أنا قادم أيها الضوء

by محمد أبو الغيط

منذ آلاف السنين نحتت الفلسفات والديانات الشرقية مثل البوذية والهندوسية مفهوم «الكارما»، وتعني باختصار أن أفعال ونوايا الفرد تؤثر على مستقبله، فيجذب عمله الخير خيرًا، بينما تجذب «الكارما» السيئة التعاسة. لكن لا حاجة لي للبحث بعيدًا فقد رأيت ذلك بعينيَّ والله.. كأن كرم جدي مع والدي في زواجه، عاد ليُرد إليَّ كرمًا من والد إسراء في زواجي. وكأن مواقف أمي الأصيلة مع أبي في أثناء تعثره المالي في البدايات، عادت لتُرد إليَّ من إسراء الأصيلة الشهمة. وكأن خير أبي المنثور بلا حساب، عاد ليُرد إليَّ وإلى إخوتي في مفاجآت منثورة بدورها. كمثال واحد: حين تم القبض عليَّ شك الضباط ذات يوم أن لدينا هاتفًا محمولًا مهربًا، فأخرجونا جميعًا لتفتيش بالغ الإهانة. جاء نصيبي مع عسكري سألني عن اسمي، فقال: إنت ابن الدكتور أبو الغيط الجراح؟ قلت: نعم، فقال: والدك أجرى عملية مجانية لقريبي، ده راجل طيب، مالك ومال السكة دي؟ ثم تظاهر أنه يفتشني دون أن يلمسني، بينما أشاهد أمامي رفاقي يخلعون البناطيل. حتى عادة أبي في إيقاف السيارة لتوصيل الغرباء، رُدت بذات الموقف بالضبط. تعلمت أن رقة القلب، وحضور الدموع لا تعيبان أشد الرجال بأسًا. طفرت عيناه حين رأى حطامي، ومن أرق وأقوى منك يا أبي؟