‫محمد علي الكبير‬ (Arabic Edition)
Rate it:
35%
Flag icon
وأسوأ من ذلك أن زعماءهم هم الذين دبروا الغدر بالأمراء المصريين فلطخوا يديه — وهو الرجل الذي يمقتُ المذابحَ ويستنكرُ الوحشية والقوة في كل مظاهرها — بدمائهم في مذبحة القلعة في سنة ١٨١١، ولما كان محمد علي أكبر من أن يحمل غيره مسئولية عمل تم بموافقته فقد التزم السكوت ولم يشر إلى أصل الغدر وحقيقته، إن ذلك الغدر كان الشرط الأساسي لقبول الزعماء الألبانيين السفر لمحاربة الوهابيين في بلاد العرب،
39%
Flag icon
وكان صاحب فِراسة؛ إذا تكلم أحد أمامه بلغة أجنبية فَهِمَ من النظر إلى حركته وإشارته مقصدَه، يستشير العقلاء والعلماء في جُلِّ أُموره، وكان نشيطًا يحب الحركة ويَكره الكسل والبطالة، قليل النوم، سريع اليقظة، يستيقظ غالبًا عند الفجر يسمع بنفسه العرضحالات التي تعرض له يوميًّا عند الصباح ويعطي عنها جوابًا ثم يذهب لمناظرة العمارات الأميرية التي كان مغرمًا
52%
Flag icon
والحال أن ضباط الجيوش الأوروبية في وقت محمد علي وفي وقتنا الحاضر ينتمون للطبقة الوسطى أو لطبقة الأشراف، من شباب الطبقتين — كما هو الحال في مصرنا الآن — مَنْ يختار العسكرية ويلحق بمعاهدها اختارها ليعد لوظائف القيادة، وهذا صحيح على الأمم التي اختارت سياسة الجندية الإجبارية
53%
Flag icon
وأن لا أساس لم زعموه من تعصبه للترك عليهم — بل إن كبار رجال العسكرية الأوروبيين كثيرًا ما عبروا له ولإبراهيم عن رأيهم بأن أضعف ما في جيشه ضُبَّاطه غير المصريين،
53%
Flag icon
أما التعصب الضيق فلا ظل له، نقرأ في أمر من أوامره، أصدره إلى محافظ دمياط «بأنه علم بالاحتفالات التي قوبل بها الآي حسين بك من الأهالي والقناصل وبما تَفَوَّهَ به علي أغا ناظر السلخانة، وقوله في محفل الاستقبال: صار الفلاحون العمي عساكر! مهما كانوا لا يكونون مثل عساكرنا الترك. وعليه فاضربوه ١٠٠ نبوت على أليته ويُنفى وإن عاد يُصلب»، هذا ما حدث لعلي أغا عندما أخذتْه النعرة القومية،
64%
Flag icon
والصناعة الكبرى لم تخفق في مصر — كما يتوهم الكثيرون — إن الذي حدث كان عدولُ محمد علي عن الاستمرار في منشآته الصناعية بعد إنقاص جيشه ومحو أسطوله.
68%
Flag icon
لقد وضعت يدي على كل شيء، ولكن لكي أجعل كل شيء مثمرًا.
72%
Flag icon
فهو يقضي على البغاة أو الثائرين؛ لأنه يعمل على إحياء العالم العثماني، ولأن الإحياء خطته هو، والعمل عمله هو، ولا نحتاج عندما نتكلم على حروبه مع حكومة السلطنة إلى البحث فيما وعد السلطان ولم ينجز، أو إلى الفصل فيما بينه وبين والي عكا من خصام، بل نرتفع بالبحث إلى مرتبة أرقى فنقول: أَتَعَذَّرَ على محمد علي أم لم يتعذر المضيُّ في عمله بلا إرغامٍ لحكومة السلطنة على التسليم له بحرية العمل؟ وهكذا نتصور الأمر.
