More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
Read between
September 22 - October 22, 2022
لن يُلاقي مثل هؤلاء الناس صعوبةً في تمييز أنّ خادمة پروست كانت غبيّة. فقد كانت تظنّ أن ناپوليون وبوناپرت شخصان مختلفان، ورفضت تصديق پروست أسبوعًا كاملًا حين صحّح لها ظنّها.
بأنّ التعليم لا قيمة له، وأنّ أهميّة التاريخ الأوروپيّ من كامپو فورميو إلى معركة واترلو هي نتيجةٌ لمؤامرة أكاديميّة خبيثة، بل يعني أنّ القدرة على تمييز الأباطرة أوالقدرة على التّهجئة التّقريبيّة ليست كافيةً بذاتها لتكريس وجود أمرٍ صعب التّعريف مثل الذكاء.
الميروڤنجيّون: سلالة سليانيّة-فرانكيّة من الملوك الذين حكموا الفرنكيّين [الفرنجة] على امتداد ما يقارب من ثلاثة قرون، من منتصف القرن الخامس حتى منتصف القرن الثامن الميلادي.
س: هل كان يعتقد أنّ الحب يدوم إلى الأبد؟ ج: لا، ولكنّ التّقييدات على الأبديّة لا تقتصر على الحب. فهي تكمن في الصعوبة العامة في بلوغ علاقةٍ مُثلى مع أيّ شيء، أو أيّ شخص، كان موجودًا في الجوار دومًا. س: ما نوع تلك الصعوبات؟ ج: خذوا المثال غير العاطفيّ في الهاتف. اخترعه بل عام 1876. وبحلول العام 1900، كان ثمة ثلاثون ألف هاتف في فرنسا. وسرعان ما حصل عليه پروست (الرقم 29205) وأحبَّ تحديدًا خدمة تُسمّى «المسرح-الهاتف»، التي كانت تُتيح له الإنصات إلى عروض الأوپرا والمسرح الحيّة في پاريس.
ربما كان سيقدّر هاتفه حقّ قدره، ولكنّه لاحظَ مدى السرعة التي بدأ فيها الآخرون يستخفّون بهواتفهم. في بداية عام 1907، كتب أنّ الآلة كانت أداة ذات طبيعة خارقة كنّا نقف مذهولين أمام معجزتها، ولكنّنا نوظّفها الآن من ون الاكتراث بها، كي نستدعي خيّاطنا أو نطلب بوظة. علاوة على ذلك، لو كان خط محل الحلويّات مشغولًا أو خطّ الخياط مفصولًا، كنّا سنتعامل بجحود صبيانيّ بدلًا من إجلال التطوّرات التقنيّة التي حقّقت رغباتنا الصعبة. بما أنّنا أطفال يلعبون بالقوى الإلهيّة من دون الارتعاد أمام غموضها، كان الهاتف بالنسبة لنا “وافيًا بالغرض”. أو بالأحرى، بما أننا أطفال فاسدو التّربية، فهو “لا يفي بالغرض،” فنملأ لو
...more
س: لمَ يكون للعادة مثل هذا التأثير المُوهِن؟ ج: تكمن إجابة پروست الأكثر إيحاءً في ملاحظة عن نوح وسفينته كما ورد ذكره في الكتاب المقدّس: عندما كنتُ طفلًا، لم أجد مصيرًا أسوأ لأيّ شخصيّة من شخصيّات الكتاب المقدّس أكثر من نوح، بسبب الطوفان الذي أبقاه حبيس سفينته أربعين يومًا. لاحقًا، غالبًا ما كنت أمرض، وأُضطر للبقاء في “سفينة” لأيام لا نهاية لها. حينها فحسب فهمتُ أنّ نوح لم يكن قادرًا على رؤية العالم أفضل مما كان يراه من سفينته، مع أنّ سفينته محطَّمة، والظّلمة تخيّم على الأرض. كيف أمكنَ لنوح أن يرى أيّ شيء على الأرض وهو قابعٌ في سفينة مُحطَّمةٍ وسط حديقة حيوان برمائيّة؟ مع أنّنا نفترض عادةً أنّ
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
وفي المحصّلة، مع أنّ ألبرتين تمتلك ملابس أقلّ بكثير من الدوقة، إلا أنّ فهمها، وتقديرها، وحبّها لها أكبر بما لا يُقاس. مثل كلّ عقبةٍ في طريق امتلاك شيءٍ ما...، فإن الفقرُ، الذي يكون أشدّ سخاءً من الثراء، يمنح النّساءَ أمرًا أكبر من الملابس التي تعجزنَ عن شرائها: الرغبة بتلك الملابس التي تخلق معرفةً أصيلةً، عميقةً، شاملةً، بها.
