عادت مصر إذن إلى مثل ما كانت عليه فرنسا أثناء القرن السابع عشر، حين كان بعض كتَّابها يفرون بكتبهم لينشروها في هولندا؛ مخافة البأس والبطش وطغيان الرقيب. وأحاول أن أفهم مصدر هذا الخوف الذي أغرى تلك الحكومة بهذا الكتاب، فحرمت عليه الحياة في مصر، فلا أجد إلى فهمه سبيلًا؛ فليس في الكتاب سياسة أو شيء يشبه السياسة، وليس في الكتاب تحريض على النظام الاجتماعي ينكره القانون، وليس فيه إغراء بتلك المبادئ الهدَّامة كما كان يقال في ذلك الوقت، وليس من فصوله فصل إلا وقد نُشِر في مجلة أو صحيفة سيَّارة، فلم تنكره الحكومة، ولم تَضِقْ به النيابة، ولم يُقدَّم كاتبه وناشره إلى القضاء. وإذن فهو الخوف الذي يورِّط في
...more
