أصحاب القرائح الشعرية لا يتمتعون بالحياة الحقيقية كبقية الناس؛ فإن حياتهم كلها ذاهبة بين أمل في المستقبل أو ذكرى للماضي، وقلَّ أن تستقر بهم نفوسهم في الحاضر الراهن؛ لأنه دائمًا على غير ما يشتهون. والشاعر مكتوب عليه الشقاء ما دام مطبوعًا على مواهب الشعراء، فهو حاد الخيال تُصوِّر له قريحته العالم حافلًا باللذة والنعيم مترعًا بالصفو ودواعي الهناء مما لا يُصدقه الواقع، وتريه الناس على صورة من خلوص الضمائر وصفاء السرائر وطهارة الأخلاق تبرهن المعاشرة على خلافها، وهو لطيف الإحساس دقيق الشعور يوجعه ما لا يكاد يُحس به غيره، وتفعل في نفسه الوخزةُ الهينة ما لا تفعله الطعنة القاسية في نفس غيره، وهو فاتر
...more

