يهرب من الضدّ، وقد قيل لأبي الهذيل العلّاف- وكان متكلّم زمانه-: إنّك لتناظر النّظّام وتدور بينكما نوبات، وأحسن أحوالنا إذا حضرنا أن ننصرف شاكّين في القاطع منكما والمنقطع، ونراك مع هذا يناظرك زنجويه الحمّال فيقطعك في ساعة. فقال: يا قوم إن النظّام معي على جادّة واحدة لا ينحرف أحدنا عنها إلّا بقدر ما يراه صاحبه فيذكّره انحرافه، ويحمله على سننه فأمرنا يقرب، وليس هكذا زنجويه الحمّال فإنه يبتدئ معي بشيء، ثم يطفر إلى شيء بلا واصلة ولا فاصلة، وأبقى، فيحكم عليّ بالانقطاع، وذاك لعجزي عن ردّه إلى سنن الطريق الذي فارقني آنفا فيه.