More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
كانت الباكستان وتايلاند وماليزيا هى الدول التى شعرت بأنها «فتية»،
الهند وبنجلاديش وإندونيسيا والفلبين كلها دول عجوز.
الأمة العجوز قد تكون قد رأت فى تاريخها الطويل ما ثبّط همتها، ورسخ لديها الاعتقاد بأنه «لا شىء يهم فى نهاية الأمر».
«من فضلك يا جلال، عندما تكتب لى كلمة أخرى فى مناسبة كهذه حاول أن تكتب كلمة تُنسى مباشرة بعد إلقائها!»...
وفى
منتهى البساطة فى المعاملة ولا وجود للبيروقراطية.
لاحظت (إن كان لهذه الملاحظة قيمة) أن قوة الشعور الدينى (وليس مجرد التمسك اللفظى بالدين) أكثر وضوحا فى الشعوب الفتية.
وقراءتى لأعمال أخرى لأورويل جعلتنى أعتقد أن ما كان يقلقه لم يكن النظام الشمولى السوفيتى أو الشيوعى فى حد ذاته، بل قدرة المجتمع التكنولوجى على قهر الفرد، وأن نمو قوة الدولة إنما هو نتيجة حتمية لنمو قدرة المجتمع التكنولوجية، وأن أورويل كان حريصًا جدّا على إتمام الرواية قبل أن يموت لأنه كان يشعر بأن من واجبه أن يحذر الناس من خطر يمكن جدّا أن يحدث رغم انتصار الحلفاء على النازية والفاشية، وأن الدولة البريطانية نفسها يمكن أن تتحول إلى نظام شبيه بنظام (١٩٨٤) لو لم يأخذ الناس حذرهم ويفهموا الخطر المحدق بهم.
وجدت فى الأمريكيين أمة، وإن كانت تباهى بتشجيع الفردية والتميز، يعشق أفرادها أن يكونوا أعضاء فى فريق، يفعل كل منهم مثلما يفعل الآخرون، ويهتفون نفس الهتافات ويهيمون بنفس الأبطال أو النجوم. وهم يثقون فى رؤسائهم أكثر من اللازم ويقبلون ما يقال لهم بدون شك أو تمحيص، وهو ما يسهل مهمة الدولة فى حكمهم، إذ يبدو الأمريكيون وكأنهم أسهل أمم العالم حكما، وأكثرها انقيادا.
إذ اعتبرت أن أقل أنواع النظم حرية وديمقراطية هى تلك التى يظن فيها الناس بأنهم أحرار ويتمتعون باستقلال الرأى والفكر دون أن يكونوا فى الحقيقة كذلك.
بل اعتبرت أن مصر وأمثالها، مما شاع اعتبار نظام الحكم فيها شموليا، وهو بالفعل كذلك، قد ينعم أهلها بدرجة أكبر من الاستقلال وحرية التعبير عن النفس، مما يتمتع به الأمريكيون، لمجرد أن المصريين لا يعتريهم أى شك فى أى وقت فى زيف ما يزعمه نظامهم من ديمقراطية، ولا تثير فيهم الدعابة السياسية من خلال وسائل الإعلام إلا السخرية المعلنة أو الصامتة،
بينما يبدى الأمريكيون استعدادا مدهشا لقبول ما تقوله ل...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
ولكن شيئا واحدا يجمع فيما بينها: محاولة الإنسان الأمريكى أن يثبت أنه قادر على منافسة الطبيعة والتفوق عليها.
فكثيرا ما يبدو لك الأمريكى «كأم العروس.. فاضية ومشغولة» (كما يقول التعبير المصرى الشعبى)، لا يطيق الكف عن الحركة والعمل.
وكأن أى عمل مهما كان تافها أفضل من عدمه. لا يطيل البقاء فى مكان لأن فى انتظاره عملا آخر لابد من تأديته. يتناول طعامه بسرعة ثم يقفز إلى سيارته أو يتناوله أمام التليفزيون أو فى السيارة نفسها.
