الحياة رقعة شطرنج ... عبارة طالما ردّدتها، فى كثير من اللقاءات الصحفية والتليفزيونية، تعليقاً على بعض التصرّفات والتطوّرات، التى تحدث من حولنا، والتى يغلب عليها النفعال ونفاد الصبر، بأكثر مما يغلب عليها العقل، وتنتصر لها الحكمة ... فبعد عقود من دراسة أعمال وعمليات أجهزة المخابرات عبر التاريخ، وبعد دراسة طويلة وعميقة، لكل النجاحات والإخفاقات، فى عالم السياسة، وفى ميادين الحروب، وحتى فى الحياة العادية، أدركت أن الانفعال، وترك النفس للهوى والمشاعر، هى السبيل الأساسى للفشل، وليس للنجاح، كما قد يتصوّر البعض؛ فالانفعال يجعل نظرتك للأمور محدودة ناقصة، أنبوبية الرؤية، فلا ترصد إلا ماتريد، وما يتناسب مع انفعالاتك ورؤيتك، التى تحكمها مشاعرك، ويغيب عنها عقلك ... وقديماً ... قديماً جداً، وفى القرن السادس قبل الميلادى، كتب (صن تزو)، القائد العسكرى الصينى، صاحب كتاب (فن الحرب)، الذى يعد، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، دستور القادة العسكريين، فى كل أنحاء العالم ... كتب يقول: "لو أنك خصمك شديد الانفعال، تثير أعصابه أمور خاصة، مثل الشرف أو العقيدة أو العصبية، احرص على إثارة انفعاله؛ حتى يفقد وضوح الرؤية، فتقوده فى سهولة، إلى الفخ الذى أعددته له" .... وكم كان (صن تزو) حكيماً فى كتابته هذه؛ فالانفعال، الذى لا يستند إلى العقل، يجعلك أسهل وقوعاً فى الفخ، ويدفعك دفعاً إلى خسارة معاركك، سواء على المدى القريب أو البعيد .... هذا لأن العالم بالفعل رقعة شطرنج، لا يفوز فيها الأكثر حماساً، ولا الأكثر انفعالاً، ولا الأكثر نبلاً، ولا حتى الأكثر إيماناً ... والمتابع والقارئ للتاريخ، يمكنه أن يدرك، وفى سهولة هذه الحقيقة ... فالفائز فى كل المعارك، هو دوماً الأكثر براعة ... فقط الأكثر براعة ... تماماً مثل رقعة الشطرنج ... يربحها دوماً الأذكى، الذى استطاع حجب انفعالاته، وأفسح كل المجال لعقله ودقّته وبراعته ... و(كريم الشاذلى فى هذا الكتاب، لا يكتفى بإثبات هذه القاعدة، على نحو غير مباشر، ولكنه يبحر بك أيضاً، فى بحر ممتع من التحليل التاريخى والنفسى والعملى، لكثير مما يثبت أن الحياة بالفعل هى رقعة شطرنج كبيرة، وكلنا عليها، إما وزير، يملك حرية الحركة، وقوة المواجهة والتأثير، أو غفير (عسكرى) صغير، لايمكنه القيام إلا بخطوة واحدة، تمهّد الطريق لباقى القطع، ويأمل طوال الوقت فى النجاح فى الوصول إلى خط النهاية؛ حتى يترقّى إلى قطعة أفضل وأقوى وأكثر تأثيراً ... وبعد رحلة ممتعة مع كتاب الصديق الجميل (كريم الشاذلى)، ستجد أنك، وعلى الرغم من ستتساءل، مع آخر صفحاته : ماموقعك بالضبط على رقعة شطرنج العالم ؟!.. رابح أم خاسر ؟!... وزير ... أم غفير ؟!.
د.نبيل فاروق
كاتب وروائي، وهو رائد أدب الجاسوسية والمخابرات في الشرق الأوسط.
فبعد عقود من دراسة أعمال وعمليات أجهزة المخابرات عبر التاريخ، وبعد دراسة طويلة وعميقة، لكل النجاحات والإخفاقات، فى عالم السياسة، وفى ميادين الحروب، وحتى فى الحياة العادية، أدركت أن الانفعال، وترك النفس للهوى والمشاعر، هى السبيل الأساسى للفشل، وليس للنجاح، كما قد يتصوّر البعض؛ فالانفعال يجعل نظرتك للأمور محدودة ناقصة، أنبوبية الرؤية، فلا ترصد إلا ماتريد، وما يتناسب مع انفعالاتك ورؤيتك، التى تحكمها مشاعرك، ويغيب عنها عقلك ...
وقديماً ... قديماً جداً، وفى القرن السادس قبل الميلادى، كتب (صن تزو)، القائد العسكرى الصينى، صاحب كتاب (فن الحرب)، الذى يعد، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، دستور القادة العسكريين، فى كل أنحاء العالم ... كتب يقول: "لو أنك خصمك شديد الانفعال، تثير أعصابه أمور خاصة، مثل الشرف أو العقيدة أو العصبية، احرص على إثارة انفعاله؛ حتى يفقد وضوح الرؤية، فتقوده فى سهولة، إلى الفخ الذى أعددته له" ....
وكم كان (صن تزو) حكيماً فى كتابته هذه؛ فالانفعال، الذى لا يستند إلى العقل، يجعلك أسهل وقوعاً فى الفخ، ويدفعك دفعاً إلى خسارة معاركك، سواء على المدى القريب أو البعيد ....
هذا لأن العالم بالفعل رقعة شطرنج، لا يفوز فيها الأكثر حماساً، ولا الأكثر انفعالاً، ولا الأكثر نبلاً، ولا حتى الأكثر إيماناً ...
والمتابع والقارئ للتاريخ، يمكنه أن يدرك، وفى سهولة هذه الحقيقة ...
فالفائز فى كل المعارك، هو دوماً الأكثر براعة ...
فقط الأكثر براعة ...
تماماً مثل رقعة الشطرنج ... يربحها دوماً الأذكى، الذى استطاع حجب انفعالاته، وأفسح كل المجال لعقله ودقّته وبراعته ...
و(كريم الشاذلى فى هذا الكتاب، لا يكتفى بإثبات هذه القاعدة، على نحو غير مباشر، ولكنه يبحر بك أيضاً، فى بحر ممتع من التحليل التاريخى والنفسى والعملى، لكثير مما يثبت أن الحياة بالفعل هى رقعة شطرنج كبيرة، وكلنا عليها، إما وزير، يملك حرية الحركة، وقوة المواجهة والتأثير، أو غفير (عسكرى) صغير، لايمكنه القيام إلا بخطوة واحدة، تمهّد الطريق لباقى القطع، ويأمل طوال الوقت فى النجاح فى الوصول إلى خط النهاية؛ حتى يترقّى إلى قطعة أفضل وأقوى وأكثر تأثيراً ...
وبعد رحلة ممتعة مع كتاب الصديق الجميل (كريم الشاذلى)، ستجد أنك، وعلى الرغم من ستتساءل، مع آخر صفحاته : ماموقعك بالضبط على رقعة شطرنج العالم ؟!..
رابح أم خاسر ؟!...
وزير ...
أم غفير ؟!.
د.نبيل فاروق
كاتب وروائي، وهو رائد أدب الجاسوسية والمخابرات في الشرق الأوسط.