“كان في الماضي طريق يفصل الماء عن اليابسة ويمتد إلى أن يصل بين الضفتين، سراباً ضخماً يطل الجميع من عليه، علينا.. نحن القابعون بعيداً هناك.. قابعون عميقاً جداً في تلك المدن الصغيرة التي لا تظهر على الشاشات، مدن لا تدخلها الكاميرات، ولا يمكن رؤيتها، مدن السير فيها بالحدس فقط.. كلما كنت صادقاً كلما كنت أقرب..
كل مدينة مهما انعدم براحها تظل متسعة لشخص واحد فقط.. هو ذلك النائم هناك تحت شجرة الجميز بعد أن أضناه التعب من عدِّ السراب..
كان يتساءل كثيراً في الشتاء، وفي الصيف يتمدد فوق بقايا السور الصامدة ضد السقوط، على يساره شارع مزدحم، وعلى يمينه مجمع نفايات، كان ينظر إلى السماء "اللغز هو أنا"، هكذا فكر الصبي، وفكر أنه لو فاز بقبلة هذا الصيف، سيكتشف الشتاء القادم اكتشافاً عظيماً لم يصل له أحدُ من قبل..”
―
محمد علام,
البنت التي تغتال الحكايات