جاء الإسلام فبدأ من النهاية التي انتهت إليها آداب الحضارة والسيادة، وهي خلاصة العرف الذي تعارف عليه سادة الحضر في معاملة المرأة العربية. إلا أنه جعل هذا العرف حقًّا مكتوبًا على الرجال لكل امرأة من كل طبقة، ولم يقصره على عقائل البيوتات كما كان مقصورًا عليهن في آداب الجاهلية بحكم الاصطلاح والعادة، يتبعه من يرضاه ويهمله من يأباه. ثم زاد على هذا العرف منزلة من الرعاية لم تصل إليها أرفع النساء في أرفع البيوتات قبل الدعوة المحمدية؛ لأنه جعلها مناط التكليف، ووجه إليها الخطاب في كل شيء كما وجهه إلى الرجال، إلا ما هو من خصائص عمل الرجال في العرف المستقيم.

