More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
«يجبُ أن نبقى دائمًا على سطحِ اللُّغة. على سطحِ اللغة! إيّاكَ والتورُّط في المعنى.. هل تعرفُ ما الذي يحِلُّ بأولئك الذين يَسقطون في المعنى؟ تُصيبهم لوثةٌ أَبديةٌ ولا يعودون صالحين للعيش. أنت حارسُ السطح.. مستقبل البشرية يتوقف عليك».
Sedra Aljarrah and 1 other person liked this
إن اللغة ليست سطحًا صقيلًا، بل هي إسفنجة، لكن لا أحد هنا يشاطرهُ الرأي، فما لا يوجد على السطح، لا يوجد على الإطلاق، وعندما ينكرُ النظام وجود فكرةٍ ما، فهذا لأنها غير موجودة.
«العبرة في الملافظ والمباني، وليست في الأفكار والمعاني».
في غرفتي دولاب، في الدّولاب ذئبٌ، في بطنِ الذئبِ جدّة، في بطنِ الجدّة حكاياتٌ كثيرة..
قرأ في الكتابِ بأن زوربا قد «كسَرَ صَدفةَ الحَياة»، ودخلَ مُباشرةً إلى جوهرها. وخطر له أن أشياء كثيرة تفوته بسبب وجوده على سطح العالم. الأسوأ كان هو الأسطر التي تتحدث عن القاع. «متى ستُفتحُ آذان الناس، أيَّها الرئيس؟ متى ستُفتح أعيننا كي نرى؟» لكنه لم يكن متأكدًا مما رآه، فتحتَ القشرةِ الرَّقيقة من اللغةِ المتورطة في المساس والخدش والتجديف وقلب الأنظمة ومتوالية من الاتهامات، كان ثمة عالم طريٌ، وكان يتوقُ إلى لمسِه.
وراح يردد مثل زوربا «لستُ وطنيًا، ولن أكون، مهما كلفني الأمر!».
الوجود الإنساني شقاء. أصل الشقاء هو الرغبة. أصل الرغبة هو المخيّلة.
كانت تلك أوّل مرة يعترف فيها الرقيب الأول بما يوجد تحت سطحِ اللغة. لقد كان مُحقًا منذ البداية، اللغة ليست سطحًا، بل إسفنجة، وفي ثقوبها الصغيرة توجد تلك السرطانات. لقد رآها بعينيه ولم يصدّقه أحد. وجد عزاءً غريبًا في كلمات الرَّقيب الأوَّل، أنه في لحظةٍ ما، يجب علينا أن نؤوّل.
لا يمكننا السفر عبر الزمن إلا من خلال القصص،
من فضلك، هلا قلتَ لي أي طريق أسلكُ للرّحيل عن هذا المكان؟ - ذلك يعتمد على المكان الذي تود الذهاب إليه. - لا يهم المكان. - في هذه الحالة، لا يهم الطريق.
«نحنُ لا نملكُ خيارًا في الأمر، وأيًا يكون الطريق الذي نسلكه، فإننا سوف نجد أنفسنا بين أناسٍ مجانين».
«كانَ ذلك أحسَن الأزمانِ، وكان أسوأ الأزمان. كان أوان النُّور وكان أوانَ الظَّلام. كان ربيعَ الأملِ وكان شتاءَ القُنوط. كنّا جميعنا في طريقنا إلى الجنَّة، وكنا في طريقنا إلى جهنَّم مباشرة».
فإعدامه يعني إعدام الذين نجوا في الحكاية، وهذا يعني أن أحدًا لن يتذكر الذين ماتوا. تحدثُ اختلالاتٌ مروّعة في توازنات العالم عندما تتمُّ مصادرة حكاية، كما لو أن المكان يُظلمُ أكثر.
وحدهم الذين يضعون اللوائح يحقُّ لهم كسرها.
كان ذلك أسوأ الأزمان بكل تأكيد، ولم يكن معنا أي شيء.
«من أنا؟ أفصِحوا لي عمّن أكون؟ وإذا راقَ لي أن أكون ذلك الشَّخص، عندها سَأخرج من الحُفرة، وإلا فَلَسوف أبقى هنا إِلى أَن أَصير شخصًا آخر.. هل تمّ تغييري أثناء الليل؟ لنفكِّر في الأمر؛ هل كنتُ أنا نفسي حينما استيقظتُ هذا الصباح؟ أتذكّر إِحساسي جيدًا بأني صرتُ مختلفًا بعض الشيء عنّي أمس، وقبل أمس حتى، قبل ذلك الكتاب. لكن إذا لم أكن أنا نفسي، فيجب التساؤل إذن؛ من أكون؟ أعرفُ من كنتهُ عندما استيقظتُ هذا الصباح، لكن أظن أني تحوّلتُ عدّة مرّات منذ ذلك الحين»..
