاء الطريق و في الوقت نفسه لا تعد مشكلة في الصعود او الهبوط في حال تعطل المصعد)
اذا هو يسهم بشكل ما في تكوين و تشكيل تلك الطبقية البيروقراطية التي ستكون عليها المصلحة في مبناها الجديد، كنظرة الانسان لدينه و العلاقة التي صورها لنفسه مع إلهه. فهو الذي أقام هذه الدرجات و اختارها من البداية و وضع الإله في طابق عالي ليكون بعيدا عنه و عن شكاوى و ازعاج البشر.
أهناك أمل ما ان يلتقي هو الانسان الموظف البسيط المهضوم حقه مع ذلك الإله الرابض في مكتبه بالدور الثالث من المصلحة؟ ربما، فهو قد قابله مرة– او هكذا يظن – مصادفة بل و أقرضه خمسة و عشرين قرشا ليبتاع كتاباً و جريدة. في البداية نحن متشككون ان كان هذا الذي قابله هو فعلا المدير العام ام ان الأمركما يقول له مديره المباشر بالأرشيف (هل سبق لك ان رأيت مديرنا العام؟ من ادراك ان ذلك الرجل هو المدير؟ و لما لا يكون رجلا عابثا استغل طيبة قلبك؟) في البداية يشكك محفوظ ان كان الرجل الذي قابل الموظف في البداية هو المدير الفعلي و يتركك حتى النهاية متشككاً و ان كان مشهد النهاية الذي يقتحم فيه الموظف موكب المدير يعطي انطباعا ان الشك لم يكن في محله. اذا حللنا هذا الشك فإننا نجد ان السبب الرئيسي فيه هو المدير نفسه منذ زمن المبنى القديم للمصلحة و هو الذي نأى وقتها عن الموظفين الغلابة و ظل مجهولا بالنسبة إليهم يسمعون عنه و لا يعرفونه المعرفة الصحيحة، حتى اذا ما ظهر امامهم مصادفة اثناء إقامة المبنى الجديد، فإنهم لا يستطيعون الجزم النهائي ان كان هو فعلا مديرهم العام ام عابث مستغل.
يبدأ الموظف في محاولة الوصول الى المدير الإله لكي يوصل اليه شكوته من اهمال و نسيان له و لقدراته التي لا نعرفها. و هو يفشي سر المبلغ التافه الذي أقرضه إياه مما يجعله مرمى لسخرية الموظفين (هذا هو الشحاذ الذي أقرض المدير العام) هو يظن ان هذا القرض سيرده له المدير عندما يصل إليه اضعافا مضاعفة (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له)
في هذه الرحلة البائسة و الملأى بالعراقيل و الاستهزاء و سوء الظن و التحقيق و الجزاء و اتخاذ الوسطاء و التزلف و الشفاعة و التي تنتهي –الرحلة- بالفشل يلقي الينا محفوظ اشارات جلية و خفية عن كنه الرحلة و الهدف منها و المقصود بالمقابلة السامية، أمثلة؟ حسناً:
-عندما يكشف له المدير العام عن شخصيته عند رؤيته اياه مصادفة (انحنيت بطريقة آلية كرد فعل سريع للشحنة الكهربائية التي بعثها شخصه في كياني المتهالك و قلت بخشوع......)
-يقول اثناء المقابلة التي حدثت مصادفة (اعتبرت ان السماء فتحت ابوابها في وجهي و أغدقت علي بركة و رحمة)
-يقول عن هذه المقابلة بعد انتهائها (تركني في دوامة من انفعالات السعادة و الأشواق الى المجهول...غارق في بحر الوجد و الأمل) مما يذكرك بكلام الصوفيين عن الله
-يقول عن الخمسة و عشرين قرشا التي أقرضها له (القربان الذي يهبني عطفه و يفتح لي عند الضرورة بابه) و القربان يكون للآلهة.
-يقول لمديره بالأرشيف عندما يحاول إثنائه عن طلب المقابلة السامية (لن اضيع على نفسي و أولادي فرصة قل ان تجود السماء بمثلها)
-يسأله السكرتير ساخرا (سعادتك قريبه؟) فيرد (تلك هي الحقيقة بلا سخرية) ... فهناك صلة ما بينهما رغم ما يبدو من اختلاف و فروق في المقام و الدرجة
-يقول لنفسه (عذاب تلك الرحلة سيكفل لي دخول الجنة بغير حساب و قلت ايضا انه ليس بعد الظلام الا النور و آنه ان عاجلا أو آجلا فسوف تدركني رحمة مفرج الكروب)
-ويقول في اشارة الى البعد الديني و الميتافيزيقي في القصة (دعوت الله ان يمدني بصبر نبيه أيوب و تذكرت سخرية آل نوح منه و كيف كانت العاقبة للمتقين) (رغم أحزاني فإن ثقتي بالله لم تتزعزع و قلت لنفسي انه جل جلاله سيخرجني من أحزاني كما أخرج يوسف من سجنه)
-النصيحة الأخيرة التي ينصحه بها مدير الأرشيف بعد رفض المقابلة و التي لم يأخذ بها هي (سلم أمرك لله)
ماذا اذا فعل هذا الانسان المحروم من المقابلة السامية مع إلهه و التداخل المباشر معه لرفع الظلم الواقع عليه و الذي سلك له الطرق المتعارف عليها ؟ لقد حاول الوصول إليه عن طريق اقتحام الموكب السامي، بعد ان اختبأ خلف لوحة كبيرة لمزايدة في مدخل المصلحة ، و قفز الى الموكب من خلفها تاركاً اياها ، فالمزايدة من رموز البيروقراطية و الروتين كما هي الخطوات الدينية التي أقمناها نحن بأيدينا -تذكر دور هذا الموظف ذاته في اختيار و تنظيم مبنى المصلحة- للوصول الى الانصاف في الدنيا و تحسين أوضاعنا فيها و زيادة وسائلنا بأشياء لا علاقة لها بالواقع و تنبني على فهمنا لدور الدين و الذي نحن أول من يُلام على ما هو عليه. و هو كما طرحه و رمز له محفوظ هنا كان بالخضوع للروتين و الاعتماد على وهم القرض الذي أقرضناه للمدير و انه اذا فقط ما تقابلنا معه وهو المستحيل فسوف يحل لنا جميع مشاكلنا في الدنيا و تصير الحياة ربيعاً !!!
طبعا تم إلقاء هذا الموظف بالسجن و اتهامه بالجنون و الاعتداء و الإنتقام ... لكن كانت صدمة السجن هي التي أفاقت هذا المسكين ليجد هناك الحل الواقعي و الوحيد لمشاكله (و قد تعلمت في السجن حرفة النجارة و في ميدانها أكدح اليوم لتربية الأولاد)
اذا الحل ليس ميتافزيقي لمشاكلك ايها الانسان ، بل الحل هو التعليم و الصناعة و الكدح ، ليس بالمقابلات السامية ستجد الإجابة لأسئلتك الدنيوية ، فتلك الأسئلة تكون إجاباتها دنيوية ايضا كما يقول لنا محفوظ