لقد كان أورويل يتصور أن ١٩٨٤ هى مستقبل روسيا، ولكن يبدو أن أمريكا سبقتها إلى ذلك. وأعتقد أن أورويل ما كان ليصدّق عينيه لو كان رأى لوس أنجلوس الآن، فربما وجدها قد فاقت خياله.
فلعل الأمريكيين هم أكثر الشعوب التى أعرفها بعدًا عن أن يوصفوا بالـ intellectuals ، بل لعلهم ينفرون من أى جهد ذهنى يُبذل لوجه الله.
بأن قدرة المرء منا على أن يحدث بعمله المنفرد تغييرا مهما فى النظام السائد قدرة محدودة جدًا، وأنه قد تكون من الحماقة أن يضحى المرء بنفسه، أو بمصالح شخصية مهمة له أو لأسرته، فى سبيل التمسك بمبدأ عام لا توجد أمامه فرصة جدية للتحقق فى المدى المنظور.
لاشك أننى لم أكن قط شديد الثقة بنفسى، وهو على الأرجح شعور ولد معى ولم تفلح ظروف أسرتى ونشأتى فى اقتلاعه.
لقد كان لدىّ أيضًا شعور دفين منذ سن مبكرة للغاية، بأن من الصعب جدًا أن تعجب بى فتاة أو امرأة. لا أدرى من أين جاء هذا الشعور اللعين الذى لم يفلح قط فى القضاء عليه أى دليل يأتينى على عكسه.
ولكنى اعتبرت المسألة واضحة كالشمس، وأن الرفض هو الموقف الوحيد اللائق.
تبين لى بكتابة مقال بعد آخر من هذا النوع أن هذا هو أحب أنواع الكتابة لىّ، لا الكتابة فى الاقتصاد ولا فى السياسة ولا فى أى موضوع آخر ما لم أستطع مزجه بتجربة خاصة لى. ثم تبينت أيضًا أن كتابة هذا النوع من المقالات هو فى الحقيقة أكثر ما يجلب لى السرور على الإطلاق، أكتبه بلا عناء وباستغراق تام وبذلك النوع من السرور الذى يجلبه التعبير الحرّ عن النفس.
كانت عملية الكتابة نفسها مصدر سرور يفوق ما تجلبه لى رؤية المقال منشورا، بل ويفوق ما يجلبه ثناء أسمعه أو أقرأه على المقال.
وقد
شعرت حينئذ بشعور مماثل لما أشعر به عادة عندما أحس بأن ظلما كبيرا قد وقع ويحتاج إلى كشفه وإزالته،
فأظل أشعر بالقلق ولا يهدأ لى بال حتى أعبّر كتابة عما أشعر به وأحاول تفسيره وشرحه.
ولكن كثيرا من مواقف نجيب محفوظ الاجتماعية والسياسية، ظلت دائما لغزا محيرا للجميع.
(مما أكدّ لى أن من الممكن أن نعرّف الكتاب «الجيّد» تعريفا لا بأس به، بأنه الكتاب الذى يقول لك ما كنت تعرفه بالفعل، أو الذى يمدّك بالحجج التى تحتاج إليها لتأييد وجهة نظرك!).
ما هى درجة الأمل الحقيقى مثلا فى أن نفهم لماذا نجد شخصين خضعا لظروف واحدة، عائلية واقتصادية واجتماعية، وتلقيا نفس التعليم، ومع ذلك يختلفان اختلافا شاسعا فى قوة الحس الأخلاقى لديهما ونوع نظرتهما إلى الحياة؟
إذن فإن من الممكن، بعكس ما كنت أتصور من قبل، أن يكون الإنسان صادقا فى علمه ودينه على السواء، وكأن كلا منهما يخاطب جزءًا من الإنسان لا علاقة له بالآخر.
إذ وجدت قدرة الإنسان على التأقلم مع أشد الأحداث إيلاما أكبر كثيرًا مما كنت أتصور.