78%
Flag icon
ونَوَدُّ لو اتسع أفق المؤرخ (من أي أمة كان) عند كتابته تاريخ الاتصال ما بين مصر والسودان الذي أنشأه محمد علي على اتساع الآفاق التي فتحها الفتح المصري؛ نود ألا ينحصر الأمرُ في أن ما أتى بعدُ كان خيرًا مما فات قبلُ، أليس المعقول أن يكون الأمر كذلك؟ أليس المعقول أن الإدارة التي تملك السكك الحديدية والسفن البخارية، والتلغراف والتلفون، وطب المناطق الحارة، والأخصائيين في الدراسات الاجتماعية والعلمية النظرية والتطبيقية، والمهندسين، والمعلمين، وغيرهم من الفنيين والجنود النظاميين؛ لديها أدواتٌ ووسائلُ لم تملكها إدارة ما في كل أنحاء المعمورة في سنة ١٨٢٠؟
79%
Flag icon
أول تلك الأشياء أن محمد علي الحاكم المسلم بعث جيشًا من المسلمين للفتح في بلاد إسلامية تُجاورها بلاد الزنوج الوثنيين وبلاد الحبش، ومنهم مسلمون ومنهم نصارى أو يهود، ومثل هذا الفتح ليس امتلاكًا ولا استعمارًا؛ فالمسلمون لا يملكون رقاب المسلمين، فالفتح هنا ضم جزء من دار الإسلام إلى الأمة الإسلامية لإحياء ذلك الجزء بإشراكه في الحياة الإسلامية الكبرى، ولنزد تحديد ذلك بيانًا (ولننقل في هذا عن رجل نقلنا عنه في مواضع أخرى: رفاعة، وقد سكن السودان منفيًّا في أيام عباس الأول)، لاحظ رفاعة على الأهلين «قبولهم للتمدُّن الحقيقي؛ لدقة أذهانهم؛ فإن أكثرهم قبائل عربية»، كما لاحظ «أن اشتغالهم بما ألفوه من العلوم ...more
82%
Flag icon
واتهمه الأوروبيون بأنه عمل على استئصال الأمة اليونانية وتطهير أرضها قضًّا وقضيضًا ليُنزل بها عربًا أو سودانًا مسلمين، وقد دفع المؤرِّخون الأوروبيون المحدثون هذه التهمة عنه وبَيَّنُوا أنها فرية لا أصل لها، وشرحوا أن في مثل حرب المورة؛ أي في الحرب ضد ثورة قومية؛ يصعب على القائد — أو يستحيل عليه — أن يفرق في عملياته الحربية بين أعدائه المحاربين من الجنود وأعدائه المحاربين من غير الجنود، كما أن سلامة عسكره قد تقتضي تخريب القرى والحقول، وشرحوا أيضًا ما أدت إليه طبيعة تلك الحرب من أن الأسر لا يسري على الجنود فقط بل يمتد إلى نسائهم وصغارهم، ثم بينوا ما بذله محمد علي — من الجهد والمال — لجمع مَنْ ...more
83%
Flag icon
وقد رفض السلطان رفضًا تامًّا أن يقبل أي تدخل أوروبي فيما اعتبره شأنًا داخليًّا عثمانيًّا صرفًا، بل وأقسم ودموعه تسيل على خديه لَيقتلن كل يوناني في مملكته، وإذا لم يصد هذا الأوروبيين، لَيقتلن الأرمن وغيرهم من رعاياه، بل ليخلطن دماء الفرنجة بدماء الرعايا من أهل الذمة،
Mohammed Gaber Ramadan
سبحان الله
85%
Flag icon
ومضت الثورة اليونانية بعِبَرها، وبان لمحمد علي أن حكومة السلطنة تفهم العمل معه على وجه استغلاله إلى أقصى حدود الاستغلال، وليتها تحسن ذلك، فهو لا يكره إطاعة حكومة عليا رشيدة تعمل على بلوغ أهداف العزة والكرامة والرفاهية، ولكن ماذا أثبت السلطان ورجاله في أزمة نافارينو وفيما قبلها وبعدها؟ أثبت السلطان — كما قال محمد علي — أنه يتشبث تشبث الخنزير، وأثبت رجاله أنهم أبلد من الحمير، وبان له أيضًا أن أوروبا على اختلاف الأهواء قد تتحد، وبان له ثالثًا أنه لكي يساوم ينبغي أن يكون بيديه ما يساوم به وعليه، فلم يكفه الاستعداد للجلاء عن المورة للمساومة، وبان له أخيرًا أن إنجلترة لا تتحمس كثيرًا في الأحوال ...more
89%
Flag icon
كانت تملأه الحسرة ويتقطع فؤاده أسًى كلما تقدمت به السن وكلما خطر أمام عينيه شبح الزوال! زوال ماذا؟ زوال دور الصناعة والأساطيل والمصانع والمدارس والمعاهد والترع والجسور والقناطر، وزوال كل ما أنشأه هو وشعبه بعرق الجبين بل بعرق الدم، أيستطيع أن يسمح بانتقال هذا التراث لباشا من بشاوات السلطنة يبدده ويخربه كعادة الباشوات، لا بد من الضمانات ضد الزوال، لا بد من الحركة.
96%
Flag icon
وبموجبه تعهد محمد علي بإخلاء الشام وإعادة الأسطول العثماني نظير منحه حكومة مصر بصفة وراثية، وعلى أساس هذا الاتفاق صدرت في سنة ١٨٤١ الفرمانات السلطانية المحددة لمركز مصر. بدأ بتلك الفرمانات عهد الخديوية المصرية، ولكن الخديوية لم تتخذ شكلها في التأريخ إلا بعد موت محمد علي، ذهبتْ فتوحه واختفى أسطوله وانكمش جيشه ولكنه لا يزال مهيب الجانب، عالي الصيت، يتألق من جبينه جلال المشيب ونور المجد، فمنع عن مصر في السنوات التي بقيت له النزول إلى ما قدره لها أصحاب تسوية سنة ١٨٤١، إلى مرتبة النيابات العثمانية الراكدة ومناطق المشروعات الاستغلالية الأوروبية.
99%
Flag icon
كتب لابنه سعيد أن يقتدي بأستاذه فارس أفندي وأن يتطبَّع بأخلاقه؛ لاتصافه بحسنها، ثم نبَّه على ابنه ألا يتناول الطعام معه؛ لأن فارس أفندي كان يستنكر بدعة استعمال الشوكة والسكين، فينبغي على ابنه أن يتجنب ما يؤلم شعور الأستاذ، أرأيت رقة المجاملة؟
قال محمد علي في أواخر أيامه: «ما كنت أؤمل ولا أتعشم في الوصول إلى المراكز التي وصلنا إليها اليوم، وصارت آمالي الآن آخذةً في الازدياد؛ ولذلك يسهل عليَّ إتلاف أحد أسرتي الحاكمة على ثلاثة ملايين من النفوس في سبيل عمارة وإصلاح الوطن الذي هو أقصى مرغوبي.»
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.