‫أربعون 40‬

by أحمد الشقيري

كان صبي صغير يُدعَى حميد يعيش في قرية بدائية مغربية صغيرة، وقد كان مستهترًا غيرَ مبالٍ، وزملاؤه جميعهم يغضبون منه لاستهتاره المستمر، وخاصة معلمته عائشة التي كانت تصرخ دائمًا في وجهه. وفي أحد الأيام ذهبت والدته لتتحقق من مدى تعلمه، فقالت لها المعلمة عائشة بصدق: إن ابنها هو مجرد كارثة، ولا يحصل إلا على العلامات المنخفضة جدًّا، حتى إنها لم ترَ مثل هذا الصبي الغبي في حياتها المهنية بأكملها، لم تستطع الأم تقبُّل هذا النقد، فبادرت بنقل ابنها ليس فقط من مدرسته، ولكن أيضًا من المدينة بأكملها. بعد 25 عامًا، أُصيبت المعلمة بمرض في القلب، وهو غير قابل للشفاء، فنصحها الأطباء بقوة أن تجري عملية القلب المفتوح على يد جراح واحد فقط يمكن أن يجريها على نحو فاعل، فغادرت لعمل الجراحة مع عدم توافر خيارات أخرى، فأجرت العملية، وكانت ناجحة. عندما فتحت عينيها، رأت طبيبًا وسيمًا يبتسم في وجهها، فأرادت أن تشكره، لكنها كانت ما زالت تحت تأثير البنج، وكان الطبيب يحدق في وجهها الذي تحوَّل فجأة إلى اللون الأزرق، ورفعت يدها محاولة قول شيء ما، ولكن من دون جدوى، ثم توفيت. صُدم الطبيب، وحاول فهم ما حدث توًّا، وما إن التفت إلى الوراء، حتى رأى حميدًا عامل النظافة، الذي فصل جهاز الأكسجين، وشبك مكنسته الكهربائية مكانه بالخطأ! الخلاصة: إذا كنت تفكر أن حميدًا أصبح طبيبًا، فمثل هذه الأشياء تحدث في القصص فقط؛ عليك أن تعمل بجد لتكون ناجحًا في مكان ما، فالاستهتار واللامبالاة في الصغر نتيجتهما مُظلمة إن لم تُعدِّل من نفسك.