يمكن للمرء أن يتصرَّف وكأنه لم يولد مرة أخرى،
«.. لا بأس، فقد انتهى النِّضال، وها قد انتصرتُ على نفسي، وصرتُ أحبُّ الأخ الكبير».
في زمنٍ ما، كان البشر يسعون لصناعة إنسان آليٍ شبيه بالإنسان. اليوم، صاروا يسعون إلى صناعة إنسانٍ شبيه بالإنسانِ الآلي.
إن أنظمة قائمة على غسيل الأدمغة تستطيع تحويلك من دمية خشبية إلى جحش.
ربما، في زمنٍ آخر، كان البشر يزورون المتاحف لكي يشعروا بالدهشة من تقدّمِ أجدادهم. لكن اليوم، صارت المتاحف تخرج إلى الشوارع لكي يتعرّف البشر على تخلّف ماضيهم. كل تلك الاختراعات المضللة، لأجل أي شيء؟ وكيف يمكن أن يؤول العالم إلى الدَّمار بوجود كل تلك المعرفة. لقد كان عهد الحماقة، وينبغي تجاوزه إلى عهد الحكمة، وبشكلٍ غير مفهوم، تذكّر ما قرأه في الكتاب الأخير؛ الجهل هو القوة. ولكنها قوة ناعمة وغير مؤذية على الأرجح، إنها قوة البراءة، وقد كان في زمنٍ ما، حارسًا لبراءة العالم، ينقذ البشرية من فائض المعرفة، ولكنه اليوم تورط بأكل الثمرة المحرمة، وصار يشتهي الروايات.
ولأن الحكومة، بحسب ما قاله السكرتير، تعرفُ بأنها لا تستطيع التحكم في رغبات البشر تمامًا، فهي تمنحهم يومًا واحدًا في السَّنة لكي يتخيلوا كل ما لن يحدث. إنه اليوم الذي يُمنح فيه المواطنون إجازة ارتكاب كل الحماقات بشكلٍ قانونيّ؛ السُّكر، العربدة، فقدان كامل للوقار. يمتلئ الميدان كل عامٍ بأناسٍ يرتدون ملابس تنكرية؛ قرود، أميرات وتنانين، رجال آليون، فرسان، قراصنة، أحذية مدببة الأطراف وعمائم أيضًا، سيوف معقوفة وتنانير منفوشة. لطالما تساءل لماذا تسمح الحكومة بذلك. يومٌ واحد في السنة للعودة إلى الماضي، لإعلان الانتصارِ عليه.
هل يمكن، بعد كل هذا العناء، أن يكون هذا الجحيمُ هو الجنّة؟
في تلك الأيام كان يبرع في عيْشِ حياتين؛ واحدة في السّر، وأخرى في العَلن. ولفرط ما اعتاد الأمر تساءل إن لم يكن لكل مواطنٍ في الجمهوريةِ حياته السِّرية الخاصة به. كم عدد أولئك الذين يقرؤون الكتب السَّماوية في السِّر، بنُسَخِها غير المحرّفة؟ يردّدون التراتيل القديمة، يؤمنون بالحياة الآخرة، ويصدقون وجود الجنة؟ كم عدد أولئك الذين يحتفظون بمشغّل أقراص مضغوطة ويتفرجون على أفلام الخيال العلمي. كم عدد الذين يقرؤون الشعر ويحفظونه ويهمسون به مثل تعويذة. كم عدد الذين يتداولون القصص المحرّمة مثل ذات القبعة الحمراء وبينوكيو والسندباد البحري. كان مرتاحًا في الكذب ، ووجدَ نفسه بارعًا فيه، حتى أنه فكّر، لو أنه
...more
عندما يكون الواقع بهذا الانحدار، فإن أسوأ ما يمكن أن يحدث لك هو أن تتأقلم.
لن يثوروا حتى يعوا، ولن يعوا حتى يثوروا.
إن الرواياتِ، في جلّها، احتفاءٌ بالغرابة،
وتساءل لماذا يحصل المعاتيهُ على السلطة دائمًا؟

