والحكمة درب متعرج، وطريق ضيقة بين هاويتين ومفهومين كل منهما على طرف نقيض من الآخر. ففي مسألة الهجرة، يتمثل المفهوم الأول في اعتبار البلد المضيف صفحة بيضاء يمكن لكل واحد أن يسطر عليها ما يحلو له، أو أسوأ من ذلك، أرضاً مشاعاً يمكن لأي كان أن يستقر فيها مع أسلحته ومتاعه دون أن يغير شيئاً في سلوكه أو عاداته. ويرى المفهوم الثاني أن البلد المضيف صفحة مكتوبة ومطبوعة أصلاً، أو أرض قد تحددت نهائياً قوانينها وقيمها ومعتقداتها وسماتها الحضارية والانسانية، وما على المهاجرين سوى الامتثال لها.