“والعقيقة: سهم الِاعْتِذَار. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قلت لِابْنِ الْأَعرَابِي: وَمَا سهم الِاعْتِذَار؟ فَقَالَ: قَالَت الْأَعْرَاب: إنَّ أصل هَذَا أَن يُقتل رجلٌ من الْقَبِيلَة فيطالَب الْقَاتِل بدمه، فيجتمع جماعةٌ من الرؤساء إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل ويعرضون عَلَيْهِم الدِّيَة ويسألونهم الْعَفو عَن الدَّم. قَالَت الْأَعْرَاب: فَإِن كَانَ وليُّه أبيّاً حمياً أَبى أَخذ الدِّيَة، وَإِن كَانَ ضَعِيفا شاورَ أهلَ قبيلته، فَيَقُولُونَ للطالبين: إنَّ بَيْننَا وَبَين خالقنا عَلامَة لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي. قَالَ: فَيَقُول الْآخرُونَ: مَا علامتكم؟ فَيَقُولُونَ: نَأْخُذ سَهْما فنركِّبه على قَوس ثمَّ نرمي بِهِ نَحْو السَّمَاء، فَإِن رجَعَ إِلَيْنَا ملطَّخاً بِالدَّمِ فقد نُهينا عَن أَخذ الدِّيَة، وَإِن رَجَعَ إِلَيْنَا كَمَا صعد فقد أمرنَا بِأخذ الدِّيَة. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ أَبُو المكارم وَغَيره: فَمَا رجَع هَذَا السهمُ قَطْ إِلَّا نقِيّاً، وَلَكِن لَهُم بِهَذَا عُذرٌ عِنْد جُهالهم. قَالَ:”
―
محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور,
تهذيب اللغة - الجزء الأول