“ولكن الرافعي يتصدى لهذا البحث وهو من أضعف الناس منطقًا، وأفشلهم قياسًا، وأعجزهم عن تأييد الدعوى بالحجة، وتفنيد القول بمثله، فهو يمضي مؤيدًا مفندًا ثم لا يطالب نفسه بدليل غير السخط إذا خالف، والتكرار والتأمين إذا وافق، وعلى الله بعد ذلك الإقناع ببركة الإلهام والإيمان، لا ببركة البيان والبرهان، خذ مثلًا رده على أبي الحسين أحمد بن يحيى المعروف بابن الراوندي حيث يقول في كتابه الفريد: «إن المسلمين احتجوا لنبوة نبيهم بالقرآن الذي تحدى به النبي، فلم تقدر العرب على معارضته فيقال لهم: أخبرونا لو ادعى مدعٍ لمن تقدم من الفلاسفة مثل دعواكم في القرآن فقال: الدليل على صدق بطليموس أو إقليدس أن إقليدس ادعى أن الخلق يعجزون عن أن يأتوا بمثل كتابه أكانت نبوته تثبت»، وكلام ابن الراوندي هذا ظاهر المغالطة؛ لأن إقليدس لم يخترع الحقائق التي أوردها في كتابه، وليس في طاقته هو نفسه أن يبتدع كتابًا آخر، أو يزيد قضية واحدة على”
―
عباس محمود العقاد,
ساعات بين الكتب