Kindle Notes & Highlights
سنة ١٩٥١ - سَطـوة السناتور «مكارثـي» الشهير - الذي نُسِبَت إليه فترة «المكارثية»، وهي اتهام ومُطاردة كل شبهة في تَحَرُّر أو يَسـار، واعتبارها انتماء للشيوعية يستَوجِب البَـتر والتطهير).
الولايات المتحدة لن تساعد أي بَلَـد عَرَبـي إلا إذا وَقَّـعَ اتفاقية صُلـح نهائي مع إسرائيل!!
المفتـاح الأول: إن الولايات المتحدة بَلَـد مَحظوظ: لديه كثير من الجغرافيا وقليل من التاريخ. ومعنى ذلك أن لديه غِـنى في الموارد بلا حدود، وخِفَّـة في أثقال التاريخ وحُمولاته لم يَتَمَتَّع بها غيره، وذلك مَنَحَـه اطمئنانا إلى وَفـرة مادية طائلة - ثم إنه أعفـاه من وَساوس تاريخية ينـوء بها عَديد من الأوطان أو البلدان.
والذاكرة الوطنية للشعوب في بعض الأحيان عِـبء بمقدار ما هي حافـز - لكن الهجرة إلى أمريكا كانت مَشروطة بالتَخلِّـي عن القديـم والبـدء من جديد لمن يَبغون الفُـرَص الطموحة.
إن الولايات المتحدة لم تنشـأ كوَطَـن، وإنما نشأت كمَوطِـن. ولم تبـدأ كدَولة، وإنما بدأت كملجَـأ.
إن الفضـاء المفتوح لا يَقبل بأي عوائق من أي نوع، سواء في ذلك الطبيعة أو حتى سكانها الأصليون، ذلك أن الطبيعة لا بد لها أن تَتَّسع بما يوافق طموح القادمين بحثًا عن الفرصة، ثم إن السكان الأصليين عليهم أن ينزاحوا وإلا فهُم تَذكِرة دائمة للقادمين الجُدُد بأن هناك حقوقًا سابقة تَعتَرض حقوقهم اللاحقة، وذلك خلـط مـادي ومعنوي كبير يجب تَسويَته - وبكل وسيلة مُتاحة!
إنه إذا لم تكن للولايات المتحدة «نظرية أمـن قومي» لغيـاب تَهديد يمـس الوَطَـن حدودًا وعُمقـًا - كما هو شأن أوطان الـعالَم ودُوَلـه - وإذا كانت للولايات المتحدة «نظريـة مصالـح قومية» فقط - فإن هذه مُقَدِّمة تَتَرَتَّب عليها نتيجة شديدة الأهمية، بعيدة الأثـر، وتلك هي غيـاب «الوَطَنيَّة» بالمعنى المتعارَف عليه في أوطان أخرى وتَواريخ مُختلفة. ذلك أن حَيَويَّة الوَطَنيَّة في بَلَـدٍ من البلدان في أي مكان وزمان هي نتيجة لتهديد مباشر يَمـس هَويَّته أو أرضـه أو استقلاله. أي أن التهديد أو احتمال التهديد هو الذي يَخلق ردَّة الفعـل والمقاوَمة، وتلك شرارة الوَطَنيَّة.
نِـداء مُستَمر إلى أكبر عُقول العالَم في كل التَّخَصُّصات لكي تَذهَب إلى أمريكا، بغواية أنه هناك وليس هنا يُوجَد المجال الحقيقي لهذه العُقول لتَعمَل وتُبدع وتُطِـل على العالَم من أوسَع نَوافِذه، وتَعودُ إليه من أوسَع أبوابه (وتلك حَرب استنزاف تأخذ من بقية العالَم قُدراته الخَلاقة).
وكانت الإمبراطورية الأمريكية ظاهرة مُختَلِفة - فقد نَشـأت تحت سَمـع وبَصَـر عالَـم دَخَلَ عَصـر النَّهضة بكل وسائله وأدواته المعرفية، وتحت مُتابعة ورقابة القوى الإمبراطورية التي تَحَكَّمَت اقتصاديا وسياسيًّا من معقَلها الأوروبي - في قـارات العالَم القديم، وخصوصًا آسيـا وأفريقيا - ومع ذلك فإن المسعـى الإمبراطوري الأمريكي استطاع أن يُغافِـل الجميــع ويَســبـق، ويَأخذ من الإمبراطـــوريات القــديمة ما عِندها ويُضيف عليه، ويَتَمَلك ويَحتكر في سنوات.
لم يَـزد عَدَد المهاجرين من أوروبا عبر المحيط عن رُبـع مليون مُهاجر، وكلهم يُريد المـال والأرض والعقار، وليس فيهم أحـد يُريد أن يكون أجـيرًا، وإلا فلماذا رَكب جبال المـوج وجـاء إلى أرض الميعـاد.
إلى جانب ذلك فإن سُكان البلاد الأصليين من الهنود الحُمـر (وممن تَـتم عملية إبادَتهم لأنهم هَمَـج لا يَصلحــون للتَمَديُن ولا للتَدَيُّن) - ليسوا على استعداد للعَمَـل، ولا لخِدمة هؤلاء الذين انقضوا عليهم مع أمـواج المحيـط.
والحَـــلُّ العَمــَلي الذي يَطـرَح نفسه هو الإتيان عن أي طريق بيَـدٍ عاملة. تَشتَغِل ولا تُشارك. وتَقبَل بالقليل ولا تَنتَظر زيادة. والحَـلُّ هو «العبودية». أي عَضَلات تَعمَل بطعامها وليس أكثر، وطاعـة تَقبَل الأمـر لأنها لُقِّنَت تحت الأسـر دَرس الطاعة بالسَلاسِل والسياط. و...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
[وفي سِجِـلات «فِرجينيا» و«نيو إنجلَند» و«ماساشوستس» في ذلك الوقت (أول القرن الثامن عشر) أربعمائة شركـة في تجارة العَبيـد تَملـك حوالي ١٢٠٠ سفينـة - غير مِئات الشركات ومِئات السُّفُـن تَعمَـل من أوروبـا.]
«سنة ١٧٧٠ كانت مُستَعمَرة (ولاية)
نيو إنجلَند أغـنى مناطق أمريكـا. وقد كانت بالفعل قصَّـة نجاح رائع، وطاقة في الإنتاج لا مثيل لها. وكان مُحَرِّك النُّمُـو هو العَبيد الذين كانوا العُنصُر الفاعِل على الأرض وفي المصانع، والترس الدَوَّار في عَجَلة التجارة والتصدير إلى أوروبا وغيرها: كان العَبيد هُم أسـاس الزراعة، وعِماد الصناعات القائمة عليها مثل السُكَّر والتَّبغ، وغير ذلك من المنتجات الأخرى».
كانت الرأسمالية الأمريكية من طراز مختلف عما عَرَفَتهُ أوروبا أو آسيـا - فهذه رأسمالية جديدة، عاملة، ومقاتلة، بل وعُدوانية، وليست رأسمالية إقطاعية ووراثية وعلى مَشارف الانحلال.
فإن أول ذكـاء الرأسمالية الأمريكية إدراكها لأهميـة التعلـيم بمنطق أن «أي عامِـل يَتَعَلَّم له قُـدرة إنتاجية أكثر من عامِـل جاهِـل» - وكان المهـم هو ماذا يَتَعَلَّـم
- نَـوع من صانعي الاستقلال وكاتبي وثائق الدستور، قادوا مُحاولة تَطوير «الشركة» إلى «دَولـة» (رجال مثل «ألكسندر هاملتون» - و«صمويل جونسون» - و«جيمس ماديسون» - و«بنيامين فرانكلين» - وغيرهـم).
- ونـوع ثان من «البارونات اللصوص»، قادوا الرأسمالية الأمريكية وحاولوا أن يَحموا «الشركة» من طُغيان «الدولة» («روكفللر»، ثم رجال مثل «فـورد» و«فاندربيلت» و«ديللون» و«رانـد»).
وكانت الرأسمالية الأمريكية قد وَضَعَت لنفسها هَدَفًا صاغه «جاك بيتي» في سؤال واحد: «كيف يُمكن تَحويـل تَـرَف الرَّجُل الغَـني - إلى حاجة يومية للرَّجُـل العادي ؟»! وقد كان: وذلك ما حَدَث للسيارة، وحَدَث للكهرباء، وحَدَث للتليفون، وحَدَث فيما بعد للتليفزيون، والغسَّالة الكهربائية، وجهاز تكييف الهواء، والكومبيوتر.
ومَقَـرُّ الأمـم المتحدة على أرض تَبَرَّعَت بها أسـرة «روكفللر» أشهَر «البارونات اللصوص»!
فهناك الـدُّوَل: القُـوى Powers (بريطانيا - فرنسا - النمسا - روسيا - الدولة العُثمانية - مثلًا - في وقت من الأوقات قبل الحَرب العالمية الأولى). وهناك الـدُّوَل: القُـوى الكبرى Great Powers (بريطانيا - فرنسا - ألمانيا - إيطاليا - الاتحاد السوفيتي - مثلًا - في وقت من الأوقات قبل الحَرب العالمية الثانية). وهناك الـدُّوَل: القُـوى الأعظـم Super Powers (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وَحدهما في وقـت من الأوقات زَمَـن الحَـرب الباردة). وهناك بعد ذلك كله «الدَّولة الكاسِحـة» - وتلك هي الترجَمة الأقرب إلى مَعنى الوَصـف الذي يُطلَق الآن على الولايات المتحدة في تَفَرُّدِها بالقـوة العالميـة، وهو
...more

