ولو لم يكن جزاء ولا عقاب ولا ثواب لوجب علينا إفناء الأعمار، وإتعاب الأبدان، وإجهاد الطاقة، واستنفاد الوسع، واستفراغ القوة في شكر الخالق الذي ابتدأنا بالنعم قبل استئهالها، وامتنَّ علينا بالعقل الذي به عرَفناه، ووهبنا الحواسَّ والعلم والمعرفة ودقائق الصناعات، وصرف لنا السماوات جارية بمنافعها، ودبرنا التدبير الذي لو ملكنا خلقنا لم نَهتد إليه، ولا نظرنا لأنفسنا نظره لنا، وفضَّلنا على أكثر المخلوقات، وجعلنا مستودع كلامه ومستقر دينه، وخلق لنا الجنة دون أن نستحقها، ثم لم يرض لعباده أن يدخلوها إلا بأعمالهم لتكون واجبةً لهم، قال الله تعالى: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، ورشَدنا إلى سبيلها،
...more