كل ما أذكره أني تركت ”ملطية“ واتجهت شرقاً وعلى ظهري بساطٌ من وبرٍ حملتُ فيه كل متاعي. أمشي حتى أتعب، وآكل مما ألقى، وأنام حيث يطبق الليل. تيبّس باطنا قدمَيّ منذ اليوم الثالث من المشي وصار لونهما غريباً كأنهما ليسا من جسدي. وزادت لحيتي شعثاً وتشققت شفتاي حتى لا أفتحهما لأقضم لقمةً إلا سال منهما خيط دمٍ يسير. لم يبقَ في جسدي عضوٌ إلا أنَّ واشتكى وأنا على سيري لا أتوقف. تتلقفني الطريق بعد الطريق.