أنا قادم أيها الضوء

by محمد أبو الغيط

بعد نوبة لعينة حاولت وصف ذلك لإسراء فقالت إن ما أصفه يشبه آلام الولادة! في هذه اللحظة تغيرت رؤيتي لها، ولكل امرأة.. بالضبط كما تغيرت نظرتي تماما لأبي وأمي بعدما أنجبت. لم أفهمهما قط إلا بعد أن صرت مكانهما. تذكرت أيضًا صدمة إسراء من آلام الرضاعة الطبيعية. كانت تظن الإرضاع فعل حب وهدوء وسكينة، لكنها فوجئت أن كل عملية إرضاع في الفترة الأولى، تعني انقباضًا بالغ الألم لعضلات الرحم. أخبرتني، وحاولت قدر الإمكان إبداء التعاطف والمساعدة. أنا آسف، لم أفهم حقيقة الأمر وحجمه وقتها قط. لاحقًا قرأت عن تصنيف أصعب آلام يمكن أن يشعر بها البشر، وجدت ضمنها آلام الولادة تتنافس على القمة مع آلام أعصاب الأسنان والمغص الكلوي وأمثالها. قاعدة «لا مهبل، لا رأي» التي تقولها بعض النسويات صائبة تماما. ثمة أمور يجب ألا يبدي فيها الرجال رأيًا ما داموا لن يمروا بها أبدا، ولن يفهموها أبدا. وكقاعدة، مهما طاولت اللغة البلاغة، فستظل قاصرة عن وصف مشاعر الإنسان إلا لمن كابدها. حقًّا ما قال النفري: «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة».