وكانت السيدة عائشة تشترك في خصومات المتخاصمين على الخلافة باختيارها، أو تساق إلى المشاركة فيها على كره منها، وكانت هي أول من يُسمع له إذا روت حديثًا يدمغ خصومها ويعزز أنصارها، ولكنها لم تنقل قط في كل ما ثبتت نسبته إليها حديثًا واحدًا تمسه الشبهات من قريب أو بعيد ولا تؤيده الأسانيد الأخرى، ولم تحرف كلمة واحدة إلى غير موقعها طواعية لإغراء تلك النوازع النفسية التي تطيش بالألسنة أو تضلل العقول، وهو امتحان ليس أعسر منه امتحان في هذا الباب، ولهذا كانوا يروون عنها الأحاديث فيقولون: حدثتنا الصديقة بنت الصديق!

