More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
«ما ذاك فكري.» لكَم يؤلمني كلّـما سمعت أحدًا يتكلّم باجتهاد وحدّة وإخلاص ثمّ يعود فيقول لسامعه أو سامعيه: «ما ذاك فكري». ولو أُحيل الأمر إليّ لوضعتُ في آخر كلّ كتاب سطّرته يد بشريّـة، ونقشتُ على كلّ تمثال نحته مثّـال، وصورة مدّ خطوطها مصوّر، وخطاب فاه به خطيب، وقصيدة نظمها شاعر، ومقال حبّره كاتب، وعبارة نطق بها ناطق، هذه الكلمات الثلاث: «ما ذاك فكري». ولماذا؟ لأنّ بيان الناس من أيّ نوع كان، ومهما بلغ من الدقّـة والرقّـة، ما يزال أضيق من أن يتّسع لجميع مشاعرهم وأفكارهم. فهم أطفال يلثغون. وأنا وإن كنت أكتب هذه المذكّرات لنفسي لا للنّاس، سأضع في آخرها: «ما ذاك فكري».
من صدّق الكذوب فقد اقتصّ منه.
فذوى الحبّ فيه ويبس وانقلب إلى مرارة.
ما من مصيبة إلّا الجهل. فالمصيبة تثقل على قدر جهلنا مصدرها ومعناها. وتخفُّ على قدر فهمنا معناها ومصدرها.
إنسان جُلّه بهيمة وبعضه إنسان. وإنسان نصفه بهيمة ونصفه إنسان. وإنسان جلّه إنسان وبعضه بهيمة. وإنسان كلّه إنسان. أمّا الأوّل فما لفكرة الكمال أقلّ سلطان عليه. وأمّا الثاني فيحلم بالكمال ولكـنّه لا يسعى إليه. وأمّا الثالث فيحلم ويفكّر ويؤمن ويشتاق ويسعى بكلّ واسطة لديه. وأمّا الرابع فقد وصل إلى ما وراء الحلم والفكر والإيمان والشوق والسعي فلا يغريه تصفيق ولا يؤذيه تصفير. والثالث من هؤلاء الأربعة أحقّهم بالتقدير وبالمحبّة والغفران. لأنّه لا يصارع البهيمة في نفسه لا غير، بل يصارع كذلك النّاس الذين ما برحوا جلّهم بهيمة، والذين نصفهم بهيمة. فهؤلاء لا ينفكّون يزرعون في طريقه الفخاخ لينصروا البهيمة فيه
...more