Kindle Notes & Highlights
Read between
September 24 - September 28, 2020
ترى الشيء مما يتقي فتهابه ... وما لا نرى مما يقي الله أكثر
كان يحيى بن يحيى وأصحابه الفقهاء يحسدون عبد الملك بن حبيب لتقدمه عليهم بعلومٍ لم يكونوا يعلمونها ولا يشرعون فيها، إذ كان مع تقدمه في الفقه والحديث عالماً بالإعراب واللغة، مفتناً في العلوم القديمة، متصرفاً في الآداب الناصعة، له تواليف جمة في أكثر هذه الفنون، منها كتابه في إعراب القرآن، وفي شرح الحديث، وفي الأنساب وفي النجوم، وغيرها.
ولم يلبث أن خرج وفي يده خبزة نية، فذهب بها إلى الفرن، فقال له بعض من رآه: أنا أكفيك أيها القاضي! فقال له: فإذا أنا عزلت عن القضاء - قربه الله تعالى مني - تراني أجدك كل يوم تكفيني حملها؟ ما أراك تنشط لذلك! بل الذي حملها قبل القضاء يحملها بعد القضاء.
ولي القضاء أربعة ما ولي القضاء في مملكة الإسلام مثلهم، فاتصل بهم العدل في آفاقها: دحيم بن الوليد بالشام، والحارث بن مسكين بمصر، وسحنون بن سعيد بالقيروان، وسعيد بن سليمان بقرطبة.
قال ابن حارث: وما أعرف ما أتى عن القضاة والحكام في هذا الباب من الإغضاء عن السكارى والتغافل لهم وجهاً يتسع لهم القول فيه، وينساغ لهم العذر فيه إلا وجهاً واحداً: وهو أن حد السكران من بين الحدود كلها لم ينصه الكتاب المنزل، ولا ورد فيه حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب، فأمر أصحابه أن يضربوه على معصيته، فضرب بالنعال وبأطراف الأردية. وتوفي صلى الله عليه وسلم ولم يحد في ضرب السكران حداً يلحق بسائر الحدود. فلما نظر أبو بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشار أصحابه قال له علي بن أبي طالب رحمه الله إنه من شرب
...more