More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
Read between
May 22, 2020 - March 22, 2025
لاحظت أنني كتبت كثيرًا عن العملية التعليمية والمنطق العلمي وتاريخ الطب، وهي مقالات متناثرة بين جريدة «التحرير»، ومجلة «الشباب»، وموقع «بص وطل»، ومجلة «العربي» الكويتية،
الكلاب تنبح في الطرقات، ولا صوت سوى صوت أقدامنا على الأسفلت.. بينما بدأ المطر ينهمر.. إنها الثالثة بعد منتصف الليل، وأنا ألهث لأن الشاب ـ ابن الحاجة عفاف ـ الذي يمشي بجواري يتمتع بلياقة عالية. في النهاية ندخل تلك الحارة المظلمة، لا يضيئها سوى مصباح واهن على باب بيت. فأر مذعور يركض جوار قدمي متواريًا، ثم نجتاز بابًا مفتوحًا.. كل شيء يشي بالموت ودنو لحظة الفراق الكئيبة .
في تلك الأيام كان المرء نقي النفس لا يقبل مالًا إلا إذا أنجز شيئًا ملموسًا.. طبعًا صرت اليوم رجلًا ناضجًا كالآخرين يسعده جدًّا المال الذي لا يستحقه.. فقط أريد الكثير منه لو أمكن .
اخلق مرضًا لا وجود له ثم عالج المريض منه.. للأسف هذه هي قاعدة العمل لدى أطباء كثيرين. والمشكلة الأكبر أن هناك مرضى يحبون جدًّا أن يشعروا أنهم مرضى، وأن حالتهم خطرة، ويكرهون بجنون الطبيب الذي يخبرهم أنهم بخير.
ادعاء المرض يجعل المرء يظفر بالشفقة والعناية الزائدة.. ادعاء المرض يضفي عليه لمسة استشهاد لا شك فيها.. إنه رجل نبيل يتحامل على نفسه ويخفي آلامه عن الناس..
بينما يظل هو صامدًا كصخرة .
وفي أكثر من سيناريو إرهابي حلموا باستخدامه عن طريق انتحاري يصاب بالفيروس ويدخل الولايات المتحدة.. في فترة الحضانة ليس الفيروس معديًا، لكنه بعد هذا يسبب ما يشبه الإنفلونزا.. يمكن لهذا الانتحاري أن يدخل أكثر من دار سينما، وينام مع أكثر من غانية، ويأكل في أكثر من مطعم. وفي النهاية تكتشف الولايات المتحدة أنها على شفا الهاوية
وراحا «يُشفِّيان» منها اللحم! إذن نحن لا نتكلم عن لحم حمير بل عن لحم حمير نافقة !
ثقافة الاحتجاج في مصر ـ إن كانت له ثقافة ـ تتلخص في عبارة واحدة: «اقطع الطريق على أولاد الـ ...!».
تساءلت في قلق عن مصير جثث هذه الحيوانات النافقة. ما كنت لأقلق لو كنت في أي بلد آخر، لكن خبرتنا طيلة أعوام «البؤس ـ الجشع» مع مبارك علمتنا أن هذه الجثث لن تدفن أو تحرق ببساطة.. هناك أكثر من جيب سيمتلئ بالمال في الأيام القادمة.. أما عن صحتنا معشر المستهلكين فلا أعتقد أن التهام لحم الحمير الميتة لمدة عامين قد آذى صديقي كثيرًا..
ويقومون بسرقة اللقاح لبيعه لمن يدفع. في الحقيقة هذا غير صحيح برغم أنه تفسير مغرٍ.. الفكرة هنا هي نفس مشكلة الإنفلونزا والفيروس «سي».. إن الفيروسات تغير نفسها بلا توقف،
هبط من الطائرة، وهو يتحسس شاربه في ثقة كما يفعل «مستر إكس» في الأفلام.. غدًا سوف يغزو البلاد، وسوف تمتلئ عنابر المستشفيات. هل تذكر «السارس » (SARS) الذي ارتجفنا من هوله منذ أعوام، والذي فتك بمكتشفه الطبيب الإيطالي «كارلو أورباني»؟ إن فيروس «السارس» هو أخو فيروس «الكورونا» مع اختلاف بسيط.
