More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
خادمك سلوم يا سيدتي يطبخ المخلل الإشبيلي، والطنجير الفاسي، والدجاج المدهون، والجلابية، ووثفة الأكباش، وكل المخثرات والمخمرات والمركاس... – هل تطبخ مروزية الخضروات أو مجبنات؟ ليس عندنا لحمٌ كثير.
وقد قيل لرجلٍ رأى مصر والشام أهما أحسن أم إشبيلية؟ قال بل إشبيلية، فإن شَرَفها غوطةٌ دمشقية بلا سباع، ونهرها نيلٌ مصريّ بلا تماسيح.
ما عرف أبي أن السباحة هي العوم في ملكوت الله، والرماية هو قول الحق في موقف الخوف، وركوب الخيل هو السفر في طلب العلم. أخذ أبي الظاهر وكشف الله لي الباطن.
وكيف طهّرته؟ – حملته على مكارم الأخلاق وصفاء السريرة وحسن النيّة حتى صيّرته رافضاً كلَّ صورةٍ غير ذلك. – تلك نصف الطهارة يا بنيّ. – وكيف أتمّ نصفها الآخر؟ – بأن تُصيّره قابلاً كلَّ صورة!
خيّب الله مسعاه. يقول في مجلسه: ”الحَسَن ما حسّنه العقل، والقبيح ما قبّحه العقل“. ويحه! فأين حكم الله والشرع؟ وكنت أقول في نفسي: – ويحه! فأين وجيب القلب وكشف الرب؟
اعلم يا رفيق دربي أنه توجد في الطبيعة ثلاث قوى غيبية: الوحي والعقل والقلب. هزّ رأسه وقد بدا عليه الاهتمام وأنصت فتابعت كلامي مختصراً إياه قدر المستطاع: – فإن مال المرء جهة الوحي وحده صار ظاهرياً. وإن مال جهة العقل وحده صار فيلسوفاً. وإن مال جهة القلب وحده صار صوفياً. – ألا يمكن أن يميل إليها كلها؟ – إن أرادها كلها فلا بدّ له أن يبني جسوراً بينها. – وكيف يبني هذه الجسور؟ – بين الوحي والعقل لا بدّ من جسر التفسير. وبين الوحي والقلب لا بدّ من جسر التأويل.
وماذا بين العقل والقلب؟ – بين العقل والقلب لا بدّ من جسر الحب.