Ahsalah | 18 comments NG wrote: "القصص الثلاثة الأخيرة في المجموعة تتحدث عن المجتمع والسياسة بأكثر من النواحي النفسية، وإن كانت لم تغفل عنها تماما.

الجريمة:
تأملوا معي الحوار الأخير بين الضابط المتخفي وبين الضابط الذي يعمل في هذا..."


ده فعلا اللي بيدور عليه اي كلام جاد للبيحصل في مصر دلوقتي


message 16: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "المقابلة السامية


المشكلة مع نجيب محفوظ و خصوصاً قصصه القصيرة اننا لا نتوقع ابداً المعنى السهل و المباشر بل يجب ان تكون الأولوية لما وراء السطح البسيط .. الى ان يثبت العكس. هذا ما عودنا عليه محفوظ..."


لا ادرى ماذا أقول تحليلك للقصة أكثر من رائع..
اعتدت من محفوظ أن يخفي الرموز للقضايا الفلسفية في قصصه، وطالما قلنا أن لقصص محفوظ بالذات طبقات متعددة، فهناك المعنى المباشر للقصة وهناك التحليل الأعمق الأكثر تجريدا وفلسفة..
لكن أغلب القصص ارى منها سطجها دون أن اتمكن من قراءة ما هو أبعد منها...
تحليل فعلا ممتاز :)


Ahsalah | 18 comments NG wrote: "Ahsalah wrote: "المقابلة السامية


المشكلة مع نجيب محفوظ و خصوصاً قصصه القصيرة اننا لا نتوقع ابداً المعنى السهل و المباشر بل يجب ان تكون الأولوية لما وراء السطح البسيط .. الى ان يثبت العكس. هذا ما ..."



