More on this book
Kindle Notes & Highlights
Read between
May 5 - May 21, 2022
العقل في اللغة الحَجْر والنهي، وقد سُمِّي بذلك تشبيهًا بعقل الناقة، لأنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل، كما يمنع العقال الناقة من الشرود.
وبدلًا من اقتصاد يهدف إلى سد الحاجات أو زيادة الإنتاج، بدأت وسائل الإعلان تخلق الحاجات وتخلِّقها، وتحولت الاحتياجات إلى رغبات وأُلقي في روع هذا الإنسان الفرد أن كل الأمور نسبية، وأنها في ذات الوقت حتمية لا يمكن تغييرها، وأن ما يحدث سيحدث لأنه سيحدث تمامًا مثل الرغبة الجنسية وقانون الجاذبية، فهي أمور ذاتية تمامًا وموضوعية حتمية تمامًا، وأصبح من الممكن إغواء الإنسان الفرد وإيهامه بأن ما يرغب فيه هو قرار حر نابع من داخله، ولكنه في الحقيقة، شاهد مئات الإعلانات التي ولَّدت الرغبة الذاتية وخلقت عنده الرغبة التلقائية.
والإباحية هي تعبير عن نفس الاتجاه، فتجريد جسد الإنسان من ملابسه هو نوع من نزع القداسة عنه حتى يتحول الإنسان ،خليفة اللـه في الأرض في الرؤى الدينية، ومركز الكون في الرؤى الإنسانية، إلى مجرد لحم يوظَّف ويُستغَل بحيث يصبح مصدرًا للذة. من هذا المنظور، يمكن أن نرى الإبادة النازية لليهود وغيرهم على أنها شكل من أشكال الإباحية أو الإمبريالية الكاملة، فهي حوَّلت البشر إلى صفوف وتلال لحم توظَّف ويُنتفع بها، ولذا فنحن نرى أن ثَمَّة تشابهًا بين اللحظة النازية واللحظة التايلاندية في الحضارة العلمانية، فكلاهما أسقط القداسة عن الإنسان ورآه مادة استعمالية، توظَّف في أعمال السخرة في ألمانيا وفي البغاء في
...more
بل نذهب أبعد من هذا، ونقول إن الفارق بين بيوت المسنين في الدولة الديمقراطية وأفران الغاز في الدولة النازية ليس جوهريًا، كما قد يبدو لأول وهلة، فكلاهما مكان يودع فيه المسنون باعتبارهم غير منتجين، وبينما يتم التخلص منهم عن طريق التبريد في الدول الديمقراطية، فإنه يتم التخلص منهم عن طريق التسخين في الدول الشمولية ! و)