كانت المعرفة الإنسانية بوجوه الاتصال بين الظاهرات المختلفة، ضئيلة إلى حد مست الحاجة عنده إلى فرض مجموع من مختلف الآلهة وأنصاف الآلهة، يرجع إليهم السبب في وجود كل حلقة من حلقات الظاهرة، منفصلة عن المجموع. ولما ضربت الإنسانية في سبيل العلم الطبيعي، قلَّت الآلهة عندها ولم يبق منها غير نزر يسير معللًا بها بعض الظاهرات التي كانت أسبابها الأولى لا تزال رهن التحقيق العلمي، ومضت الإنسانية بعد ذلك ممعنة في الكشف عن كثير من حقائق الكون، حتى استقر اعتقادها في النهاية على إله واحد اقتصرت إرادته على التدخل في بعض الظاهرات دون بعض، وبطرق موسومة بطابع العلم والحكمة.