المشكلة ان الواحد مش بيعرف هل ده فعلا قصد الكاتب و لا لأ
ساعات كتَّاب يقولوا اما يقروا تفسير لأعمالهم: و الله المعنى ده ماخطرش على بالي بس القاريء له حق يفسر العمل زي ما هو عايز !!!
ده ليه ان شاء الله ؟ !!
يعني انت ككاتب مش بيهمك يوصل المعنى اللي انت عايز توصله بس المهم تبان عميق و خلاص !!
نجيب محفوظ كان بيقول كلام شبه ده بس أظن ان دافعه كان كتر أدبه و خوفه انه يحرج حد من النقاد اللي بيفسروا اعماله كل حسب هواه.. تلاقي العمل الواحد يفسره الناقد الاشتراكي اجتماعيا و الناقد الاسلامي أخلاقيا و ناقد تاني سيكولوجيا .. فالراجل لأنه شخصية دمثة و مؤدبة و حبوب فحتى المخرجين اللي كانو بياخدو جانب سطحي للغاية من اعماله و يركزوا عليه ( زي العوالم في الثلاثية ) ما كانش بينتقدهم، و يقول ان الرواية لما تخرج للمطبعة ما بقتش ملكه !!!


message 18: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "NG wrote: "Ahsalah wrote: "المقابلة السامية


المشكلة مع نجيب محفوظ و خصوصاً قصصه القصيرة اننا لا نتوقع ابداً المعنى السهل و المباشر بل يجب ان تكون الأولوية لما وراء السطح البسيط .. الى ان يثبت الع..."


حقيقي لكن اللي بيسهل اكتشاف صحة التفسيرات دي من عدمها الخيط اللي بيربط قصص محفوظ كلها ببعضها.. كل قصصه بيربطها الخيط ده.. وكلها فيها رموز أحيانا متشابهة، بتخلي الواحد يفكر غصب عنه أحيانا انه هو ده قصده..
نجيب محفوظ حتى في رواياته كان له تيمات معينة بيحب يكررها أو يكتب عنها كتير، واحدة منهم النظر لحياة الإنسان من الميلاد إلى الممات كلقطة قصيرة تجمع ومعاناته وآلامه ونضجه.. وباشوفها في كل اعماله وبتتكرر في المجموعة دي كمان كتير..


Ahsalah | 18 comments متفق معاكي تماما. و ده ينطبق على اي كاتب كبير، اما الكتاب الذين لا خطوط عريضة عندهم في اعمالهم فلا يصح ان نطلق عليهم كبارا؛ لكن متوسطي الثقافة


message 20: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "متفق معاكي تماما. و ده ينطبق على اي كاتب كبير، اما الكتاب الذين لا خطوط عريضة عندهم في اعمالهم فلا يصح ان نطلق عليهم كبارا؛ لكن متوسطي الثقافة"

ليه؟ مش ممكن يكون الكاتب هدفه تناول موضوعات كتيرة، بدون ما يتقيد بفكرة معينة؟
هل كل الكتاب الكبار كانت لهم تيمات في مواضيهم؟


Ahsalah | 18 comments انا قصدي انه يكون له موقف ما من قضايا معينة.. حتى لو كان هذا الموقف هو الحيرة و الشك.. لازم نعترف انه لا احد يستطيع التحدث في كل شيء، و لا احد يصح ان نأخذ كلامه و كتاباته على محمل الجد اذا كان يدعي هذا.. فحتما ستفتقد كتاباته للعمق و التحليل المستفيض الذي يستفاد منه، سيكون مسلي و entertaining بس.. مثال لهؤلاء انيس منصور.. كاتب يعتمد علي معلومات و مشاهدات متناثرة مع كلام في كل شيء و عن كل جوانب الحياة و الثقافة لكن من المستحيل ان تعرف له خطا واضحا او موقفا او تفضيلا او مثلا اعلى فنيا و فكريا او مدرسة يستلهمها..
تحدث في اي شيء لكن يجب ان ارى شخص المتحدث خلف الكلمات، و الا فهي كتابة صحفية او موضوع تعبير مدرسي... لكن لن استطيع ان اعتبرك كاتبا كبيرا


message 22: by Ingy (new) - added it

Ingy (ngnoah) | 533 comments Mod
Ahsalah wrote: "انا قصدي انه يكون له موقف ما من قضايا معينة.. حتى لو كان هذا الموقف هو الحيرة و الشك.. لازم نعترف انه لا احد يستطيع التحدث في كل شيء، و لا احد يصح ان نأخذ كلامه و كتاباته على محمل الجد اذا كان يدعي..."

صحيح تماما..


