‫قواعد العشق الأربعون‬ (Arabic Edition)

by Elif Shafak

الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنَّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلًا إنّ الله كان عليًّا كبيرًا. أغمض شمس عينيه عندما فرغ من تلاوته، وتلا الآية نفسها، ولكن بتفسير مغاير هذه المرّة، ثم سأل: ـــ هل لاحظت الفرق الآن؟ قلت: ـــ نعم. التفسير مختلف. يبدو الأمر في البدء كأنّ ثمّة موافقة على قيام المتزوّجين من الرجال بضرب زوجاتهم، في حين أن تفسيرك ينصحهم بهجرهنّ. أعتقد أنّ ثمّة اختلافًا كبيرًا. لماذا؟ ردّ شمس أكثر من مرّة كأنّ السؤال أعجبه. ـــ لماذا؟ لماذا؟ قولي لي يا كيميا. هل سبق لك أن سبحت في نهر؟ أومأتُ برأسي متذكّرةً أيّامَ طفولتي. ومرّت في خاطري ذكرى جداول الماء البارد الذي يروي الظمأ في جبال طوروس. ولكن، لم يعد باقيًا اليوم أيُّ شيء من تلك البنت الصغيرة التي أمضت أوقات بعد الظهر العديدة والسعيدة في تلك الجداول برفقة أختها وصديقاتها. أشحت بوجهي جانبًا كي لا أدع شمسًا يرى الدموع مترقرقةً في عينَي. ـــ ربّما تظنّين أنّ ثمّة مجرًى نهريًّا واحدًا عندما تنظرين إلى نهر من مسافة بعيدة، يا كيميا، ولكنْ إذا غصت إلى أعماق الماء فسوف تجدين أكثر من نهر. إنّ النهر مختلف التيّارات، وكلّها تجري منسجمة، وإن كان أحدها منفصلًا عن الآخر. دنا شمس التبريزيّ منّي بعد أن فرغ من حديثه، وأمسك بذقني بإصبعيه مُرغِمًا إيّاي على النظر إلى عينيه الغائرتين السوداوين الفيّاضتين بالعاطفة. توقّف قلبي لحظة ولم أستطع التنفّس. قال: ـــ القرآن نهر هادر. فالذين ينظرون إليه عن بُعد لا يرون فيه إلّا نهرًا واحدًا. أمّا الذين يسبحون فيه، ففيه أربعة تيّارات، مثل أربعة ...