من علامات محبة الرب لعبده أن يشعره بالحاجة إليه، وأن يقطع عنه الأمل فيما سواه.. وأن يلفته إلى رحمته فيدعوه فيستجيب، فتتم له الحظوة وتنمو في قلبه تلك الصلة الحميمة التي تبدأ في الدنيا فلا تنتهي إلا في الجنة.
ولم تكن ولادة محمد عليه الصلاة والسلام يتيماً مصادفة بل تدبيراً، فالله أراد أن يقطعه عن الأرض ويصله بالسماء من أول لحظة.. فلا أب ولا أم، وإنما كفيل من أهل بيته، وليس من دينه، ثم كل عشيرته ينقلبون عليه إلا صُحبة قليلة ذليلة فلا يجد ملجأ إلا باب السماء يسجد أمامه ويتوسل. وتلك علامة من علامات أهل القرب.
يقول لي صاحبي: ما بال كل أقوياء الدنيا قد ناصروا اسرائيل علينا.. حتى نحن انقلب بعضنا على بعض حتى أوشكنا أن نصبح أذلاء هذا الزمان. فأقول له: بل هي بشرى.. فقد انقطعت صلتنا بالسماء، وطالت بيننا وبين الله الجفوة، فأراد الله برحمته أن يلفتنا إليه، ويشعرنا بالحاجة إليه كما يفعل مع أهله وخاصته.
أليس هو القائل في القرآن: ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) – النجم/8 – وذلك غاية القرب. والقائل لنبيه: ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) – العلق/19 وقد تكاثر عليه الأعداء وجمعوا جمعهم وتحالفوا عليه، فأراد أن يمد له بحبل المودة.
يقول صاحبي: أهو تصوف.. ؟! فأقول: بل هو صميم الدين ولب الإسلام وجوهر العقيدة.. أصدقت القائلين بأن الدين عندنا لحية وجلباب؟! وأن إسلامنا هو فقه حيض ونفاس؟! بل هو تلك السجدة.. فاسجد واقترب.. وابك على خطيئتك.. فالدين يبدأ من هنا.. الدين تقوى.. وصدق.. ومعرفة بأن الله وحده هو الحل. - والأسباب؟ -- هو وحده الذي سوف يمدك بها، وليس الأمريكان. - والعلم؟ -- اتقوا الله ويعلمكم الله. - والكتب؟ -- سيدلك على أحسنها. - والسلاح؟ -- إن أراد لك القتال سيوفره لك، وإن أراد العافية نصرك بوسائله. - هذا والله الطريق السهل؟ -- بل هو الطريق الشاق والمرتقى الصعب. - كيف؟ -- لأن عماده الإخلاص والصدق والتجرد لله.. وكلها معادن نادرة تحتاج إلى الحفر الدؤوب والعميق لاستخراجها من منجم الذات.. هل تظن نفسك صادقاً..؟
فسكت طويلاً ثم قال : - ليس دائماً. -- أرأيت.. فذلك هو المرتقى الصعب. - فكيف انتصروا هم وكيف يقودون العالم وهم لا حظوظ لهم في تلك الفضائل؟! -- ومن قال لك انهم انتصروا.. ومن قال إنهم يقودون العالم إلى خير؟! - لقد وصلوا إلى الفضاء ومشوا على الكواكب وزرعوا قلوب الموتى في الأحياء وحطموا الذرة وسخروا الالكترون وهندسوا الوراثة. -- لقد حطموا الذرة على رؤوسنا ولوثوا الكون وأفسدوا البيئة ونشروا الأمراض وأثاروا الفتن وأججوا العداوات وزاد الفقراء فقراً والأغنياء غنى. - وماذا فعلنا نحن؟ -- نحن نسير على دربهم ونفعل مثلهم ونتخذهم مثالاً فلا نبلغ مستواهم.. ونخسر أنفسنا فلا نصل إلى شئ.. فلا أصبحنا مثلهم ولا أصبحنا مثلنا. - هل هذا تشاؤم؟ -- بل هي بداية الصحوة وبداية النجاة. - كيف..؟؟ -- نسجد معاً ونقترب. - أعرف كيف أسجد فكيف أقترب؟ -- وكيف تقترب من الرؤوف الرحيم الودود الحليم الكريم إلا أن تتخذه مثالاً وتتخذ من نبيه أسوة. - ذلك جهاد ليس له منتهى. -- الإسلام كله جهاد.. جهاد للنفس وجهاد للدنيا وجهاد للآخرين وجهاد لبلوغ المعرفة.. إن الفوز بالجنة الأبدية لابد أن يكون أشق بكثير من الفوز بسهرة باريسية. - ولكني لم أجرب بعد السهرة الباريسية. -- لو جربتها سوف تفكر بعدها في سهرة أخرى وأخرى، وفي كل مرة تفقد بعضاً من نفسك ثم تنسى في النهاية ماذا كنت تريد بنفسك وتصبح أسير عادة تسير بك في حلقة مفرغة حتى تنتهي بك إلى اللاشئ. - وهل بعد القبر شئ؟ -- بعده كل شئ.. والمعنى وراء كل شئ.. وجلاء كل شئ. - متأكد.. ؟? -- أكثر من يقيني برؤيتك، وأكثر من يقيني بنفسي. - وكيف أبلغ هذا اليقين؟ -- تسجد معي وتقترب.
