فيمكن أن يقال: إن كل اعتناءٍ في حسن معاملة هذه الحيوانات وتغذيتها لا يؤدي إلى غير إفسادها، وقُلْ مثل هذا عن الإنسان، وذلك أنه عندما يصبح أنيسًا وعبدًا يصير ضعيفًا جبانًا ذليلًا، ومن شأن طراز عيشه الرغيد المخنث أن يوهن قوته وشجاعته، وَلْنُضِفْ إلى هذا وجود فَرْقٍ بين الرجل الوحشي والرجل المتمدن أكبر مما بين الحيوان الوحشي والحيوان الأهلي، وذلك بما أن الطبيعة تعامل الإنسان والحيوان على السواء، فإن ما يمنحه الإنسان نفسه من رغدٍ أكثر مما يمنحه الحيوانات التي يؤنسها يُعَدُّ أسبابًا خاصةً في انحطاطه أكثر من انحطاطها.

