فإن قلت فكيف يرتب الشرع العبادات على البلوغ فقط دون الرشد، حتى أوجب على الإنسان إن بلغ الصلاةَ والصومَ وإن كان محجورًا عليه في ماله؟ أليس هذا من ذاك؟ قلت: العبادات أمرها إلى الله في الآخرة ومصالحها أخروية أصالة، وهو سبحانه الذي يتولى الحساب، فلا إشكال أن يكلِّف إنسانًا سفيهًا غير مكتمل النضج العقلي بالصلاة، وقد يعفو عن قصوره لسفاهته، فهو أعلم به، وليس مبنى العبادة أكثر على كمال العقل بقدر ما هو مبني على الآدمية مع وجود العقل لا كماله، فكان التكليف للنائم والسكران والسفيه واحدًا(30) في الأغلب مع اختلافات طفيفة، والإنسانُ البالغ كامل الإنسانية وإن ضعف عقله أو قلّت خبرته في الحياة.