ولم تكن ولادة محمد عليه الصلاة والسلام يتيماً مصادفة بل تدبيراً، فالله أراد أن يقطعه عن الأرض ويصله بالسماء من أول لحظة.. فلا أب ولا أم، وإنما كفيل من أهل بيته، وليس من دينه، ثم كل عشيرته ينقلبون عليه إلا صُحبة قليلة ذليلة فلا يجد ملجأ إلا باب السماء يسجد أمامه ويتوسل.
وتلك علامة من علامات أهل القرب.
يقول لي صاحبي: ما بال كل أقوياء الدنيا قد ناصروا اسرائيل علينا.. حتى نحن انقلب بعضنا على بعض حتى أوشكنا أن نصبح أذلاء هذا الزمان.
فأقول له: بل هي بشرى.. فقد انقطعت صلتنا بالسماء، وطالت بيننا وبين الله الجفوة، فأراد الله برحمته أن يلفتنا إليه، ويشعرنا بالحاجة إليه كما يفعل مع أهله وخاصته.
أليس هو القائل في القرآن:
( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) – النجم/8 – وذلك غاية القرب.
والقائل لنبيه:
( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) – العلق/19
وقد تكاثر عليه الأعداء وجمعوا جمعهم وتحالفوا عليه، فأراد أن يمد له بحبل المودة.
يقول صاحبي: أهو تصوف.. ؟!
فأقول: بل هو صميم الدين ولب الإسلام وجوهر العقيدة.. أصدقت القائلين بأن الدين عندنا لحية وجلباب؟! وأن إسلامنا هو فقه حيض ونفاس؟! بل هو تلك السجدة.. فاسجد واقترب.. وابك على خطيئتك.. فالدين يبدأ من هنا.. الدين تقوى.. وصدق.. ومعرفة بأن الله وحده هو الحل.
- والأسباب؟
-- هو وحده الذي سوف يمدك بها، وليس الأمريكان.
- والعلم؟
-- اتقوا الله ويعلمكم الله.
- والكتب؟
-- سيدلك على أحسنها.
- والسلاح؟
-- إن أراد لك القتال سيوفره لك، وإن أراد العافية نصرك بوسائله.
- هذا والله الطريق السهل؟
-- بل هو الطريق الشاق والمرتقى الصعب.
- كيف؟
-- لأن عماده الإخلاص والصدق والتجرد لله.. وكلها معادن نادرة تحتاج إلى الحفر الدؤوب والعميق لاستخراجها من منجم الذات.. هل تظن نفسك صادقاً..؟
فسكت طويلاً ثم قال :
- ليس دائماً.
-- أرأيت.. فذلك هو المرتقى الصعب.
- فكيف انتصروا هم وكيف يقودون العالم وهم لا حظوظ لهم في تلك الفضائل؟!
-- ومن قال لك انهم انتصروا.. ومن قال إنهم يقودون العالم إلى خير؟!
- لقد وصلوا إلى الفضاء ومشوا على الكواكب وزرعوا قلوب الموتى في الأحياء وحطموا الذرة وسخروا الالكترون وهندسوا الوراثة.
-- لقد حطموا الذرة على رؤوسنا ولوثوا الكون وأفسدوا البيئة ونشروا الأمراض وأثاروا الفتن وأججوا العداوات وزاد الفقراء فقراً والأغنياء غنى.
- وماذا فعلنا نحن؟
-- نحن نسير على دربهم ونفعل مثلهم ونتخذهم مثالاً فلا نبلغ مستواهم.. ونخسر أنفسنا فلا نصل إلى شئ.. فلا أصبحنا مثلهم ولا أصبحنا مثلنا.
- هل هذا تشاؤم؟
-- بل هي بداية الصحوة وبداية النجاة.
- كيف..؟؟
-- نسجد معاً ونقترب.
- أعرف كيف أسجد فكيف أقترب؟
-- وكيف تقترب من الرؤوف الرحيم الودود الحليم الكريم إلا أن تتخذه مثالاً وتتخذ من نبيه أسوة.
- ذلك جهاد ليس له منتهى.
-- الإسلام كله جهاد.. جهاد للنفس وجهاد للدنيا وجهاد للآخرين وجهاد لبلوغ المعرفة.. إن الفوز بالجنة الأبدية لابد أن يكون أشق بكثير من الفوز بسهرة باريسية.
- ولكني لم أجرب بعد السهرة الباريسية.
-- لو جربتها سوف تفكر بعدها في سهرة أخرى وأخرى، وفي كل مرة تفقد بعضاً من نفسك ثم تنسى في النهاية ماذا كنت تريد بنفسك وتصبح أسير عادة تسير بك في حلقة مفرغة حتى تنتهي بك إلى اللاشئ.
- وهل بعد القبر شئ؟
-- بعده كل شئ.. والمعنى وراء كل شئ.. وجلاء كل شئ.
- متأكد.. ؟?
-- أكثر من يقيني برؤيتك، وأكثر من يقيني بنفسي.
- وكيف أبلغ هذا اليقين؟
-- تسجد معي وتقترب.