يشبّه پروست ألبرتين بطالبٍ يزور درسدن بعد أن اشتعل رغبةٍ لرؤية لوحاتٍ محدَّدة، بينما الدّوقة تبدو مثل سائح ثريّ يسافر من دون أدنى رغبةٍ بالمعرفة، ولا يُعايش أيّ شيءٍ بخلاف الدّهشة، والسأم، والإرهاق حين يصل.
فهم ملعونون بسبب السرعة التي تقوم بها ثروتهم بتحقيق رغباتهم. فكلّما خطرت درسدن في ذهنهم، بإمكانهم أن يستقلّوا القطار التالي إلى هناك؛ وكلّما رأوا فستانًا، سرعان ما سيصبح في خزانة ملابسهم. وبذا لن تسنح لهم فرصة معاناة الوقت الفاصل بين الرغبة والتحقّق الذي يتحمّله مَنْ هم أقلّ حظًا، والذي يملك، برغم بؤسه الظاهريّ، الفائدة التي لا تُقدّر بثمن بشأن السّماح للناس بمعرفة اللوحات في درسدن، والقبعات، والأرواب، وشخصّا مشغولًا هذا المساء، والوقوع في حبّهم بشدّة.
خذوا حالة العاهرات، جماعةٌ متوفّرةٌ كلّ ليلةٍ بهذا القدر أو ذاك. في شبابه، كان پروست مُستمنيًا قهريًا، قهريًا بشدّة دفعت أباه إلى حثّه على الذهاب إلى ماخور، ليُريح ذهنه من ما كان يعتبرها القرن التاسع عشر تسليةً عالية الخطورة. في رسالةٍ صريحة إلى جده، وصف مارسيل ذو السادسة عشرة عامًا كيف جرت الزيارة: شعرتُ بحاجةٍ مُلحّةٍ إلى امرأةٍ كي أتوقّف عن عادة الاستمناء السيّئة فأعطاني پاپّا 10 فرنكات كي أذهب إلى الماخور. ولكن، أولًا في غمرة إثارتي، كسرتُ المبولة في الغرفة، 3 فرنكات، وثانيًا وأنا في الإثارة ذاتها، عجزتُ عن ممارسة الجنس. وبذلك عدتُ إلى المربّع الأول، توّاقًا إلى 10 فرنكات أخرى لإراحة نفسي
...more
بالنسبة إلى شخص كرَّسَ حياته للأدب، أظهرَ پروست إدراكًا فريدًا لمخاطر أخذ الكتب بجديّة كبيرة، أو بالأحرى اعتناق موقف تبجيليّ عبوديٍّ حيالها سيتسبّب في الواقع، وإنْ بدا على شيءٍ من الإجلال، بخلق صورةٍ زائفةٍ عن الإنتاج الأدبيّ؛ ستعتمد العلاقة الصحيّة مع كتب الآخرين بدرجةٍ كبيرةٍ على تقديرٍ لقيمة كلٍّ من حدودها وفوائدها.
ذهب في عطلة إلى جبال الألپ الفرنسيّة، إلى بلدة ينابيع المياه المعدنيّة إيڤيان، وهناك قرأ ووقع في حب أعمال جون رَسْكن، الناقد الفنيّ الإنكليزيّ المشهور بكتاباته عن ڤينيسيا، و[جوزف] تيرنر، وعصر النهضة في إيطاليا، والعمارة القوطيّة، وسفوح جبال الألپ.
إحدى السّمات العظيمة والرائعة للكتب الجيّدة (التي تُتيح لنا رؤية الدور، الذي يكون في آن جوهريًا ولكن محدودًا، الذي قد تلعبه القراءة في حيواتنا الروحيّة) قد تُسمّى “الخُلاصات” لدى المؤلّف و“المُحرّضات” لدى القارئ. وينتابنا إحساس شديد أنّ حكمتنا تبدأ مع غياب حكمة المؤلّف، إذ نتمنّى منه تزويدنا بالإجابات في حين أنّ كلّ ما بإمكانه فعله هو تزويدنا بالرغبات.... تلك هي قيمة القراءة، وأيضًا هي نقطة ضعفها. وأن نحوّلها إلى واجب يؤدّى بانضباط يعني إسباغ دورٍ كبيرٍ جدًا على ما هو مجرّد محرّض. القراءة موجودة عند عتبة الحياة الروحيّة؛ بإمكانها إدخالنا إلىيها: ولكنّها لا تُكوّنها.
