Syria Readers Association discussion

إيليا أبو ماضي
This topic is about إيليا أبو ماضي
54 views
من أجمل ما قرأت > ابنة الفجر

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by زاهي (new)

زاهي رستم (zahi_rustom) | 259 comments Mod
أنا ان أغمض الحمام جفوني .. ودوى صوت مصرعي في المدينه
وتمشى في الأرض داراً فداراً .. فسمعت دويّه و رنينه
لا تصيحي واحسرتاه لئلا .. يدرك السامعون ما تضمرينه
وإذا زرتني وأبصرت وجهي .. قد محا الموت شكه و يقينه

ورأيت الصحاب جاثين حولي .. يندبون الفتى الذي تعرفينه
وتعال العويل حولك ممن .. مارسوه وأصبحوا يحسنونه
لا تشقي على ثوبك حزنا .. لا ولا تذرفي الدموع السخينه
غالبي اليأس وأجلسي عند نعشي .. بسكون، إني أحب السكينه
إن للصمت في المآتم معنى .. تتعزى به النفوس الحزينه
ولقول العذّال عنك ( بخيل ) .. هو خير من قولهم ( مسكينه )
وإذا خفت ان يثور بك الوجد .. فتبدوا اسرارنا المكنونه
فارجعي و اسكبي دموعك سراً .. وامسحي باليدين ما تسكبينهيا

ابنة الفجر من احبك ميت .. ولأنت بمثل هذا مهينه
زايل النور مقلتيه وغابت .. تحت اجفانه المعاني المبينه
فأصيخي! هل تسمعين خفوقا .. كنت قبلاً في صدره تسمعينه؟
وانظري ثم فكري كيف امسى .. ليس يدري عدوّه وخدينه
ساكتا لا يقول شيئاً .. ولا يسمع شيئاً وليس يبصر دونه
لا يبالي أأودعوه الثريا .. أم رموه في حمأة مسنونه
وإذا الحارسان ناما عياء .. ورأيت أصحابه يتركونه
فتعالي وقبلي شفتيه .. و يديه وشعره وجبينه
قبل أن يسدل الحجاب عليه .. ويُوارى عنك فلا تبصرينه
واحذري ان تراك عين رقيب .. ولئن كان جل ما تحذرينه
فاذا ما أمنت لا تتركيه .. قبلما يفتح الصباح جفونه

وإذا الساعة الرهيبة حانت .. ورأيت حرّاسه يحملونه
وسمعت الناقوس يقرع حزنا.. فيردُّ الوادي عليه انينه
زوّدي الراحل الذي مات وجداً .. بالذي زوّد الغريق السفينه
نظره تعلم السماوات منها .. أنه مات عن فتاة أمينه
طوت الأرض من طوى الأرض حياً .. وعلاه من كان بالأمسدونه
واختفى في التراب وجه صبيح .. و فؤاد حرٍ ونفسٌ مصونه
وإذا ما وقفت عند السواقي .. و ذكرت وقوفه و سكونه
حيت أقسمت أن تدومي على العهد .. وآلى بأنه لن يخونه
حيث علمته القريض فأمسى .. يتغنى كي تسمعي تلحينه
فاذكريه مع البروق السواري .. واندبيه مع الغيوث الهتونه
وإذا مشيت في الروض يوما .. ووطأتِ سهوله وحزونه
وذكرت مواقف الوجد فيه .. عندما كنت بالهوى تغرينه
حيث علمتِهِ الفتون فأضحى .. يحسب الأرض كلها مفتونه
حيث وسدته يمينك حتى .. كاد ينسى شماله و يمينه
حيث كنت وكان يسقسك طوراً .. من هواه وتاره تسقينه
حتى حاك الربيع للروض ثوباً .. كان أحلى لديه لو ترتدينه
فالثمي كل زهرة فيه وإني .. كنت أهوى زهوره و غصونه
ثم قولي للطير : مات حبيبي! .. فلماذا ياطير لا تبكينه ؟

وإذا جلست وحدك في الليل .. وهاجت بك الشجون الدفينه
ورأيت الغيوم تركض نحو الغرب ركضاً كأنها مجنونه
ولحظت من الكواكب صداً … ونفاراً وفي النسيم خشونه
فغضبت على الليالي البواقي .. وحننت الى الليالي الثمينه
فاهجري المخدع الجميل وزوري .. ذلك القبر ثم حيي قطينه
وانثري الورد حوله وعليه … و اغرسي عند قلبه ياسمينه

| إيليا أبو ماضي |


back to top