سقط.. لقد قضت مصر على الفيروس . كما ترى أنا مطمئن.. هذا الفيروس الرقيق الواهن سوف يصاب بالتسمم ويموت، فلا مكان له في مصر.. لا داعي للقلق
نظرًا لسمك الستار الحديدي وولع السوفييت بالغموض، فإنه من السهل أن تصدق أي شيء.
والفارق بين الطبيب البارع ومتوسط البراعة هنا هو سرعة الكتابة
ذلك الكائن الشيطاني الذي يَسبح بين كريات الدم الحمراء.. يَسبح بثقة ويعرف ما يفعله. بل إنه يستمتع بوقته كذلك.
إن الحرب البيولوجية موضوع طويل شائك.. والأسوأ أن كل الدلائل تؤكد أن الكتاب لم يُغلق بعد..
منذ فجر التاريخ يخشى الإنسان الفئران، ويربطها بالشر والدنس، وقد قالوا عن الفأر إنه من الحيوانات القليلة التي تستفيد ولا تفيد غيرها.. سريع التوالد إلى درجة أنه لو تزوج فأر وفأرة ولم يلحق شر بذريتهما، فإنهما سيضيفان للعالم 15 ألف فأر خلال عام! هناك فأر لكل إنسان على وجه الأرض. لقد برهنت الفئران على قدرتها على التكيف والبقاء، لدرجة أنها الكائنات الوحيدة التي تنجو بعد التجارب النووية التي يجريها الجيش الأمريكي في المحيط الهادي.
عام 1350 أعلن البابا «كليمنت السادس» تحديد العام للحج إلى الفاتيكان كي يتطهر الناس من الخطيئة. هذه كانت أسوأ فكرة ممكنة، لأن مليونًا ونصفًا من الحجاج قصدوا الفاتيكان، لم يعد منهم سوى العُشر
وقد دام الوباء 300 عام، وفي حلب كان الناس يدفنون عشرين جثة في القبر بلا غسل ولا صلاة.. لقد بلغ عدد القتلى يوميًّا ألف واحد . وقد كتب محرر إيرلندي يصف الوباء في فقرة يقول في نهايتها: «إنني أنتظر الموت...».
اتهموا اليهود بأنهم السبب في الوباء لأنهم يسممون الآبار، وحكم على كل يهودي في «فرانكفورت» أن يسلم للسلطات 5000 ذيل فأر كل عام
وسوف يصدقك الجميع لأن الناس تحب أن تكون الأطعمة والأدوية خطيرة وقاتلة، وتكره جدًّا من يقول العكس
هناك كذلك الرغبة في الشعور بالتميز وأنك تعرف ما لا يعرفه الآخرون.
للمرة الألف أكرر فقرة لي من مقال قديم : هناك افتراض مصري راسخ وساذج أن المصري عبقري لكن ليست لديه إمكانيات، بينما الألمان واليابانيون أغبياء، لكن لديهم الكثير من المال.
يؤكد الفلكي المشهور أن كوكب «نيبيرو» تخفيه «ناسا». يبدو أن «ناسا» هذه لا عمل لها سوى إخفاء الحقائق عن الناس
هناك افتراض مصري راسخ وساذج أن المصري عبقري لكن ليست لديه إمكانيات، بينما الألمان واليابانيون أغبياء لكن لديهم الكثير من المال. الحقيقة أن المصري ليس أذكى من الأجناس الأخرى وليس أغبى،
كرامة لنبي في وطنه.. هي مقولة شائعة وصادقة بالتأكيد . لا كرامة لنبي في وطنه.. موافق تمامًا. المشكلة الحقيقية هي أن النصابين يعرفون هذه المقولة جيدًا ويلعبون عليها بحكمة لاعتصار عواطف الناس.
