More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
وأعتقد الآن، كما كنت أعتقد دائما، أننى سعيد الحظ إذ اشتغلت بالعمل الذى يلائمنى تماما. فأنا أكاد أن أكون قد ولدت مدرّسا، أعشق موقف المدرسّ عشقا، ولدىّ القدرة على تبسيط الفكرة المعقدة، وأجد متعة فى توصيلها للآخرين. ومما أغبط نفسى عليه أنى على الأقل لم أجلب البؤس والمعاناة لتلاميذى، إذا حكمت على نفسى بناء على ما أسمعه من رأى تلاميذى فى محاضراتى ومعاملتى لهم. أما فيما يتعلق بدرجة نجاحى فى توسيع مداركهم وزيادة معلوماتهم فأنا أقل ثقة فى نفسى، إذ كنت دائما أخرج من المحاضرة وأنا أشعر بأنها كان من الممكن أن تكون أفضل بكثير، ولكن لعل هذا هو فى حد ذاته دليل على الأداء الجيد فى هذا الأمر أيضًا.
ولكن وظيفة التدريس أتاحت لى أيضًا مزايا أخرى كانت ذات أهمية كبيرة لى. فقد وجدت أن أفضل طريقة لفهم المشكلة المعقدة أن يضطر المرء إلى تدريسها، إذ إن الطلبة رقباء ممتازون على درجة فهم الأستاذ لما يقول، وهذا يجبر الأستاذ، ما لم يكن نصّابا، على فعل المستحيل حتى يصبح قادرًا على مواجهة أى سؤال لتوضيح ما يقوم بشرحه.
وحاولت، من جديد، أن أفهم الخاص من خلال العام، والعام من خلال الخاص، إذ مزجت بين تجربة أسرتى الخاصة وتجربة المجتمع المصرى بصفة عامة،

