Kindle Notes & Highlights
بل أقول إن جوع الإنسان للشك أشد من جوعه إلى الاعتقاد، وذلك طوعًا لتركيب قواه العقلية، فالإنسان الأول عندما اعتقد بأن لهذا الكون سببًا لم يأت اعتقاده إلا من طريق الشك في أنه ليس له سبب،
على أن الفيلسوف (أوغست كونت) قد عبر عن هذا المعنى من غير احتياج إلى اللجوء إلى ترجيحات، قال: إن الاعتقاد في إرادات أو ذوات عاقلة، لم يكن إلا تصور باطل نخفي وراءه جهلنا بالأسباب الطبيعية. أما الآن وكل المتعلمين من أبناء المدنية الحديثة يعتقدون بأن كل الحوادث العالمية والظاهرات الطبيعية لا بد من أن تعود إلى سبب طبيعي وأنه من المستطاع تعليلها تعليلًا مبناه العلم الطبيعي، فلم يبق ثمة من فراغ يسده الاعتقاد بوجود الله، ولم يبق من سبب يسوقنا إلى الإيمان به.
هذه هي النقطة: إن ليس جميع الأسئلة لها إجابات علمية مرضية. لا زال هناك أسئلة لا نملك لها إجابات وهنا يختار بعض الناس أن يؤمنون بافتراضات (يروها هم حقائق ويراها غيرهم خرافات) لسد فجوة الجهل وللاستكانة لإجابات ترضي نفوسهم الخائفة من المجهول.
كانت المعرفة الإنسانية بوجوه الاتصال بين الظاهرات المختلفة، ضئيلة إلى حد مست الحاجة عنده إلى فرض مجموع من مختلف الآلهة وأنصاف الآلهة، يرجع إليهم السبب في وجود كل حلقة من حلقات الظاهرة، منفصلة عن المجموع. ولما ضربت الإنسانية في سبيل العلم الطبيعي، قلَّت الآلهة عندها ولم يبق منها غير نزر يسير معللًا بها بعض الظاهرات التي كانت أسبابها الأولى لا تزال رهن التحقيق العلمي، ومضت الإنسانية بعد ذلك ممعنة في الكشف عن كثير من حقائق الكون، حتى استقر اعتقادها في النهاية على إله واحد اقتصرت إرادته على التدخل في بعض الظاهرات دون بعض، وبطرق موسومة بطابع العلم والحكمة.
أدرك الحس الإنساني الحركة، وبالحركة قاس الزمان، ولكن هل للزمان أوَّل؟
حكم المجنون على العاقل بأنه مجنون، لهو تزكية لعقل العاقل.
فالبرج هو مجموع النجوم الذي يكون عند الأفق مدة شهر من الزمان حيث تغيب الشمس. وهذا الاسم هو الذي أطلقه عليه القدماء، وقالوا إن الشمس تغيب في هذا البرج أو ذاك بحسب غيابها في شهور السنة. وكانوا قد قسموا السنة إلى اثني عشر شهرًا، فقالوا إن البروج اثنا عشر حسب شهور السنة، وسموها بأسماء مختلفة، وقد جمع بعضهم أسماءها العربية بقوله: حمل الثور جوزة السرطان ورعى الليث سنبل الميزان ورمى عقرب بقوس لجدي نزح الدلو بركة الحيتان وكان القدماء قد انتبهوا إلى أن موقع الشمس بين الكواكب يتغير من يوم إلى آخر مدة السنة، ثم يعود في بداءة السنة التالية كما كان في بداءة التي قبلها وهلم جرا، كأنها تنتقل في منطقة من
...more