الصداقة كما عرفت منك يا صديقي السماوي لا تكون كذلك حتى تدع الإنسان كأنه يشعر في السراء والضراء بنفسين، فيضاعف له السرور؛ لأن كلتا النفسين تطلب الزيادة منه ويضعف عنه الهم؛ لأن كلتاهما تعمل لنقصه إذ هو همُّ نفس واحدة وتوزعته نفسان ويكون الإنسان في الحالة الأولى كأنه يتلقى روح النعمة لنفسه بروح السرور من صديقه، وفي الحالة الثانية كأنه يتلقى روح الجزع بروح الاطمئنان، وإن أشقى الناس من لا يستطيع أن يجد إلى جنبه في سَورة الجزع نفسًا أخرى تجزع له باطمئنان ليطمئن في جزعه، وهي الصداقة بعينها، وما يُلقَّاها إلا ذو حظ عظيم.

