كانت لا تزال لدىّ عندئذ فكرة مثالية أكثر من اللازم وغير واقعية بتاتا عن أستاذ الجامعة، أىّ جامعة، تتعلق بالاهتمام الحقيقى بالعلم، والانشغال المستمر بالقضايا الفكرية، بدرجة تفوق درجة اهتمامه وانشغاله بأى شىء آخر. فلما رأيت أساتذة الجامعة عن قرب وجدت أنهم، باستثناء قلة نادرة للغاية، على عكس هذا تماما: رجال من لحم ودم، لهم تطلعاتهم المادية مثل غيرهم، وذوو أهواء وتحيزات صارخة تحكم آراءهم ومواقفهم. والذى وجدته أغرب من كل هذا أن صبرهم على أى مناقشة فكرية حقيقية ضئيل للغاية، وميلهم إلى تقليب الأمور على أوجهها المتعددة ضعيف أو غير موجود أصلا.