كنت أجد عبد الحميد، رغم كل ما مرّ به من متاعب نفسية، ورغم قلة دخله بالمقارنة ببقية الإخوة، أهدأ بالًا وأكثر رضا بحياته منا جميعا.
صحيح أنه منذ أصابه ذلك المرض النفسى فقد مرحه القديم وقدرته على الاسترسال فى الضحك، فضلًا بالطبع عن توقفه عن القيام بأى عمل «منتج»، ولكنى
نادرا ما رأيت منه أى دليل على شعوره بالقلق، أو سمعت منه تعبيرا عن سخط أو تل...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
كان النمط الطبيعى الذى اختاره لحياته، وتناوله لطعام بسيط دائما وفى مواعيد ثابتة، ومواظبته على الجرى والسباحة فى أى ظرف من الظروف ومهما كان الجو، مصادر كافية للرضا بالحياة وهدوء
وأظن أن الذى احتفظ له بهذا الحماس هو حبّه للقراءة والكتابة، وشعوره الغامر بالسعادة إذا رأى شيئا منشورا له، كتابا أو مقالا،
لقد فتحت مصر أبوابها أمام العالم فجاء العالم إليها ولكنه طرد المصريين منها.
أى أن الحل فى ظل الانفتاح كان ينحصر إما فى خدمة الأجانب فى الخارج أو خدمتهم فى الداخل.
هل يمكن أن يكون السبب هو هذا الذى ذكرته حالًا، أى أن هذا التوجه إلى تحقيق المتعة الخالصة بصرف النظر عن أى اعتبار آخر، كالشعور بالمسئولية الاجتماعية أو بالتزام خلقى، هو نفسه المسئول عن كل هذا الحزن والاكتئاب؟ هل يمكن أن يكون تحديد الهدف بأنه السعادة أو المتعة الفردية بصرف النظر عن أى هدف آخر، وتقييم أى عمل أو هدف آخر وفقا لنجاحه أو فشله فى تحقيق هذا الهدف وحده، السعادة أو المتعة، هو أسوأ
إنى لم أعرف يهوديا واحدًا فى حياتى لا يسيطر عليه ولاؤه لدولة إسرائيل،
ولابد أن برنارد لويس سأل نفسه عن المصلحة التى يمكن أن يحققها لإسرائيل تعيين اقتصادى مصرى واعد، يظهر من كتاباته أنه يهمه حال العرب، فى وظيفة فى جامعة مهمة تتيح له الاتصال المستمر بطلبة من مختلف الجنسيات.
والأرجح أن يكون قد سمع من بنروز أو من غيرها اسم أبى، ولا أشك فى أنه يعرف من هو وأنه المؤرخ الإسلامى الذى يهمه بدوره أن ينهض العرب والمسلمون من كبوتهم.. إلخ.
بل كان هدفنا «الفهم» والوصول إلى «الحقيقة»، ولكنى لم أعرف إلا بعد سنوات كثيرة كم هو صعب تحقيق هذا الهدف، إن كان ممكنا على الإطلاق.
ولكنى أعرف الآن أن زيادة المعلومات كثيرا ما تؤدى إلى تقليل الفهم بدلا من زيادته،
ولكنه الكتاب الذى يدعم فهمك لبعض الأمور، وقد ينظم هذا الفهم ويرتّبه، فيزيد من وضوح هذا الفهم فى ذهنك، ومن ثقتك بصحته.
خطر بذهنى أكثر من مرة، أثناء حضورى لمؤتمر بعد آخر من هذه المؤتمرات، أن لكل عصر طريقته فى إنفاق الفائض الاقتصادى بعد إشباع حاجات الناس الأساسية وإشباع حاجات الناس
المهمين غير الأساسية.
نعم إن أسباب الحزن كثيرة، ولكن مصادر الفرح كثيرة أيضًا،
ولكن ما أكثر ما نمرّ به أيضًا فى حياتنا من أحداث سارة لم يكن يخطر ببالنا وقوعها،