ومن علامات العلم الزائف الشهيرة أن الطبيب النصاب لا يلجأ في عرض نتائجه العلمية إلى زملاء المهنة، بل يلجأ إلى الصحافة، وبما أن الصحافة غير متخصصة فهي تقبل ما يقوله وتنفعل. يمضي الرجل وعلى وجهه علامات المرارة مرددًا في كل مكان: «للأسف لدينا العلم كله لكن لا كرامة لنبي في وطنه.. نحن نقبل ما يقوله الأجنبي بينما نعامل علماء وطننا العباقرة أسوأ معاملة ».
أي اكتشاف وهمي يمر في مصر ويجد من يدافع عنه في شراسة
فقد خاطب الصحفيين، ولم يخاطب الأطباء كما هي عادة العلم الزائف.
مجلة «لانسيت» مجلة محترمة لها قوانين صارمة للنشر، وأنا شخصيًّا ممن يعتبرون كل حرف ينشر فيها حقيقة لا تقبل الجدل.
وإنما دخل معقل الأسد: مجلة «لانسيت» شخصيًّا حيث يربض العلماء المستعدون لالتهامه
لم يتكلم.. لا أحد يعترف بأنه نُصب عليه أبدًا. هذه قاعدة مهمة
وأذكرك كذلك بعلامات العلم المزيف السبع التي وضعها العالم الأمريكي «روبرت بارك» في كتابه المهم «الفودوو العلمي». العلامة رقم واحد هي أن الباحث يقدم أبحاثه للصحافة ووسائل الإعلام مباشرة، ولا يقدمها للمحافل العلمية.
العلامة رقم 2 هي أن الباحث يزعم أن المؤسسات الكبرى تحاول سرقة عمله..
في طفولتي ذهبتْ أمي بي إلى المدرسة لأول مرة، وبعد جلسة طالت مع مديرة المدرسة ودعتني ورحلت، وهي خيانة لم أتوقعها قط..
هذا الرجل قد يكون زانيًا أو لصًّا أو سفاحًا لكنه ـ في تاريخ حياتي ـ قديس
إن نظرية المؤامرة لذيذة جدًّا وتشعرنا بالتفوق على الآخرين السطحيين.
قاتل نادين ليس قاتل نادين.. وكل من يقبض عليه في أية جريمة ليس هو الفاعل.. ياسر عرفات ليس مريضًا إنما هي خدعة..
لكن أصحاب نظرية المؤامرة لا يتعبون ولا يخجلون.. سوف ينسون هذا الموضوع ويبدأون في تبني نظرية جديدة.. شعارهم هو: «لا تكن ساذجًا.. أنت أذكى من ذلك».
يلجأون لطرق «بلدي» جدًّا مثل تصوير الفيلم بكاميرا خفية في قاعة السينما، ولهذا كنت تسمع تعليقات الجمهور أو تنهض سيدة بدينة لتمر أمام السفاح الذي يتسلل وحده في ظلام القبو،
لأنه كان يدمرها بنشاط وحماسة .
يوحي له أنه «روبين هود» الذي يسلب الأثرياء ليمنح الفقراء، وعلى كل حال سرعان ما وجد كثيرين يعتبرونه كذلك.
يقولون إن الأمراض التي يتلقى الطفل اللقاح ضدها صارت نادرة أصلًا، وهو تفكير شديد الغباء.. لقد صارت نادرة بسبب اللقاح طبعًا يا حمقى، ويكفي أن يتوقف الناس عن استعمال لقاح شلل الأطفال لبضعة أعوام ويروا النتيجة !
والطبيب يقبض مبلغ 19 جنيهًا كبدل للعدوى، وهو يتنفس هواء ملوثًا ويقف وسط أسرة ملوثة في دماء ملوثة. بينما السلك القضائي مثلًا يحصل على 1200 جنيه كبدل للعدوى. ما هي فرص التعرض لعدوى في المحكمة؟
ثم في النهاية قال في أسى وهو يتصعب : ـ مشكلة إنفلونزا المعيز دي فعلًا ...! لا جدوى.. لا أحد يصغي لأحد في هذا العالم.. كل كلامي قد نزل في البالوعة