Ahsalah | 18 comments العري و الغضب:


انسان ما ، غارق في خصومة تبدو أزلية، ورثها عن ابائه و اجداده، قرر ان يغير الطريقة التقليدية في التعامل معها، و التي يبدو ان أسلافه كانوا يمارسونها، و لا يزال يمارسها خصومه، و التي يبدو انها كانت تعتمد على العنف و الاحتيال للفوز. و لأنه صار متعلما فقد قرر اللجوء للقانون و صوت العقل، متمثلا في المحامي و القضاء.
المحامي يبدو ناقما على عدم التزام البطل في مواعيده و حياته عموما، و يخبره ان هذا قد يؤثر على فرصه للفوز، و هو ما يستدعي شيئا من الاستنكار عنده. وتأتي الحادثة التي تؤكد بعد نظر المحامي و مصداقا له؛ يعجب البطل في الترام بفتاة تجلس أمامه و تبدو هادئة وصامتة، يتتبعها و يحاول التعرف بها لكنها لا تتجاوب معه و لكنها ايضا لا تصده. تدخل الى بيت مشجعة له ان يتبعها الى الداخل فيفهم على الفور حقيقة الفتاة.
تتركه الفتاة عاريا في البيت و تهرب حاملة ملابسه و كل ما قد يستر به نفسه. يفهم ان هذا فخ أوقعه فيه خصومه في القضية لمساومته و الاستهزاء به. يسمع صوت أقدام آتية لباب البيت، خصومه؟ فليكن، يقبل التحدي و يقرر ان يقابلهم عاريا تماما غير مبالي بالعواقب.
(المسألة في حقيقتها أن القضية هي حياته)
هذه الجملة هي يجب ان تكون مفتاح فهمنا للقصة. الانسان ينظر الى الحياة على انها صراع و معركة و قضية، و لا قضية بلا خصوم و اعداء، و قد يحاول خصوم الانسان الانتصار بالطرق التقليدية ، و التي لا يذكرها لنا محفوظ بالاسم، و التي منها استغلال الغرائز و اندفاع الانسان وراءها. البطل في عصر العلم و العقل يريد ان ينتصر مستخدما هذه الوسائل، هاجرا ما اعتاد الانسان مواجهة الحياة به منذ الأزل. و لكن هذا يتطلب الانصياع لمتطلبات هذا السلاح العقلي و العلمي و الذي يتوافق مع القوانين و الذي يمثله المحامي بإرشادات للبطل بترك ما اعتاد عليه من خرافات و حياة عابثة فيقول له ( لقد تأخرت يوما لتشهد صلاة العيد فما معنى ذلك) مشيرا الى الدين، و ايضا (ماذا يعني جريك وراء النسوان و تقلبك في الحانات؟) مشيرا الى الغرائز الاساسية في الانسان و التي لا تقتصر على الغريزة الجنسية كما يوحي الكلام؛ بل كل غرائز الانسان البدائية و التي فُطِرَ عليها؛ كالجنس و الطمع و الحسد و الشره الخ. لكن الانسان يعلم جيدا ان هذا المطلب عسير ليس فقط لصعوبة الالتزام به بل ايضا لأنه من داخله يحترم تلك الاشياء و ان كانت تبدو مخالفة للعقل و قد تكون سببا لخسارته في الحياة/القضية. فيقول للمحامي (انني احترم أمورا تعتبرها انت بكل بساطة خرافات و أباطيل)
كيف تتغلب الحياة على الانسان؟ بالمدخل الذي يخاطب غرائزه الأولية، و التي لا تتعب في الوصول اليه عن طريقها بل بمجرد ما تلوّح له يقوم هو بالعمل كله، فالفتاة لم تتكلم و لم تغوي و لم تشجع، بل هو من طاردها وحاول استمالتها ثم أخذ بعد جلاء الحقيقة يوهم نفسه انها التي أغرته في البداية !! فيوهم نفسه انها اثناء ما كانت جالسة امامه في الترام (فرجت بين ساقيها العاريتين لحظة ثم ضمتهما بسرعة و حياء مصطنع). هكذا تغلبنا الحياة رغم محاولتنا البائسة بالتغلب و الانتصار بالعقل و العلم على ما بها من مشاكل و أزمات. تتركنا عراة امام انفسنا و امام الجميع لأننا نخضع دائما لما طبعنا و خلقنا عليه. اذا لا مفر من مواجهة الأمر بشجاعة و هدوء و تصميم، مهما كانت العواقب.


back to top