لو أُرغمتَ لسببٍ ما على الاشتغال في عملٍ يدويّ، ما الذي ستختاره، وفقًا لميولك، ورغباتك، وقدراتك؟ «أظنّ أنّني سأصبح خبّازًا. إنّه عملٌ مُشرِّفٌ أن تمنح الناس خبزها اليوميّ»، ردّ پروست الذي كان يعجز حتى عن تحميص قطعة توست، بعد التأكيد على أنّ الكتابة، في جميع الأحوال، تشكّل عملًا يدويًا: «أنتم تطرحون تمييزًا بين الأعمال اليدويّة والروحيّة لا يمكن لي قبوله. الروح تُرشد اليد» – وهو قولٌ كانت سيليسته، المسؤولة عن تنظيف المراحيض، ستعترض عليه بتهذيب.
كان ردًا سخيفًا، ولكن مجددًا، كان السؤال سخيفًا، على الأقل في طرحه على پروست. لمَ ينبغي للقدرة على كتابة البحث عن الزمن المفقود أن تُشير – بأيّ حال من الأحوال – إلى قابليّةٍ على إسداء النصح لذوي الياقات البيضاء، الذين صُرفوا من وظائفهم، بشأن عملهم؟ لمَ يحتاج قرّاء لانترانسيغان إلى التعرّض إلى أفكار مُضلِّلة عن عمل الخبّاز، طرحها شخصٌ عجز عن الحصول على عملٍ ملائم ولا يحبّ الخُبز كثيرًا؟ لمَ لا ندع پروست يُجيب على الأسئلة الواقعة ضمن نطاق قدرته، ونُقرّ بالحاجة إلى مستشار مُؤهَّلٍ في شؤون العمل؟
قد يُلهمنا التّعارضُ بين ما نأكله عادةً والطّبيعة المُسيلة للعاب للطعام الذي تستمتع به شخوص پروست بمحاولة تذوّق هذه الأطباق الپروستيّة فورًا. وفي هذه الحالة قد يكون من المُغري الحصول على نسخةٍ من كتاب طبخ مُفهرَس ومزوَّد برسومٍ توضيحيّة بعنوان مرةً في المطبخ، الذي يضم وصفات طعام لكل طبقٍ مذكور في رواية پروست؛ وقد جمعه شيف پاريسيّ بارز، وصدر عام 1991 (عن دار نشر كانت قد أصدرت كتابًا بعنوان مفيد بالمقارنة، كتاب طبخ مونيه). ويُساعد الكتاب في تمكين الطبّاخ الخبير الاعتياديّ على تقديرٍ أكبر للروائيّ العظيم، وربما اكتساب فهمٍ أعمق لفنّ پروست.
موس شوكولا فرانسواز المقادير: 100 غ من الشوكولا العاديّة، 100 غ من السكّر، نصف لتر حليب، ستّ بيضات. ضع الحليب في الغلّاية، وأضف الشوكولا بعد تكسيرها إلى قطع صغيرة، واتركها تذوب ببطء، خالطًا المزيج بملعقة خشبيّة. اخفق السكّر مع صفار البيضات الستّ. حضّر الفرن على درجة حرارة 130° C. بعد أن تذوب الشوكولا تمامًا، صبّها فوق البيض والسكر، اخلط بسرعة وقوّة، ثم صفِّ المزيج بالمصفاة. صبّ المزيج في قوالب صغيرة بقطر 8 سم، وضعها في الفرن، في وعاءٍ مملوء بالماء، لساعة. اتركها تبرد قبل التقديم.
أن نحوّل [القراءة] إلى منهجٍ معرفيٍّ يعني إسباغ دورٍ كبيرٍ جدًا على ما يكون مجرّد محرّض. القراءة موجودة عند عتبة الحياة الروحيّة؛ بإمكانها إدخالنا إلىيها: ولكنّها لا تُكوّنها. حتّى أفضل الكتب يستحقّ رميه جانبًا.
آلان دو بوتون (1969): كاتب ومقدّم برامج تلفزيونيّة سويسريّ مقيم في بريطانيا. تتمحور كتبه وبرامجه حول مواضيع متعدّدة، مع تركيزٍ على صلة الفلسفة بالحياة اليوميّة. دخلت كتبه جميعها لائحة الكتب الأكثر رواجًا، ابتداءً بكتابه الأول مقالات في الحبّ (1993) الذي بيع منه أكثر من مليوني نسخة، ثم تتابعت كتبه لتصل 14 كتابًا، من بينها عزاءات الفلسفة (2000)، هندسة السعادة (2006)، دين للملحدين (2012)، الفنّ كعلاج (2013).